أفضل سورة في القرآن؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما هي أفضل سورةٍ في القرآن الكريم؟

الجواب:

المشهور بين علماء المسلمين من الفريقين أنَّ أفضل سورةٍ في القرآن هي سورة الفاتحة، ويُمكن أن يُستأنس ذلك من قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ﴾(1) فالسبع المثاني هي سورة الفاتحة، وظاهر الآية المباركة أنَّها في مقام البيان لِما حظِيَ به النبيُّ (ص) من نعمةِ الله تعالى عليه بوحي القرآن إليه، فأفادت أنَّه تعالى آتاه السبع المثاني والقرآن العظيم، فجعلت الآيةُ المباركةُ السبعَ المثاني بإزاء القرآن العظيم رغم أنَّها جزءٌ منه، وذلك يُعبِّر عن خصوصيَّة للسبع المثاني تميَّزت بها عن سائر سور القرآن ممَّا اقتضى إفرادها بالذكر وجعلها في مقام الاِمتنان بإزاء القرآن كاملاً وكأنَّها عدلٌ لتمام القرآن.

وكذالك يُمكن تأييد الدعوى بأنَّ الفاتحة هي أفضل سور القرآن بماهو ثابتٌ عند عموم المسلمين أنَّه لا صلاة -سواءً كانت فريضةً أو نافلة- إلا بفاتحة الكتاب، فإيجابُ اللهِ تعالى التلاوةَ لفاتحة الكتاب مرَّتين في كلِّ صلاة مشعرٌ بتميُّزها وتفضيلها على سائر السور بعد الالتفات إلى أنَّه تعالى لم يفرض تلاوة غيرها من السور في الصلاة تعييناً إلا ما ثبت لبعض النوافل.

وكذلك فإنَّ تسمية الفاتحة في الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم البيت) بأمِّ الكتاب وأُمَّ القرآن مؤيِّد آخر على أنَّها الأفضل بين سور القرآن الكريم، فمِن ذلك ما ورد في معتبرة الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: "إِذَا لَمْ تَدْرِ ثِنْتَيْنِ صَلَّيْتَ أَمْ أَرْبَعاً ولَمْ يَذْهَبْ وَهْمُكَ إلى شَيْءٍ فَتَشَهَّدْ وسَلِّمْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ تَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ تَشَهَّدْ وسَلِّمْ" (2).

ومنه: ما ورد في معتبرة الرهط عن الباقر والصادق (ع) في كيفية صلاة الآيات: ".. قال: قلتُ: وإنْ هو قرأ سورةً واحدة في الخمس ركعات ففرَّقها بينها؟ قال: أجزأه أمُّ القرآن في أول مرَّة، وإنْ قرأ خمس سورٍ فمع كلِّ سورة أمُّ الكتاب.."(3).

ومنه: رواية أبي بصير قال: سألتُ أبا عبد الله (ع) عن رجلٍ نسي أمَّ القرآن قال: إنَّ كان لم يركع فليُعدْ أمَّ القرآن"(4).

هذا وقد ورد في تفسير العياشي عن إسماعيل بن أبان، يرفعه إلى النبيِّ (ص) قال: قال رسول الله (ص) لجابر بن عبدالله: "يا جابر، ألا أُعلمك أفضل سورةٍ أنزلها الله في كتابه؟ قال: فقال جابر: بلى -بأبي أنت وأمي يا رسول الله- علِّمْنيها. قال: قال: فعلَّمه (الْحَمْدُ لِلَّه) أمَّ الكتاب. قال: ثم قال له: "يا جابر، ألا أخبرك عنها؟". قال: بلى -بأبي أنت وأمي- فأَخْبرني. قال: "هي شفاءٌ من كلِّ داء، إلا السام » يعني الموت"(5).

فالروايةُ صريحة في أنَّ الفاتحة هي أفضل سور القران إلا أنَّها ونظراً لعدم تماميَّة سندها فإنَّها لا تصلح إلا للتاييد

وكذلك يُمكن التأييد بمثل ما رواه البخاري بسنده عن أبي سعيد بن المعلَّى قال: قال لي رسول الله (ص): لأعلمنَّك سورةً هي أعظم السور في القرآن قبل أنْ تخرج من المسجد ثم أخذ بيدي فلمَّا أراد أنْ يخرج قلتُ له: ألم تقل لأُعلِّمنك سورةً هي أعظم سورةٍ في القرآن؟ قال: الحمد الله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أُوتيتُه" (6).

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة الحجر / 87.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج8 / ص219.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج7 / ص493.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج6 / ص89.

5- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج6 / ص232.

6- صحيح البخاري -البخاري- ج5 / ص146.