لا عيادةَ في وجعِ العين

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ماهو سببُ النهي عن عيادةِ مَن يشتكي وجعَ العين؟

الجواب:

وردت رواياتٌ أفادت أنَّه لا عيادةَ في وجعِ العين:

منها: ما رُوي عن النبيِّ (ص) انَّه قال: "ثلاثةٌ لا يُعادون صاحب الدمَّل، والضرس، والرمد"(1).

ومنها: ما رُويَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: "لَا عِيَادَةَ فِي وَجَعِ الْعَيْنِ، ولَا تَكُونُ عِيَادَةٌ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِذَا وَجَبَتْ فَيَوْمٌ ويَوْمٌ لا .."(2).

ولا يبعد أنَّ مثل هذه الروايات محمولةٌ على عدم تأكُّد الاستحباب لا على نفي الاستحباب، وذلك بقرينةِ ما ورد بسندٍ معتبرٍ أنَّ النبيَّ الكريم (ص) عاد الإمام عليَّاً (ع) يوم أنْ كان مريضاً بوجعٍ في عينِه، ويظهرُ من الرواية أنَّ وجعه كان شديداً إلا أنْ يُقال إنَّ رسول الله (ص) كان شديد القرابة من عليٍّ (ع) فلا يعدُّ من العوَّاد للمريض بل هو من رعاية القريب لقريبه في ظرف مرضِه، والمخاطَبُ في الروايات السابقة إنَّما هم غيرُ أقرباء المريض، وعليه فلا مُوجب لصرف الروايات عن ظاهرها في الكراهة أو المرجوحيَّة.

وعلى أيِّ تقدير فإنَّ المُحتمل قويَّاً لمنشأ الكراهة أو عدم تأكُّد استحباب عيادة المريض بوجع العين هو أنَّ المُصاب بوجعِ العين يَشعرُ بالأذى من عيادةِ الآخرينَ له، وذلك نظراً لعدم قدرتِه على الاستقرار والتجلُّد أمام العائدين له، فإذا تكلَّف لهم وأبدى تجلُّداً ازداد شعورُه بالألم لعدم تنفيسه لألمِه بالونين والحركةِ الغير المُناسبة لوجود العائدين، وإذا لم يتمكَّن من التجلَّد شعُرَ بالأذى النفسي والخجل لصدور ما لا يحبُّ صدورَه منه أمام الآخرين، ففي كلا الحالتين تكونُ العيادةُ له موجبةً لأذيتِه.

والظاهرُ بقرينة مُناسبات الحكمِ والموضوع أنَّ الحالة التي لا يتأكَّدُ فيها استحبابُ العيادةِ هو ما لو كان في العيادة إيذاءٌ له، وإلا فعيادتُه في غير هذا الفرض مستحبَّةٌ كاستحباب عيادةِ سائر المرضى.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج78 / ص224.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج2 / ص421.