ارتفاع كراهة السفر بمضيِّ ليلة الثالث والعشرين من رمضان؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل ترتفعُ كراهةُ السفر في شهر رمضان بمضيِّ ليلة الثالث والعشرين منه؟

الجواب:

المشهورُ هو كراهةُ السفر في شهر رمضان إلا في مواردَ ذكروا أنَّها مستثناة من الحكم بالكراهة.

وأمَّا ارتفاعُ الكراهة مُطلقًا بعد مضيِّ ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان فمستندُ مَن ذهب لذلك هو خصوصُ ما رواه الشيخ الطوسي في التهذيب باسناده عن عليِّ بن أسباط، عن رجلٍ عن أبي عبد الله (ع) قال: "إذا دخلَ شهرُ رمضان فللَّهِ فيه شرطٌ، قال اللهُ تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾(1) فليس للرجل إذا دخلَ شهرُ رمضان أنْ يخرج إلا في حجٍّ، أو في عمرةٍ، أو مالٍ يخافُ تلفَه، أو أخٍ يخافُ هلاكَه، وليس له أنْ يخرجَ في إتلاف مالِ أخيه، فإذا مضت ليلةُ ثلاثٍ وعشرين فليخرُج حيثُ شاء"(2).

فالرواية ظاهرةٌ في ارتفاعِ كراهة السفرِ مُطلقاً أي حتى لو لم يكن مورداً لأحد المستثنيات المذكورة في الرواية كما لو كان السفرُ للنزهة إلا أنَّه ونظراً لكون الروايةِ ضعيفةَ السند لإرسالها وغيره لذلك فإنَّ ارتفاع الكراهة بمضيِّ ليلة الثالث والعشرين من شهرِ رمضان غيرُ ثابت، فالمرجعُ هو عمومات ما دلَّ على كراهة السفر في تمام شهر رمضان إلا في الموارد التي ثبتَ استثناؤها، ومن هذه العمومات ما رواه الشيخ الطوسي بسندٍ صحيح عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله (ع)، قال: "لا تخرج في رمضان إلا للحجِّ أو العمرةِ، أو مالٍ تخافُ عليه الفوت، أو لزرعٍ يحينُ حصادُه"(3).

فالرواية صحيحة السند، وهي ظاهرةٌ في كراهة السفر مُطلقاً في عموم أيام شهر رمضان إلا في الموارد التي نصَّت الروايةُ على استثنائها، وأمَّا حملها على الكراهة دون الحرمة فهو لمقتضى الجمع بينها وبين ما دلَّ على جواز السفر في شهر رمضان مُطلقاً، فالسفرُ جائز في شهر رمضان مُطلقاً لكنَّه مكروه.

والحمد لله ربِّ العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- سورة البقرة / 185.

2- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج4 / ص216.

3- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج4 / ص327.