صلِّ اللهمَّ على الدليلِ إليك في الليل الأليَل

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ورد في الدعاء المأثور: (اللَّهمَّ عرِّفني نفسَك فإنَّك إنْ لم تُعرِّفني نفسَك لم أعرِفْ رسولَك)(1) وورد في دعاء الصباح المأثور: (صلِّ اللَّهمَّ على الدليلِ إليك في الليل الأليَل)(2) فكيف نفهمُ الدعاء الأول و نوفِّقه مع الثاني؟

الجواب:

إذا عرف الإنسانُ ربَّه بالفطرة وبالعقل ولم تؤثِّر التربيةُ الخاطئة والشبهات المُضلَّة على قلبِه وعقلِه فإنَّ هذه المعرفةَ بالله عزَّ وجلَّ تدعوه إلى الإيمان بأنَّه تعالى لابدَّ وأنْ يبعثَ إليه رسولاً من عندِه يُرشده إلى الطريق القويم، ولأنّ الإنسان لا يُمكنه التعرُّف على الرسولِ المُرشِد إلا أنْ تكون معَه آياتٌ وعلاماتٌ فإنَّ الله يُؤيِّده بالآيات والمُعجزات، وبذلك تكون معرفةُ الله عزَّ وجلَّ هي الطريقَ لمعرفةِ الرسول.

ولأنَّ معرفةَ الإنسانِ لربِّه بواسطةِ الفطرة والعقل معرفةٌ إجماليَّة، فقد لا يُدرِك الإنسان كلَّ أسماءِ الله الحسنى وصفاتِه العليا، كما أنَّه لايُمكنه التعرُّف على أحكامِه وتعاليمِه، فإنّ الواسطة في الوقوفَ على كلِّ ذلك هو الرسولُ (ص) فالرسولُ هو الدليلُ الذي يدلُّ على صفاتِ الله عزَّ وجلَّ وأسمائِه وأحكامِه وشرائعِه.

وهذا هو معنى أنَّ الرسولَ هو الدليلُ على اللهِ تعالى، فهو الطريقُ الموصِل للهِ جلَّ وعلا وهو المُرشِدُ لمواطِن الرضوانِ الإلهيِّ.

والمرادُ من الليل الأليَل هو الليل الشديدُ الظلمة، وعادةً ما يُطلقُ على الليالي التي لا يظهرُ فيها القمرُ وهو كناية عن الضلال، فالرسولُ بمثابةِ المصباح في الليالي شديدةِ الظلمة.

والمتحصَّل ممَّا ذكرناه: هو أنَّ اللهَ عزَّ وجل يُلهِم الانسانَ المعرفةَ به ثم يُعرِّفه على رسولِه بواسطةِ المعجزة ثم يكونُ للرسولِ دورُ التعريفِ التفصيليِّ بالله وأحكامِه وتعاليمِه. وبذلك يتَّضح عدم التنافي بين مفاد كلٍّ من المأثورين.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- التمحيص -محمد بن همام الاسكافي- ص16، وأوده الشيخ الصدوق كمال الدين وتمام النعمة ص342، وكذلك الكليني في الكافي ج1 / ص337، 342، ولكنهما ذكرا بدلاً من قوله (ع): "فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رسولك"، "فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ".

2- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج84 / ص340.