الصوم في أيَّام مواليد الأئمة (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما حكم الصيام في أيام مواليد الأئمة (ع)؟

الجواب:

الصوم مستحبٌّ في كلِّ أيَّام السنةِ إلا ما استُثني منها، وأمَّا استحبابه بالخصوص في أيام مواليد المعصومين (ع) فلم يرد ما يقتضي ذلك إلا في يوم المولد النبويِّ الشريف، فقد وردت في ذلك رواياتٌ عديدة:

منها: ما رواه الراوندي في (الخرائج والجرائح) عن إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي قال: ركب أبي وعمومتي إلى أبي الحسن (عليه السلام) وقد اختلفوا في الأيام التي تُصام في السنَّة، وهو مقيم بقرية قبل سيره إلى سرِّ مَن رأى، فقال لهم: جئتم تسألوني عن الأيام التي تُصام في السنة؟ فقالوا: ما جئناك إلا لهذا، فقال: "اليوم السابع عشر من ربيع الأول، وهو اليوم الذي وُلد فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، واليوم السابع والعشرون من رجب وهو اليوم الذي بُعث فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، واليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة وهو اليوم الذي دُحيَت فيه الأرض تحت الكعبة، واليوم الثامن عشر من ذي الحجَّة وهو يوم الغدير"(1).

ورواه الشيخ الطوسي في التهذيب بسندٍ عن أبي إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي قال: وحَك في صدري ما الأيام التي تُصام؟ فقصدتُ مولانا أبا الحسن عليَّ بن محمد (عليهما السلام) وهو بصريا، ولم أُبدِ ذلك لأحدٍ من خلقِ الله، فدخلتُ عليه فلمَّا بصُرَ بي قال (عليه السلام): يا أبا إسحاق جئتَ تسألُني عن الأيام التي يُصام فيهن؟ وهي أربعة: أولُهن يوم السابع والعشرين من رجب يوم بَعث اللهُ تعالى محمدًا (صلى الله عليه وآله) إلى خلقه رحمةً للعالمين، ويوم مولِده (صلى الله عليه وآله) وهو السابعُ عشر من شهرِ ربيعٍ الأول، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة فيه دُحيت الكعبة، ويوم الغدير فيه أقام رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) أخاه عليًّا (عليه السلام) علمًا للناس وإمامًا من بعده، قلتُ: صدقتَ جُعلت فداك لذلك قصدتُ، أشهدُ أنَّك حجَّةُ الله على خلقِه"(2).

ومنها: ما رواه المفيد في (المقنعة) قال: قد ورد الخبر عن الصادقِين (عليهم السلام) بفضل صيام أربعة أيام في السنة -إلى أنْ قال:- يوم السابع عشر من ربيع الأول وهو اليوم الذي وُلد فيه رسولُ الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) فمَن صامه كتب اللهُ له صيام ستين سنة، ويوم السابع والعشرين من رجب، وهو اليوم الذي بُعث فيه رسولُ الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) فمَن صامه كان صيامه كفَّارةَ ستين شهرًا، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة (فيه دُحيت الأرض) ويوم الغدير فيه نصبَ رسولُ الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) أميرَ المؤمنين (عليه السلام) إمامًا"(3).

ومنها: ما أورده الشيخ المفيد في كتابه مسار الشيعة قال: ورُوى عن أئمة الهدى (ع) أنَّهم قالوا: "مَن صام اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأول وهو مولد سيدِنا رسولِ الله (ص) كَتب اللهُ سبحانه له صيام سنة"(4).

وهذه الروايات وإن لم تكن نقيةً من حيثُ السند ولكنَّ مضمونها قريب خصوصًا مع ملاحظة ما أفاده الشيخ المفيد في مسار الشيعة قال في مقام الحديث عن فضل هذا اليوم: "وهو يوم شريفٌ عظيمُ البركة ولم يزل الصالحون من آل محمد على قديم الأوقات يُعظِّمونه، ويعرفون حقَّه، ويرعون حرمته، ويتطوَّعون بصيامه" فهذا النصُّ يحكي عن تعارف الصيام في هذا اليوم عند أهل البيت. فمجموع ذلك صالحٌ لتأكيد رجحان صيام هذا اليوم إلا أنَّ قصد الخصوصيَّة يكون بقصد الرجاء للمطلوبيَّة.

وأمَّا أيام مواليد الأئمة (ع) فلم نقف على ما يثبت استحباب صيامها بالخصوص إلا أنَّه لا بأس في صيامها بقصد الاستحباب الثابت في سائر أيام السنة.

والحمد لله ربِّ العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- الخرائج والجرائح -القطب الرّاونديّ- ج2 / ص759-760.

2- التهذيب -الشّيخ الطّوسيّ- ج4 / ص305.

3- المقنعة -الشيخ المفيد- ص370-371.

4- مسار الشيعة -الشّيخ المفيد- ص50.