من صفات المعصوم (ع) السلامةُ من العيوب

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما المقصود من القول: بأنَّ الإمام المعصوم (ع) لا بُدَّ وأنْ يكونَ مُعافى صحيحَ الجسم؟ وهل هناك أدلَّةٌ واردةٌ في هذا الشَّأن؟

الجواب:

الذي يعتقدُ به الشّيعة الإماميَّة هو أنَّ من الصّفات اللازم توفُّر النّبيِّ (ص) والإمامِ المعصومِ عليها هي السّلامةُ من العُيوبِ الخَلْقيّة التي يَعتبرُها النَّاس نقصاً أو التي تُوجبُ استيحاشَهم وتنفُّرَهم، فالأُولى مثلُ العمى، والثَّانية مثلُ الجُذام والبرَص والأمراضِ الوبائيَّة.

والمُستَندُ في ذلك هو أنَّ مثلَ هذه العيوب تحولُ عادةً دون القُدرة على هداية النّاس إمّا بسبب الضَّعف عن ذلك لفرض الابتلاء بالعاهاتِ المانعةِ عن ممارسةِ دورِ الهداية على الوجهِ الأكمَل، أو لأنَّ طبيعةَ النَّاس هي النّفورُ من كلِّ ذي مرض مُستَقذَر أو مَخوف، وذلك ما يُنافي مقتضى التّصدِّي للهداية والذي هو التّوفّر على أسبابِ الجذب أو لا أقل عدم التنفير.

وقد ورد في بعض الرّواياتِ الواردةِ عن أهلِ البيت (ع) ما يُعبِّر عن لزوم اشتمالِ الإمام المعصوم (ع) على صفةِ السّلامة من العُيوب.

منها: ما أورده الشيخ الصدوق بأسانيد مختلفه في عيون الأخبار ومعاني الأخبار وكمال الدين والأمالي عن عبد العزيز بن مسلم عن الإمام الرضا (ع) في حديث مبسوط بيَّن فيه مقام الإمامة وصفات الإمام المجعول من قبل الله تعالى فكان فيما أفاده (ع): "الإِمَامُ أَمِينُ اللَّه فِي خَلْقِه وحُجَّتُه عَلَى عِبَادِه وخَلِيفَتُه فِي بِلَادِه والدَّاعِي إِلَى اللَّه والذَّابُّ عَنْ حُرَمِ اللَّه الإِمَامُ الْمُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ والْمُبَرَّأُ عَنِ الْعُيُوبِ"(1).

والظاهر من العيوب -بمقتضى المقابلة مع التطهير من الذنوب- هي العيوب الخَلْقيَّة.

ومنها: ما رواه الكُليني بسندٍ صحيح إلى أبي عبد الله (ع) في خطبةٍ له يذكر فيها حال الأئمَّة (ع) وصفاتهم قال (ع): " إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ أَوْضَحَ بِأَئِمَّةِ الْهُدَى مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا عَنْ دِينِه وأَبْلَجَ بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ مِنْهَاجِه .. فَالإِمَامُ هُوَ الْمُنْتَجَبُ الْمُرْتَضَى والْهَادِي الْمُنْتَجَى .. لَمْ يَزَلْ مَرْعِيّاً بِعَيْنِ اللَّه .. مَصْرُوفاً عَنْه قَوَارِفُ السُّوءِ مُبْرَأً مِنَ الْعَاهَاتِ مَحْجُوباً عَنِ الآفَاتِ مَعْصُوماً مِنَ الزَّلَّاتِ .."(2).

فالعاهات هي مثل العمى والصمم والعرج، والآفات هي مثل الأمراض الوبائيَّة والأمراض المُستقذَرة، ولعلَّ العطف في الرّواية من عطف المرادف على مرادفِه أو من عطف العام على الخاصّ.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- الأمالي ص776، عيون أخبار الرضا ج1 / ص197، معاني الأخبار ص98، كمال الدين وتمام النعمة ص678، الكليني في الكافي ج1 / ص200.

2- الكافي -الشيخ الكليني- ج1 / ص204.