حديث: خَضْرَاء الدِّمَنِ .. معناه وسنده

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

رُوي عن الرسول (ص) انَّه قال: "إِيَّاكُمْ وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّه ومَا خَضْرَاءُ الدِّمَنِ؟ قَالَ: الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السَّوْءِ"(1) ما معنى خضراء الدِّمَن؟ وهل هذا الحديثُ صحيح؟

 

الجواب:

الدِّمن: جمع دمنة وهو ما يتلبَّد من أبعار وأرواث وأبوال الإبل والغنم والبقر في مرابضِها ومعاطنِها ومواطن استراحتها أو رعيها، فهذه الأبعار والأرواث المختلطة بالأبوال والمتلبِّد بعضُها فوق بعض تُسمَّى دمنة، وقد تنبت في هذه القذارات بعد تيبُّسها أو قبله بعض النباتات الصغيرة عند هطول الأمطار، هذه النباتات الناشئة في هذه القذارات يُعبَّر عنها بخضراء الدِّمَن.

 

فخضراءُ الدمن: هي النبتةُ النضِرة التي تنبتُ في فضلات هذه الحيوانات المتلبِّد بعضُها فوق بعض، فهي نبتةٌ خضراء نضِرة ولكنَّها في منبتٍ وموضعٍ قذر.

 

ومفاد الرواية الشريفة هو تشبيه المرأة الحسناء الوضيئة المنحدرة من بيئةٍ سيئة بالنبتة الخضراء النضِرة النابتة فيما يتلبَّد من أبعار وفضلات الإبل والغنم.

 

وأمَّا سندُ الرواية فهو معتبر، وذلك لأنَّ الشيخ الكلينيَّ أخرج الرواية في الكافي عن عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّه (ص) خَطِيباً فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّه ومَا خَضْرَاءُ الدِّمَنِ قَالَ: الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السَّوْءِ".

 

وليس في السند اشكالٌ إلا من جهة النوفلي وهو الحسين بن يزيد لكنَّه وإنْ لم يرد فيه توثيقٌ صريح في كتب الرجال إلا أنَّه وقع في إسناد تفسير القمي(2)، وقد وثَّق الشيخ القمِّي (رحمه الله) كلَّ من رَوى عنه في هذا الكتاب، هذا مضافاً إلى أنَّه من المعاريف وهي أمارةٌ على الوثاقة ما لم تُعارض بتضعيف، وقد أكثر الأجلاء والقمِّيون الروايةَ عنه فليكن ذلك مؤيِّداً على دعوى الوثاقة، هذا مضافاً إلى أنَّ أغلب الروايات الواردة عن السكوني رواها عنه الحسين بن يزيد النوفلي وهي تربو على الثمانمائة رواية، وقد أفاد الشيخ الطوسي (رحمه الله) في العدَّة(3) أنَّ الطائفة عملت بروايات السكوني فيكون ذلك قرينةً على العمل بروايات النوفلي لأنَّ الطريق إلى روايات السكوني هو النوفلي غالباً، فلو لم يكن النوفليُّ ممَّن يُعمل بروايتِه لما صحَّ القول بعمل الطائفة بروايات السكوني لأنَّ الأعمَّ الأغلب من روايات السكوني وردت من طريق النوفلي ولم يرد عن السكوني من طريق آخر إلا روايات معدودة لا يصحُّ بلحاظها القول بأنَّ الطائفة عملت بروايات السكوني لو كانت الطائفة قد أهملت ما يزيد على الثمانمائة رواية وردت عن السكوني من طريق النوفلي والتي هي عامَّة روايات السكوني.

 

فسند الرواية الوارد في كتاب الكافي معتبرٌ دون اشكال نعم وردت الرواية من طريق آخر في كتاب معاني الأخبار للشيخ الصدوق (رحمه الله) وهذا الطريق مشتملٌ على عددٍ من المجاهيل، وكذلك رواها الشيخُ الصدوق في الفقيه(4) والمقنع(5) مرسلة، ورواها الشيخُ المفيد (رحمه الله) مرسلةً أيضاً في كتابه المقنعة(6).

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- الكافي -الشيخ الكليني- ج5 / ص332.

2- تفسير القمي -الشيخ عباس القمي- ج1 / ص4.

3- عدة الأصول -الشيخ الطوسي- ج1 / ص149.

4- من لا يحضره الفقيه -الشيخ الصدوق- ج3 / ص391.

5- المقنع -الشيخ الصدوق- ص305.

6- المقنعة -الشيخ المفيد- ص512.