السيرة الذاتية للإمام محمد الجواد (ع)

هو الإمام التاسع من أئمة أهل البيت (ع) وقد دلَّت على ذلك النصوص الكثيرة الواردة عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع).

وأما ما قد يُثار من أنَّ الإمام (ع) كان صغير السنِّ حين استُشهد والدُه الرضا (ع) فهو وإنْ كان كذلك إلا أنَّه لا يمنع عن القبول والإذعان بإمامته بعد أنْ تواترت النصوص والدلالات على إمامته، وبعد أنْ دلَّ القرأن الكريم على تأهُّل يحيى (ع) لمنصب النبوَّة وهو صبي وكذلك عيسى بن مريم (ع) والذي هو من أنبياء أولي العزم، وليس بعزيزٍ على الله عزَّ وجل أنْ يُؤهِّل من عباده مَن يشاء لحمل أعباء النبوَّة أو الإمامة، وليكن ذلك أحد أدلة الصدق على نبوَّة النبيِّ محمد (ص) حيث إنَّ واحداً من خلفائه يتأهل لِملَكةِ الإمامة وهو في عمر الصبا وتظهرُ على يديه من الكرامات والفضائل ما تُوجب اِنبهار ذوي الحِجى والفضل ممَّن عاصروه، فما دخلَ في مناظرةٍ إلا وأفحم خصمَه فيها، ولم يكن حين ذاك يتجاوز العاشرة من عمره، وكان خصمُه شيوخَ القوم وعلماءَهم، وما سُئل عن مسألةٍ إلا وأجاب عنها محتجَّاً بكتاب الله وسنَّة رسوله (ص)، هذا بالإضافة إلى ما ظهر على يديه من كرامات تناقلتها الرواة بطرقٍ متعددة ومعتبرة، وهي تعبرِّ عن موقعه السامي عند الله عز وجل.

اسمه وكنيته وألقابه

أمَّا اسمه فمحمد بن عليِّ بن موسى الرضا (ع)، وأما كنيته فأبو جعفرٍ الثاني، وأمَّا ألقابه التي عُرف بها فالتقي والمُنتجَب والجواد والمرتضى.

مولده

لم يختلف المؤرخون في سنة ولادته حيث قالوا إنَّها كانت في سنة خمس وتسعين ومائة للهجرة، واختلفوا في يوم ولادته، والمشهور بينهم هو أنَّها كانت في شهر رمضان المبارك في ليلة السابع عشر منه، وذهب بعضهم إلى أنَّها كانت في العاشر من شهر رجب من نفس السنة، وكانت في المدينة المنورة.

استشهاده وموضع قبره

استُشهد (ع) في آخر ذي القعدة سنة عشرين ومائتين للهجرة وقيل 225هـ، حيث دسَّ إليه الخليفةُ العباسي المسمَّى بالمعتصم سمَّاً بعد ان أشخصه قسراً إلى بغداد، وفيها دُفن مع جدِّه الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) في مقابر قريش، وقيل إنَّه استُشهد على يد الواثق بالله من خلفاء بني العباس.

مدَّة إمامته

نهض الإمام الجواد (ع) بأعباء الإمامة بعد وفاة أبيه الرضا (ع) وكان عمره حينذاك سبع سنين، واستمرَّت أيام إمامته (17) سنة وشهوراً، وقيل أكثر.

وقد مارس الإمام دور التوعية والتبليغ الديني بمقدار ما سنحت به الظروف، فقد كان معلِّماً ومربياً ومدافعاً عن الإسلام، ومتصدِّياً لمعالجة ما يُثار من شبهات، وقد كان يُمارس كلَّ ذلك من خلال خطاباته ومكاتباته وإجاباته عن الأسئلة ومناظراته التي كانت تُعقد في محافل العلماء، وقد تعمَّد المأمون وكذلك المعتصم عقد أكثر من مناظرة بين الإمام (ع) ووجوه العلماء لغرض إفحامه إلا أنَّ الأمر يكون على عكس ما يبتغيه الحاسدون الذين أساءهم ما يجدونه من إحتفاء الناس بالإمام (ع) وإكبارهم له، وقد كان يقصده العلماء على اختلاف مشاربهم خصوصاً في مواسم الحج.

من حكمه (ع):

1- "إظهارُ الشيء قبل أنْ يستحكم مفسدةٌ له"(1).

2- "المؤمن يحتاج إلى توفيقٍ من الله وواعظٍ من نفسه وقبولٍ ممَّن ينصحه"(2).

3- "الإصرار على الذنب أمنٌ لمكر الله، ﴿ولاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَـسِرُونَ﴾(3)".(4)

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

22/ذو القعدة/1424هـ


1- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج72 ص71.

2- تحف العقول -ابن شعبة الحراني- ص457.

3- سورة الأعراف / 99.

4- "والاصرار على الذنب أمن لمكر الله (ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)" تحف العقول -ابن شعبة الحراني- ص456.