هل قال الإمام (ع) للسارق: "يا أسود"؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

في الرواية أنَّ أمير المؤمنين (ع) سأل السارق: يا أسود هل سرقت؟ فلماذا ناداه بالأسود؟ أليس مِن غير المناسب أن ننادي أحداً بلون بشرتِه فكأننا نُعيِّرُه؟

الجواب:

رُويَ عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلتُ في بعض الأيام على أمير المؤمنين (ع) في جامع الكوفة، وإذا بجمٍّ غفير ومعهم عبدٌ أسود، فقالوا: يا أمير المؤمنين هذا العبد سارق. فقال له الإمام (ع): أسارقٌ أنت يا غلام؟ فقال له: نعم. فقال له مرَّة ثانية: أسارقٌ أنتَ يا غلام؟ فقال له: نعم يا مولاي. فقال له الإمام (ع): إنْ قلتها ثالثة قطعتُ يمينك. فقال له: أسارقٌ أنت يا غلام؟ قال: نعم يا مولاي"(1).

أورد هذه الرواية القطبُ الراوندي في كتابه الخرائج وكذلك أوردها ابن جرير الطبري الشيعي في نوادر المعجزات ولم يرد فيها أنَّ الإمام (ع) قال للسارق: يا أسود وإنَّما خاطبه بقوله (ع): "أسارقٌ أنت يا غلام؟" فحينما أقرَّ خاطبَه في المرَّةِ الثانية والثالثة بنفس الخطاب "أسارقٌ أنت يا غلام؟" والذي وصفَه بالأسود هو الراوي وليس الإمام (ع).

فالإمام بحسب الرواية خاطبه بقوله: يا غلام وأمَّا ما يتناقلُه البعض من أنَّ الإمام (ع) قال للسارق "يا أسود، سرقت؟" فهو غير منقولٍ في مصادر الرواية، نعم هو مذكورٌ في بعض الكتب المتأخِّرة، فلعلَّها نَقلتْ الرواية المذكورة عن المصدرين المذكورين أو غيرهما بالمعنى، لذلك فمِن غير المُحرَز أنَّ الإمام (ع) خاطبَ السارق بقوله: "يا أسود" بل مِن المُحرَز أنَّ الإمام (ع) لم يُخاطِب السارق بذلك لِما هو معلومٌ من مكارم أخلاق الإمام (ع) فأهلُ البيت (ع) في غاية النُبل والرفق حتى مع العصاة إلا أنْ يكونوا من المستكبرين الطغاة.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- نوادر المعجزات -محمد بن جرير الطبري ( الشيعي)- ص60، مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج18 / ص151-152.