﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ (3)

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، الواحدِ الذي لا بِدء له، الملكِ الذي لا زوالَ له، الرفيعِ الذي ليس فوقَه ناظرٌ، ذي المغفرةِ والرحمةِ، المحمودِ لبذْلِ نوائلِه، المعبودِ بهيبةِ جلالِه، المذكورِ بحُسنِ آلائِه، المنَّانِ بسعةِ فواضلِه، المرغوبِ إليه في تمامِ المواهبِ من خزائنِه، العظيمِ الشأن، الكريمِ في سلطانِه، العليِّ في مكانِه، المُحسنِ في امتنانِه، الجوادِ في فواضلِه. وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ (ص).

 

أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه ونفسي بِتَقْوَى اللَّه، فَإِنَّ اللَّه يُنْجِي مَنِ اتَّقَاه بِمَفَازَتِهِمْ، لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ ولَا هُمْ يَحْزَنُونَ ويُكْرِمُ مَنْ خَافَه، يَقِيهِمْ شَرَّ مَا خَافُوا ويُلَقِّيهِمْ نَضْرَةً وسُرُوراً، واعلموا عباد الله أنَّه لَا يَصِلُ إلى اللَّه مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ إِلَّا مَا خَلَصَ مِنْهَا، ولَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ إِلَّا مِنَ الْمُتَّقِينَ، وقَدْ أَخْبَرَكُمُ اللَّه عَنْ مَنَازِلِ مَنْ آمَنَ وعَمِلَ صَالِحاً وعَنْ مَنَازِلِ مَنْ كَفَرَ وعَمِلَ فِي غَيْرِ سَبِيلِه وقَالَ: ﴿ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَه النَّاسُ وذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ / وما نُؤَخِّرُه إِلَّا لأَجَلٍ مَعْدُودٍ / يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِه فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وسَعِيدٌ / فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ / خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ / وأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾(1).

 

قال اللهُ تعالى في محكمِ كتابه المجيد: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾(2) صدق الله مولانا العلي العظيم.

 

ذكرنا في حديثٍ سابقٍ أنَّ القرآنَ الكريمَ تصدَّى في العديدِ من الآياتِ للنهيِ عن مِشيةِ التكبُّر وشدَّدَ النكيرَ على مَن يمشي في الناسِ متبختراً مستعلياً عليهم، فمِن تلك الآياتِ قولُه تعالى: ﴿ولاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً﴾(3).

 

فالآيةُ بعد أنْ نهتْ عن مِشية التكبُّرِ والخيَلاءِ أفادتْ بأنَّ تصنُّعَ الكبرياءِ لا يُغيَّرُ من واقعِ الأنسانِ شيئاً، فهو صغيرٌ وإن تَعاظمَ وتعملقَ، وهو ضعيفٌ وإنْ توهَّم القوَّةَ والمَنَعةَ، فالأرضُ التي يمشي عليها ليس في وسعِه أنْ يخترقَها بوقعِ أقدامِه، فهي أصلبُ منه، وأشدُّ قسوةً وثباتاً وتماسُكاً، ولو قُدِّر له أنْ تعثَّرَ فسقطَ عليهاً لتحطَّمت عظامُه، فلماذا الاستعلاء؟! وهذه الأرضُ التي يسعى في أرجائها متبختِراً تحوطُها جبالٌ شامخاتٌ راسياتٌ، فهو وإنْ تطاولَ فليس في وسعِه مطاولتُها والإدراكُ لشأوهِا بل قد لا يُدركُها بأقصى بصره، فعلامَ التكبُّر؟! ﴿إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً﴾(4) وفوق هذه الأرضِ المتراميةِ الأطرافِ وما يكتنفُها من جبالٍ سامقات سماءٌ وفوقَ السماءِ سماء، وبعد السماءِ سماء، وثمةَ بروجٌ وأفلاكٌ، ومجرَّاتٌ تحتضنُ الملايينَ من النجومِ والكواكب، فأيُّ شيءٍ يمثِّلُه الإنسانُ في قبالِ هذا الكونِ العريض؟! حتى يُسوِّغ لنفسِه الاستعلاءَ والتكبُّر، فلو أخبر أحدُهم انَّه وجد نملةً مُتغطرسةً تتبخترُ في مِشيتها، لكان خبرُه مثاراً للسخريةِ والتندُر، وذلك لأنَّ النملةَ في ضآلة حجمِها لا يليقُ بشأنِها التبخترُ والاستعلاءُ، والحقُّ انَّ الأجدرَ بالسُخريةِ والتندُّرِ هو الانسانُ الذي منحَهُ اللهُ تعالى عقلاً وبصراً يُدركُ به ما حولَه فهو يرى هذا الكونَ بأرجائه وسعةِ آفاقه وضآلةَ ما يُمثِّلُه بالإضافة إليه ورغم ذلك يستعلي ويتبجَّحُ بقوتِه، فهو أولى بالسخريةِ من نفسِه لو كان راشداً.

 

فقولُه تعالى: ﴿إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً﴾(5) فيه تذكيرٌ للإنسانِ بواقعِه وحقيرِ شأنِه الذي يغلبُ على الإنسانِ الغفلةُ والذهولُ عنه، ولذلك يستكبرُ ويستعلي، وقد استعملَ أهلُ البيت (ع) ذاتَ الأسلوبِ، وهو تذكيرُ الإنسانِ بواقعه وضعفِه لأنَّ ذلك هو ما يُساعدُه على اصلاحِ نفسِه واستنقاذِها من شرَك الخُيلاءِ والكبر، يقولُ أميرُ المؤمنينَ (ع) فيما يُروى عنه: "عجبتُ لابنِ آدمَ أولُه نطفةٌ وآخرُه جِيفةٌ .. ثم يتكبَّر!"(6)، ورُوي عن الإمامِ الباقرِ (ع) أنَّه قال: "عجباً للمختالِ الفخورِ، وإنَّما خُلقَ من نطفةٍ ثم يعودُ جِيفةً، وهو فيما بين ذلك لا يَدري ما يُصنعُ به"(7).

 

ومن الآيات المحذِّرة من مِشيةِ التكبُّر قولُه تعالى في سورةِ لقمان: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور﴾(8). وتصعيرُ الخدِّ هو الميلُ بالوجهِ عن الناسِ استخفافاً بهم واستصغاراً لشأنِهم، والمرَحُ في المشيِ هو البطرُ والخُيلاءُ، ثم أفادت الآيةُ انَّ الخيلاءَ والفخرَ من السجايا الممقوتةِ التي لن يحظى واجدُها بحبِّ الله تعالى، فالمختالُ الفخورُ لن يكونَ قريباً من اللهِ تعالى وإنْ أجهدَ نفسَه في عبادةِ اللهِ وطاعتِه، فإنَّ القلبَ القريبَ من اللهِ تعالى هو القلبُ الخاشعُ المتواضعُ، ولهذا وردَ عن الرسولِ الكريم (ص) انَّه قال: "مَن تعظَّم في نفسِه أو اختالَ في مِشيتِه، لقيَ اللهَ تباركَ وتعالى وهو عليه غَضبان"(9) وورد عنه (ص) انَّه قال: "مَن مشى على الأرضِ اختيالاً لعنتْه الأرضُ ومَن تحتَها ومن فوقَها"(10) وهذا هو معنى قولِه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور﴾ فالمُختالُ الفخورُ ممقوتٌ مطرودٌ من رحمةِ الله تعالى.

 

وقد شنَّع القرآنُ الكريمُ على قارونَ الذي منحَهُ اللهُ تعالى ثروةً فتوهَّم انَّه إنَّما حظيَ بذلك لتميُّزه في عقلِه وتدبيرِه فدفعَه ذلك الوهمُ إلى أنْ يتباهى بنفسه على قومِه، فكان يخرجُ عليهم في زينتِه مزهوَّاً بذاتِه متبختِراً في مِشيتِه، يقول تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾ فكان يمشي في موكبِه ومركبِه والنعالُ تخفقُ من خلفِه والخدمُ والحشمُ من ورائِه وبين يديه، وهو فرِحٌ جذِلٌ شامخٌ بأنفِه مستطيلٌ على مَن هم دونَه ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾(11) فالذينَ يُريدونَ الحياةَ الدنيا يرونَ أنَّ الذي يرفُلُ فيه قارونُ من النعيمِ هو أعظمُ شيءٍ يحظى به الإنسانُ، لذلك فهم لا يُخفونَ تحسُّرَهم وأسفَهم حيثُ لا يحظونَ بما حظيَ به قارونُ، مثلُ هؤلاءِ ينطوونَ على ذاتِ الروحِ المتعاليةِ التي ينطوي عليها قارونُ لكنَّهم لا يملكونَ ما يملكُه قارونُ، لذلك فهم يتصاغرونَ، ولو ملكوا لتجبَّروا. فالكثيرُ منَّا أيُّها الإخوة ينطوي على قلبِ فرعونَ لكنَّه لا يملكُ ما ملكَه فرعونُ من القوةِ والبطشِ، فلو تهيأ له ما كان قد تهيأ لفرعونَ لما كان أحسنَ حالاً منه، فالكثيرُ مِن أبناءِ الفقراءِ طغاةٌ جبَّارونَ يحملُ كلُّ واحد منهم بين جنبيه قلبَ فرعونَ وقلبَ هارونَ الرشيدِ، ولكنَّهم حفاةٌ لا يملكون ما كان قد ملكَه هارونُ الرشيد، لذلك ورد في المأثورِ انَّ رجلاً بائساً مرَّ على الإمام الباقر (ع) ينزعُ في مِشيتِه فقال الإمامُ (ع): إنَّه لجبَّار فقيلَ: يا أبا جعفر إنَّه رجلٌ سائلٌ يتكفَّفُ الناسَ فقال (ع): إنَّه جبَّار.

 

بعد ذلك نتوقَّفُ عند موقفٍ ذكرَه المُحدِّثونَ والمؤرخونَ لسيرةِ النبيِّ الكريمِ (ص) وهو يكشفُ جانباً من الأسلوبِ التربويِّ الرائقِ الذي كان يُمارسُه الرسولُ (ص) في مجتمعِه، فكانَ يُصحِّحُ به مفاهيمَ أو قل يُزرِّقُ به -إذا صحَّ التعبيرُ- مفاهيمَ جديدةً في ثقافةِ المجتمعِ، مرَّ النبيُّ (ص) في الطريقِ فوجدَ جماعةً من الناسِ متحلِّقينَ حولَ رجلٍ، فسلَّم عليهم، ثم قال: على ما اجتمعتم؟ -لِمَ أنتم هنا مجتمعونَ كالحلقة؟- قالوا: يا رسولَ الله هذا مجنونٌ يُصرَع، فاجتمعنا عليه. يعني انَّهم اجتمعوا حولَ رجلٍ تَظهرُ منه حركاتٌ مُستغربةٌ وينطقُ بكلماتٍ غيرِ متَّزنةٍ تستثيرُ بطبعها السُخريةَ والضحِكَ، لذلك اجتمعوا حولَه، وكانوا يتضاحكونَ ويسخرونَ منه، وهنا أرادَ النبيُّ (ص) أنْ يستثمرَ هذا الموقفَ ليَصنع منه مشهداً تربوياً، ويُزرِّقُ به مفهوماً جديداً لم يكن مألوفاً، فقال (ص): هذا ليس بمجنونٍ، هذا الرجلُ مُبتلى. التوصيفُ المناسبُ لهذا الإنسانِ هو أنَّه مُبتلى.

 

ثم قال: ألا أُخبرُكم بالمجنونِ حقَّ المجنون؟ هل تُريدونَ أنْ تعرفوا مَن هو المجنونُ الحقيقيُّ؟ ليس هو هذا المسكينَ، فهذا لم يكن سوى رجلٍ ابتلاهُ اللهُ تعالى في عقلِه، فما يصدرُ عنه خارجٌ عن إرادتِه، فلا يُلام على ما يفعلُ، ولا يستحقُّ منكم الاستهجانَ والسُخريةَ، فهو رجلٌ مُبتلى، والمُبتلى يُرثى له ويتأسَّفُ عليه، أما الذي يستحقُّ الاستهجانَ فهو المجنونُ الحقيقي، "ألا أُخبرُكم بالمجنونِ حقَّ المجنونِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: "المُتبخترُ في مِشيتِه، الناظرُ في عِطفيِه، المُحرِّكُ جَنبيهِ بمِنكبيهِ، يَتمنَّى على اللهِ جنَّتَه وهو يَعصيه، الذي لا يُؤمَنُ شَرَّه، ولا يُرجى خيرُه، فذلك المجنونُ، وهذا المُبتلى "(12).

 

صلى الله عليك يا رسولَ الله "طبيبٌ دوارٌ بطبِّه قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ، وأَحْمَى مَوَاسِمَه"(13)، فكم لهذا الموقفِ من أثرٍ تربويٍّ ينفتحُ منه لذوي الألبابِ والمروءاتِ آفاقٌ وآفاق، وكم لمثلِ هذا الموقفِ مِن نظيرٍ في سِيرته. فهو لا يوفِّرُ فرصةً دون توظيفِها فيما ينفعُ الناس يُؤسسُ لقيمٍ ويستبدلُ مفاهيمَ بأخرى تفيضُ رحمة ورشداً وتسوقُ الإنسانَ حيثُ الكمال.

 

ففي هذا الحديث الشريف يُنبِّهُ الرسولُ الكريم (ص) على انَّ اطلاق وصفِ المجنونِ على أحدٍ يستبطنُ التنقُّصَ منه، ومن غير اللائقِ ولا من الذوقِ السليمِ أن يتمَّ التنقُّصُ والتعييرُ لأحدٍ بعيبٍ ابتُلي به عن غيرِ اختيارٍ منه، فالفاقدُ لعقلِه عن غيرِ اختيارٍ منه لا يليقُ بذوي المروءات والأخلاقِ الفاضلةِ التنقصُ منه، ولهذا كان المناسبُ وصفَه بالمُبتلى، وإذا كان مِن أحدٍ يستحقُّ التنقُّصَ والتعييرَ بإطلاق وصفِ المجنونِ عليه فهو من فقدَ عقلَه عن سوءِ اختيارٍ منه، فالمجنونُ هو المحجوبُ عقلُه عن رؤيةِ الواقع، فإنْ كان ذلك عن غيرِ اختيارٍ فهو لا يستحقُّ الاستهجانَ والتعييرَ، وإن كان فقدُه لعقلِه ورشدِه عن سوءِ اختيارٍ منه كما هو الشأنُ في المُتبخترِ فهو مستحقٌّ لوصفِه بالمجنون، فالمتبخترُ المتعالي على الناس مجنونٌ، لأنَّ المجنونَ هو مَن كان عقلُه محجوباً عن رؤية الواقع، والمتكبِّرُ لا يكونُ إلا كذلك، فهو ينسجُ حولَ ذاتِه أوهاماً ليس لها نصيبٌ من الواقع ثم يتعاطى مع تلك الأوهامِ على أساسِ انَّها الواقعُ وينتظرُ من الآخرينَ أن يتعاملوا معه على أساس تلك الأوهامِ التي نسجها حول ذاتِه، ولهذا فهو مجنونٌ ومحجوبٌ عن الواقع، وهو مستحقٌ للتنقُّصِ لأنَّ جنونَه نشأ عن سوءِ اختيارِه.

 

فحينَ يتكبَّرُ الإنسانُ ويتعالى ويرى لنفسِه تميُّزاً على الناسِ وانَّه الكبيرُ فيهم والقادرُ والمكينُ وانَّ له أن يستطيلَ وأن يمنحَ وأنْ يعفوَ وأنْ يجفوَ وأن يفعلَ ما يشاءُ ويضرُّ مَن يشاء، فهذا مغلوب على عقلِه لأنَّ واقعَه ليس كذلك فهو أضعفُ من أنْ يملك لنفسِه نفعا أو أنْ يدفع عنها ضراً أو يجلبَ لها عافيةً أو يدرأَ عنها بؤساً، وإنْ كان يحظى بشيءٍ من الكمالاتِ فثمة مَن يحظى بما هو أوسعُ منها ثم إنَّه لا يملكُ أن يحتفظَ بهذه الكمالاتِ، فقد يُمسي واجداً لها فيُصبحُ وقد فقدَها كلَّها ثم لا عزاءَ له بعدها.

 

نسألك اللهم بما سألك به عبادك الصالحون أن لا تسلبنا صالحَ ما أنعمتَ به علينا يا كريم

 

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ / وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا / فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾(14)

 

خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور

3 من جمادى الأولى 1437ه - الموافق 12 فبراير 2016م

جامع الإمام الصّادق (عليه السّلام) - الدّراز


1- سورة هود / 103-108.

2- سورة الفرقان / 63.

3- سورة الإسراء / 37.

4- سورة الإسراء / 37.

5- سورة الإسراء / 37.

6- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 1 ص 334.

7- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 16 ص 43.

8- سورة لقمان / 18.

9- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف -عبد العظيم المنذري- ج 3 ص 569.

10- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 73 ص 303.

11- سورة القصص/79.

12- الخصال -الشيخ الصدوق- ص 333.

13- نهج البلاغة -خطب الإمام علي (ع)- ج 1 ص 207.

14- سورة النصر.