معنى قوله (ع): "إنْ كان في الغافلين كُتب في الذاكرين"

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

يقول أمير المؤمنين (ع) في وصف المتقين: "إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ".

كيف نُفسِّر هذه الحالة المتضادَّة؟ فكيف يكون في الغافلين ولكنَّه يُكتب في الذاكرين؟.

الجواب:

الفقرة الأولى تحتمل معنيين:

المعنى الأول: أنَّه لو اتَّفق أنَّه سكت عن ذكر الله وتحميده في وقتٍ ما أو كان مشغولاً ببعض شأنه فإنَّه يُكتب فيمَن يذكر الله عزَّ وجلَّ، وذلك إكرامًا له لتقواه وكثرة ذكره له تعالى.

المعنى الثاني: أنَّه لو اتَّفق أنْ سكت عن ذكر الله بلسانه فإنَّه يكون ذاكرًا له تعالى بقلبه، فذكر اللهِ تعالى حاضرٌ في قلبه وجوانحه دائمًا، لذلك يُكتب في الذاكرين وإنْ لم يتلفَّظ بالذكر في وقتٍ ما.

وأما الفقرة الثانية فتعني أنَّه حين يذكر الله عز وجلَّ يذكره عن حضورٍ قلبي، خلافًا للكثير من الناس فإنَّهم قد يذكرون الله عزَّ وجلَّ ويحمَدونه ولكنَّهم يُكتبون في الغافلين، ذلك لأنَّهم يذكرونَه وقلوبُهم لاهية، فبذلك يتَّضح عدم التنافي بين الفقرتين.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

-------

1- نهج البلاغة -خطب الإمام علي (ع)- ج2 / ص167.