كراهة جلوس الرجل في مجلس المرأة حتى يبرد

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل صحيحٌ انَّه يُكرهُ للرجل أنْ يجلسَ في المجلس الذي قامت عنه المرأة حتى يبرُد؟ وماذا عن المحارم؟

الجواب:

ورد ذلك في بعض الروايات الواردةِ عن أهل البيت (ع):

منها: رواية الخصال للشيخ الصدوق (رحمه الله) بسندِه عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعتُ أبا جعفرٍ محمد بن عليٍّ الباقر (ع) يقول: ".. وإذا قامت المرأةُ من مجلسِها فلا يجوزُ للرجل أنْ يجلسَ فيه حتى يبرُدَ"(1).

ومنها: رواية الكافي للشيخ الكليني (رحمه الله): عن عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص): "إِذَا جَلَسَتِ الْمَرْأَةُ مَجْلِساً فَقَامَتْ عَنْه فَلَا يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِهَا رَجُلٌ حَتَّى يَبْرُدَ"(2).

والرواية الأولى وإنْ كانت ضعيفةَ السند إلا أنَّ الثانية معتبرة، وهي ظاهرة في الكراهة، فإنَّ النفي في مقام الإنشاء وإنْ كان ظاهراً في الحرمة إلا أنَّ هذا الظهور غير مرادٍ قطعاً نظراً لكون المسألة من المسائل الابتلائية التي يتَّفقُ وقوعُها كثيراً فلو كانت الحرمة ثابتةً لكانت من الواضحات، ولذلك يُحمل النهيُ المستفاد من النفي في سياق الإنشاء على الكراهة.

ومقتضى الإطلاق في الرواية هو عدم اختصاص الكراهة بالمرأة الأجنبيَّة، فحتى لو كانت المرأة القائمة من مجلسِها من المحارم فإنَّه يكرهُ للرجل من ذوي محارمِها أنْ يجلس في مجلسها إلى أنْ يبردَ موضعُ مجلسِها، فإنَّ ذلك هو مقتضى قولِه (ع): ".. فَلَا يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِهَا رَجُلٌ حَتَّى يَبْرُدَ" فإنَّ لفظ الرجل يصدقُ على مًن كان من ذوي المحارم كما يصدق على الأجنبيِّ، وهو من النكرة في سياق النفي الظاهر في العموم، وكذلك فإنَّ لفظ المرأة يصدقُ على مَن كانت من المحارم بالنسبةِ للرجل المخاطَب بالنهيِ عن الجلوس.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- الخصال -الشيخ الصدوق- ص588.

2- الكافي -الشيخ الكليني- ج5 / ص565.