العمرُ الذي لا يصحُّ معه تقبيلُ الصبيَّة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
في أيِّ عمرٍ للبنت يكون تقبيلُها أو ضمُّها غير جائزين؟
الجواب:
الأحوطُ تركُ التقبيل للصبيَّة من غيرِ المحارم عندما يبلغُ عمرُها ستَّ سنين، وذلك للنهي عنه في رواياتٍ عديدةٍ عن أهلِ البيت (ع):
منها: ما رواه الكلينيُّ بسنده عن أبي أحمد الكاهليِّ عن أبي عبد الله (ع) قال: سألتُه عن جاريةٍ ليستْ بيني وبينَها محرمٌ تَغشاني، فأحملُها وأُقبِّلها، فقال (ع): "إذا أتى عليها ستُّ سنين فلا تضعْها في حِجرك"(1).
ومعنى ذلك هو المنع عن حملِها وتقبيلِها، اذ أنَّه لمَّا كان الوضعُ في الحِجر منهيَّاً عنه بحسب الرواية فالتقبيلُ والحملُ المستلزم عادةً للضمِّ والشدِّ على ظهرِ المحمول أو فخذيه يكونُ أولى بالنهي بنظرِ العرف، فعدولُ الإمامِ (ع) ظاهراً عن الجواب عمَّا سُئلَ عنه من الحملِ والتقبيلِ كان لغرض تعريف السائل بأنَّ ما هو أدونُ من الحملِ والتقبيلِ منهيٌ عنه، ومنه يُعرفُ النهيُ عن الحمْلِ والتقبيل.
ومنها: ما رواهُ الكلينيُّ أيضاً بسنده عن زرارة عن أبي عبد الله (ع): "إذا بلغت الجارية الحرَّة ستَّ سنين فلا ينبغي لك أنْ تقبِّلها"(2).
ومنها: ما رواه الشيخ الطوسي بسنده عن عليِّ بن عقبة عن بعض اصحابِنا قال: كان أبو الحسنِ الماضي (عليه السلام) عند محمَّدِ بن إبراهيم، وكانت لمحمَّد بن إبراهيم بنت يُلبسُها الثياب وتجيءُ إلى الرجل فيأخذُها ويضمُّها إليه، فلمَّا تناهت إلى أبي الحسن (ع) أمسكها بيديه ممدوتين، وقال: "اذا أتتْ على الجارية ستُّ سنين لم يجز أنْ يُقبِّلها رجلٌ ليستْ هي بمحرمٍ له، ولا يضمُّها إليه"(3).
ومعنى "أمسكها بيديه ممدوتين" هو أنَّه أمسكها كهيئة المانع لها عن الاقتراب إلى صدرِه ووجهِه.
ومنها: ما رواه الصدوق بسنده عن زكريا المؤمن رفعه قال: قال أبو عبد الله (ع): "إذا بلغت الجاريةُ ستَّ سنين فلا يُقبِّلْها الغلام، والغلام لا يُقبِّلُ المرأةَ إذا جاز سبعَ سنين"(4).
وبناءً على ذلك يجوزُ للمكلَّف تقبيلُ الصبيَّة التي لم تبلغ ستَّ سنين ولكنَّ الجوازَ مشروطٌ بكونِ التقبيلِ عن غير ريبةٍ أو شهوة، فإنَّ التقبيل لو كان عن ريبةٍ أو شهوةٍ فإنَّه يكون مُحرَّماً بإجماعِ الفقهاء حتى لو كانت البنت من المحارم.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص229.
2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص230.
3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص231.
4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص230.