يوم القيامة خمسين ألف سنة أو ألف؟

بسم الله الرحمن الرحيم 

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد 

المسألة: 

قوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إلى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾(1) وقوله تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾(2) أليس بين الآيتين تنافٍ حيث عدَّت الآية الاولى مقدار اليوم بألف سنة وعدته الآية الثانية بخمسين ألف سنة؟

الجواب:

ليس بين الآيتين أدنى تنافٍ لأنَّ احدهما تتحدَّث عن وقتٍ غير الوقت الذي تتحدَّث عنه الاخرى.

فالآية الثانية متصدِّية لتحديد مقدار الوقت الذي يستغرقه يوم القيامة بحساب أيام الدنيا وسنيِّها وأفادت أنَّ مقداره خمسين ألف سنة، والذي يدلُّ على أنَّ الآية متصدِّية لذلك هو الآيات التى وقعت الآية في سياقها.

فالآية المباركة وقعت في سياق قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ / لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ / مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ / تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ / فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا / إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا / وَنَرَاهُ قَرِيبًا / يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ﴾(3). فالآية المباركة واقعة في سياق هذه الآيات الصريحة في التصدِّي للحديث عن يوم القيامة. 

وأمَّا الآية الاولى فهي متصدِّية للحديث عن مقدار اليوم الذي يُدبِّر الله تعالى فيه الأمر من السماء إلى الارض ثم يعرج إليه فهذا اليوم مقداره ألف سنة بحساب الدنيا وهو يتَّصل بشؤون الخلق والتدبير في النشأة الأولى، ولا صلة له بتحديد مقدار يوم القيامة.

والذي يدلُّ على أنَّ الآية متصدِّية لذلك هو الآيات التى وقعت في سياقها قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ / يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إلى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ / ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ / الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ﴾(4).

وبما ذكرناه يتَّضح أنَّه لا تنافي بين الآيتين بعد أنْ كان المحدَّد بألف سنة غير المُحدَّد بخمسين ألف سنة.

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة السجدة / 5.

2- سورة المعارج / 4.

3- سورة المعارج / 1-8.

4- سورة السجدة / 4-7.