مهارشة الديكة ومصارعة الثيران

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ثمة رياضة يُعبَّر عنها بمصارعة الثيران ومهارشة الديكة وهي عبارة عن إغراء ثورٍ بآخر وتحريشُ كلٍّ منهما على الآخر فيتصارعان، وقد يترتَّب على ذلك موت أحدهما أو إصابته بجروحٍ بليغة وذلك بمرأى من المشاهدين الذين يبذلون مالاً بإزاء حضورهم للمشاهدة، وهكذا الحال بالنسبة لرياضة المهارشة بين الديكة والمناطحة بين الكباش.

فهل هذه الرياضة مباحة أو محرَّمة؟ وعلى فرض إباحتها هل تجوز المراهنة على مصارعة الثيران ومهارشة الديكة؟ وهل يجوز بذل المال لمشاهدة هذه الرياضة؟

الجواب:

أمَّا حكم هذه الرياضة في نفسها فهو أنَّها مرجوحة شرعًا، وقد أفتى بعض علمائنا بحرمتها، هذا إذا لم يترتَّب عليها محذورٌ شرعي كتضييع المال وإلا فلا إشكال في ثبوت الحرمة، أمَّا منشأ المرجوحية والمبغوضية لهذه الرياضة فهو أنَّه عبثٌ ولهو وإيذاء للحيوان بغير وجهِ حق.

وقد أفادت الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) النهي عن مثل هذا العمل، وأفاد بعضها كراهيته ومرجوحيَّته.

منها: موثقة أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: سَأَلْتُه عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ فَقَالَ: كُلُّه مَكْرُوه إِلَّا الْكَلْبَ"(1).

ومنها: موثقة مِسْمَعٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ فَقَالَ: أَكْرَه ذَلِكَ إِلَّا الْكِلَابَ"(2).

منها: ما رواه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في الفقيه قال: "نهى رسول الله (ص) عن تحريش البهائم ما خلا الكلاب"(3).

وأمَّا المراهنة على مهارشة الديكة أو مصارعة الثيران أو ما أشبه ذلك والتي تعني التعاقد على أنْ يلتزم المغلوب بدفع مالٍ للغالب فهو قمارٌ محرَّم بلا خلاف ظاهرًا، فالمراهنة على مهارشة الديكة مثلاً معصية بل هي من المعاصي الكبيرة كما أنَّ المعاملة فاسدة أي أنَّ الغالب لا يستحقُّ المال الذي توافق عليه المتراهنان، فأكلُ المال المأخوذ من المغلوب أكلٌ له بالباطل.

ويدلُّ على كلٍّ من الحرمة التكليفية والوضعية رواياتٌ كثيرة منها ما ورد في معتبرة محمد بن خلاد عن أبي الحسن (ع) قال: "النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة، وكلُّ ما تُقومر عليه فهو ميسِر"(4).

فلأنَّ مطلق المراهنة قمار، ولأنَّ كلَّ قمارٍ ميسر وكلُّ ميسرٍ حرام تكليفًا ووضعًا لذلك كانت المراهنة على مثل مهارشة الديكة حرامٌ تكليفًا ووضعًا.

وأمَّا بذل المال بإزاء المشاهدة لرياضة المهارشة والمصارعة فهو جائز لو كانت المهارشة بغير رهان، وأما لو كانت برهان فإنْ تعنون ذلك بعنوان محرَّم كالإمضاء للمنكر فهو حرام وإلا كان جائزًا.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- الكافي -الكليني- ج6 / ص553، 554، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج11 / ص523.

2- الكافي -الكليني- ج6 / ص554.

3- من لا يحضره الفقيه -الشيخ الصدوق- ج4 / ص60.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج17 / ص323.