الإمام الجواد أعظم بركةً على شيعتنا

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

في الرواية: أنه لم يُولد مولود أكثر بركةً من الإمام الجواد (ع) فما معنى الرواية؟ وما هي هذه البركة؟

الجواب:

الوارد في ذلك هو مثل ما رواه الكليني في الكافي بسنده إلى أَبِي يَحْيَى الصَّنْعَانِيِّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) فَجِيءَ بِابْنِه أَبِي جَعْفَرٍ (ع) وهُوَ صَغِيرٌ فَقَالَ هَذَا الْمَوْلُودُ الَّذِي لَمْ يُولَدْ مَوْلُودٌ أَعْظَمُ بَرَكَةً عَلَى شِيعَتِنَا مِنْه"(1).

وروى الكليني أيضاً بسنده إلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) أنه قال وهو يشير إلى أبي جعفر الجواد: "هَذَا الْمَوْلُودُ الَّذِي لَمْ يُولَدْ فِي الإِسْلَامِ مِثْلُه مَوْلُودٌ أَعْظَمُ بَرَكَةً عَلَى شِيعَتِنَا مِنْه"(2).

والمُنصرَف من معنى البركة هو الخير الكثير والرزق الواسع، ولعلَّ منشأ تميُّز الإمام أبي جعفر الجواد (ع) بسمةِ أنَّه أعظم بركةً على شيعة أهل البيت (ع) هو أنَّ الله عزَّ وجلَّ جعله وسيلةً لاستدرار الرزق وقضاء الحوائج، فأهل البيت (ع) وإنْ كانوا جميعًا وسائل لاستدرار الرزق وقضاء حوائج الدنيا والآخرة إلا أنَّ الله تعالى -كما أفاد بعض العلماء- خصَّ كلَّ إمامٍ بما يتميَّز به، فمن أراد العافية مثلاً توسَّل بالإمام موسى بن جعفر (ع) ومَن أراد الأمان في الأسفار توسَّل بالإمام الرضا (ع) ومَن أراد الانتقام من الظالمين توسَّل بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ومَن أراد النجاة من السلاطين ومرَدة الشياطين توسَّل بالإمام زين العابدين السجاد (ع) وهكذا.

وعليه فالإمام أبو جعفر الجواد أعظم بركةً على شيعة أهل البيت (ع) لأنَّ الله تعالى جعل التوسُّلَ به سببًا لاتِّساع الرزق والتحصيل لموفور الخير.

ويُمكن تأييد هذا الذي أفاده عددٌ من العلماء الأفاضل بما أورده الكفعمي في كتابيه المصباح، والبلد الأمين في أدعية الساعات، فقد أورد لكلِّ ساعةٍ من ساعات النهار الإثني عشرَ دعاءً، وكان كلُّ دعاءٍ مشتملاً على توسٌّلٍ بأحد المعصومين الإثني عشر (ع) وقد اختصَّ كلُّ معصومٍ بشأنٍ يُتوسل به إليه، فالتوسُّل لتحصيل العافية من الأسقام كان بالإمام الكاظم (ع)، والتوسُّل لكفاية شئون الآخرة وأهوالها كان بالإمام الصادق (ع)، وأما التوسُّل بالإمام الرضا (ع) فكان للأمن والنجاة في الأسفار، وأما التوسُّل بالإمام الجواد (ع) فكان للاستغناء وسعة الرزق، فكان ممَّا ورد في الدعاء الشريف:

(يا مَن دعاه المضطرون فأجابهم والتجأ إليه الخائفون فآمنهم...أسئلك بحقِّ وليِّك محمد بن علي (ع) حجَّتِك البالغة ونعمتِك السابغة ومحجَّتِك الواضحة، واُقدِّمه بين يدي حوائجي ورغبتي إليك ان تصلِّيَّ على محمدٍ وآل محمد، وأنْ تجودَ عليَّ من فضلك وتتفضَّل عليَّ من وسعك بما أستغني به عمَّا في أيدي خلقك، وأنْ تقطع رجائي إلا منك وتخيِّبَ آمالي إلا فيك، اللهم وأسألك بحقِّ مَن حقُّه عليك واجب ممَّن أوجبتَ له الحق منك ان تصلِّيَ على محمدٍ وآل محمد وأن تبسط ما حظرته من رزقك وتسهِّل لي ذلك وتيسِّره هنيئًا مريئًا في يسرٍ منك وعافيتك برحمتك يا أرحم الراحمين ..)(3).

وأورد السيد هبة الله الراوندي في مجموع الرائق -بحسب جامع أحاديث الشيعة- في دعاء السفر فكان ممَّا اشتمل عليه الدعاء: (.. اللهمَّ إنِّى أسألك بحقِّ وليِّك محمدِ بن عليٍّ الجواد الا جُدتَ على من فضلِك وتفضَّلت عليَّ من وُسعِك، ووسَّعت عليَّ من رزقِك وأغنيتني عمَّن سواك، وجعلتَ حاجتي إليك وقضاءَها عليك، فإنَّك لما تشاءُ قدير)(4) 

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- الكافي -الشيخ الكليني- ج1 / ص321.

2- الكافي -الشيخ الكليني- ج6 / ص361.

3- البلد الأمين -الكفعمي- ص144، المصباح (جنة الأمان الواقية وجنة الإيمان الباقية) -الكفعمي- ص143.

 4- جامع أحاديث الشيعة -السيد البروجردي- ج16 / ص446، مستدرك الوسائل -النوري- ج8 / ص134،