قبولُ الطاعات منوطٌ بالولاية لأهل البيت (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

يعتقد الشيعة أنَّ المدارَ في قبول العمل بالطاعات على ولاية أهل البيت (عَلَيْهِم السَّلامُ). ولكن عندي أسئلة تتعلّق بولاية أهل البيت (ع):

 

1- ما هو الدليل على أنَّ المدارَ في قبول العمل في الطاعات على ولاية أهل البيت (ع)؟

 

2- أليس من الظلم ردَّأعمال المسلمين الذين لا يعتقدون بولاية أهل البيت (ع)؟ وما ذنبُهم وقد نشأوا في بيئةٍ لا ترى ذلك ولا تعتقده؟!

 

3- إنّكم تجعلون ولاية أهل البيت شرطًا في قبول الطاعات، ولكن هنا حديث يُروى عن باقر العلم (ع) يُقلّل فيه من أهميَّة الولاية لأهل البيت ويجعلها مرتبة ثانوية بعد الطاعة بل يجعل الطاعة شرطًا لقبول الولاية وليس العكس فالأساس هو طاعة الله وليس الولاية فالطاعة أولاً والولاية تأتي تلقائيًّا. وهذا هو الحديث: .. واعملوا يا شيعة آل محمد، واللهِ ما بيننا وبين اللهِ من قرابة ولا لنا على اللهِ حجة، ولا يتقرب إلى الله إلا بالطاعة، من كان مطيعًا نفعتُه ولايتنا، ومن كان عاصيًا لم تنفعه ولايتُنا. ثم التفت إلينا وقال: لا تغترّوا ولا تَفتروا. وفي حديث آخر: .. أحبُّ العباد إلى اللهِ وأَكرمهم عليه أتقاهُم له وأعملهم بطاعته واللهِ ما يُتقرب إلى الله عزَّ وجلَّ إلا بالطاعة ما معنا براءةٌ من النار، ولا على الله لأحدٍ من حجة، من كان لله مطيعًا فهو لنا وليٌّ، ومن كان لله عاصيًا فهو لنا عدوٌّ. إذن فالولاية لأهل البيت ليست شرطًا في قبول الطاعات ويبدو من خلال الحديث أنه لا قيمة فعليّة للولاية (لا تغترّوا ولا تَفتروا) فالتضخيم من أهميّة الولاية والاعتقاد بذلك غرور وافتراء، (والله ما يُتقرب إلى الله عزَّ وجلَّ إلا بالطاعة) أي وليس بالولاية لأهل البيت، (مَنْ كانَ للهِ مُطيعًا فهو لنا وليٌّ) أي وإن لم يُقرّ بذلك لجهل أو قصور، (ومَن كان للهِ عاصيًا فهو لنا عدوٌّ) أي وإن زعم أنّه موالٍ لنا. (وَمَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَالْوَرَعِ) أي بالطاعة تُقبَل الولاية وليس العكس.

 

الجواب:

يظهر من سؤالكم أنَّكم من الشيعة الإماميَّة، ولهذا لا نحتاج في مقام الجواب عن الدليل على اناطة القبول للطاعات بالولاية لأهل البيت (ع) إلى أكثر من عرض الروايات المتضمِّنة لهذا المعنى والثابت صدورها عن أهل البيت (ع) إذ أنَّنا نعتقد بمقتضى الأدلة القطعيَّة أنَّ كلَّ ما ثبت صدورُه عنهم فهو حجَّةٌ يجب الاِعتقاد والعمل بمقتضاه، وحيثُ إنَّه قد ثبت بما يفوقُ حدَّ التواتر عن أهل البيت(ع) أنَّ قبول الطاعات مشروطٌ بالولاية لأهل البيت (ع) لذلك وجب الاِعتقاد والتعبُّد بذلك، وليس معنى ذلك أنَّ من أطاع الله تعالى فيما سوى الولاية جاهلاً باشتراط الولاية في القبول وكان معذوراً في جهله أنَّه سوف يُعذَّب يوم القيامة بالنار، فإنَّ ذلك ممَّا لا نعتقدُه بل نعتقد باستحالتِه على الله تعالى لإيماننا بعدله المُطلق، فهو تعالى لا يُعذِّب الجاهل المعذور في جهله، فشرط الولاية في قبول الطاعات منوطٌ بالعلم أو بانتفاء العذر عن الجهل بالشرطية.

 

وعلى أيِّ تقدير فالروايات المتصدِّية لبيان اشتراط قبول الطاعات بالولاية تفوقُ حدَّ التواتر -كما قلنا- ولذلك لا يسعُنا استعراضها جميعاً وسوف نقتصرُ على نقل خمسٍ منها وهي كافية لإثبات الدعوى:

 

الأولى: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (ع) -في حديثٍ- قال: ذِرْوَةُ الأَمْرِ وسَنَامُه ومِفْتَاحُه وبَابُ الأَشْيَاءِ ورِضَا الرَّحْمَنِ الطَّاعَةُ لِلإِمَامِ بَعْدَ مَعْرِفَتِه إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾(1) أَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلاً قَامَ لَيْلَه وصَامَ نَهَارَه وتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِه وحَجَّ جَمِيعَ دَهْرِه ولَمْ يَعْرِفْ وَلَايَةَ وَلِيِّ اللَّه فَيُوَالِيَه ويَكُونَ جَمِيعُ أَعْمَالِه بِدَلَالَتِه إِلَيْه مَا كَانَ لَه عَلَى اللَّه جَلَّ وعَزَّ حَقٌّ فِي ثَوَابِه ولَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الإِيمَانِ، ثُمَّ قَالَ: أُولَئِكَ الْمُحْسِنُ مِنْهُمْ يُدْخِلُه اللَّه الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِه"(2).

 

الثانية: صحيحة أبي حمزة الثمالي، قال: قال لنا عليُّ بن الحسين (ع): أيُّ البقاع أفضل؟ فقلنا: الله ورسولُه وابنُ رسوله أعلم، فقال لنا: أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أنَّ رجلاً عُمِّر ما عُمِّر نوحٌ في قومِه، ألفَ سنة إلا خمسين عاما، يصومُ النهار، ويقومُ الليل في ذلك المكان، ثم لقىَ اللهَ بغير ولايتنا لم ينفعْه ذلك شيئا"(3).

 

الثالثة: صحيحة عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عن أبي عبدالله الصادق (ع): ".. قَالَ لِي: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ واللَّه لَوْ أَنَّ إِبْلِيسَ سَجَدَ لِلَّه عَزَّ ذِكْرُه بَعْدَ الْمَعْصِيَةِ والتَّكَبُّرِ عُمُرَ الدُّنْيَا مَا نَفَعَه ذَلِكَ ولَا قَبِلَه اللَّه عَزَّ ذِكْرُه مَا لَمْ يَسْجُدْ لآِدَمَ كَمَا أَمَرَه اللَّه عَزَّ وجَلَّ أَنْ يَسْجُدَ لَه، وكَذَلِكَ هَذِه الأُمَّةُ الْعَاصِيَةُ الْمَفْتُونَةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا (ص) وبَعْدَ تَرْكِهِمُ الإِمَامَ الَّذِي نَصَبَه نَبِيُّهُمْ (ص) لَهُمْ فَلَنْ يَقْبَلَ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى لَهُمْ عَمَلاً ولَنْ يَرْفَعَ لَهُمْ حَسَنَةً حَتَّى يَأْتُوا اللَّه عَزَّ وجَلَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ، ويَتَوَلَّوُا الإِمَامَ الَّذِي أُمِرُوا بِوَلَايَتِه، ويَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الَّذِي فَتَحَه اللَّه عَزَّ وجَلَّ ورَسُولُه لَهُمْ .."(4).

 

والواضح من الصحيحة المذكورة أنَّ المعنيين من قوله (ع): "فَلَنْ يَقْبَلَ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى لَهُمْ عَمَلاً ولَنْ يَرْفَعَ لَهُمْ حَسَنَةً" هم الذين لم يدخلوا في الولاية عصياناً، والمعصيةُ لا تكون في فرض الجهل الناشئ عن القصور.

 

الرابعة: صحيحة محمد بن مسلم، قال: سمعتُ أبا جعفر (ع) يقول: كلُّ مَن دانَ الله عزَّ وجلَّ بعبادةٍ يُجهد فيها نفسه، ولا إمام له من الله، فسعيُه غير مقبول، وهو ضالٌّ متحيِّر، واللهُ شانئٌ لأعماله"(5).

 

الخامسة: رواية مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص): إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى يَقُولُ اسْتِكْمَالُ حُجَّتِي عَلَى الأَشْقِيَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ تَرَكَ وَلَايَةَ عَلِيٍّ ووَالَى أَعْدَاءَه وأَنْكَرَ فَضْلَه وفَضْلَ الأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِه، فَإِنَّ فَضْلَكَ فَضْلُهُمْ وطَاعَتَكَ طَاعَتُهُمْ وحَقَّكَ حَقُّهُمْ ومَعْصِيَتَكَ مَعْصِيَتُهُمْ وهُمُ الأَئِمَّةُ الْهُدَاةُ مِنْ بَعْدِكَ جَرَى فِيهِمْ رُوحُكَ ورُوحُكَ مَا جَرَى فِيكَ مِنْ رَبِّكَ، وهُمْ عِتْرَتُكَ مِنْ طِينَتِكَ ولَحْمِكَ ودَمِكَ، وقَدْ أَجْرَى اللَّه عَزَّ وجَلَّ فِيهِمْ سُنَّتَكَ وسُنَّةَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ، وهُمْ خُزَّانِي عَلَى عِلْمِي مِنْ بَعْدِكَ، حَقٌّ عَلَيَّ لَقَدِ اصْطَفَيْتُهُمْ وانْتَجَبْتُهُمْ وأَخْلَصْتُهُمْ وارْتَضَيْتُهُمْ ونَجَا مَنْ أَحَبَّهُمْ ووَالاهُمْ وسَلَّمَ لِفَضْلِهِمْ، ولَقَدْ أَتَانِي جَبْرَئِيلُ (ع) بِأَسْمَائِهِمْ وأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وأَحِبَّائِهِمْ والْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِمْ"(6).

 

هذه الروايات -ومثلها كثير- صريحةٌ في إناطة القبول للطاعات بولاية أهل البيت (ع)، وهي كذلك صريحةٌ في أنَّ الولاية هي أكثر الفرائض الإلهيَّة أهميةً عند الله تعالى، فهي ذروةُ الأمر وسنامُه ومفتاحُه وبابُ الأشياء كما أفاد أبو جعفر الباقر (ع) في صحيحة زرارة، ذلك لأنَّ الولاية هي الطريقُ الذي جعله اللهُ تعالى للوصول إلى أحكامه وفرائضه وشرائعه، فليس ثمة من طريقٍ مستأمَن على دين الله تعالى وسنَّة رسوله (ص) غير هذا الطريق، فكلُّ ما سواه يشوبُه الخطأُ والكذبُ والنسيانُ وضيقُ الفهم وعدمُ الإحاطة، فكان على الأمة أنْ تعتمد هذا الطريق وتستضيئُ في تمام أعمالها بدلالته كما أفاد الإمام الباقر (ع) في صحيحة زرارة: "ويَكُونَ جَمِيعُ أَعْمَالِه بِدَلَالَتِه"، فكلُّ مَن كابَرَ وتعمَّد الاستقلال عمَّا جعله اللهُ تعالى وسيلةً للوصول إلى أحكامه وزعمَ أنَّه سيُطيع اللهُ ويأخذُ أحكامه من الطريق الذي يرغب هو فيه فعملُه غيرُ مقبول -كما أفاد الباقر(ع) في صحيحة محمد بن مسلم- لأنَّ الله إنَّما يُطاع من حيثُ يريد هو لا من حيثُ يُريد عبادُه، لذلك لم يقبل اللهُ تعالى عبادة ابليس لأنَّه أراد أن يُطيع ربَّه جلَّ وعلا من حيثُ هو يريد لا من حيثُ يريد ربُّه، فأبى على الله تعالى أنْ يسجد لآدم (ع) وكان على استعدادٍ لأنْ يظلَّ راكعاً ساجداً لربِّه لكنَّ ربَّه سخط عليه وأحبط كلَّ عمله الذي سبق منه وطرده من رحمته، لأنَّه لم يُسلًّم لربِّه تمام التسليم ولم يُطع ربَّه من حيثُ يريد، وهكذا هو شأنُ مَن كابر واتَّخذ له طريقاً غير الطريق الذي جعله الله تعالى وسيلةً للوصول إلى أحكامه وتمرَّد على ربِّه جلَّ وعلا فمايز بين فرائضه فعقد العزم على أنْ يُطيعه في بعضها ويتنكَّر للبعض الآخر شأنُه شأن من خاطبهم الله تعالى في كتابه فقال موبِّخاً ومتوعِّداً لهم: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (7) فالعبوديَّة لله تعالى قائمةٌ على التسليم المطلق بجميع فرائضه وتشريعاته، وأمَّا الاستكبار واختيار ما لا ينافي الهوى من الفرائض ورفض ما ينافي الهوى فهو على الضدِّ من العبوديَّة المطلقة والحقيقيَّة لله تعالى، ولهذا أفاد القرآن أنَّ جعل القبلة إلى جهة الكعبة كان لغرض التمحيص والتمييز لمَن هو على استعدادٍ للتسليم بكلِّ أوامر الله تعالى حتى لولم يتعقَّلها أو كانت منافية لرغبته كما هو شأن أصحاب الهوى اليهودي الذين يرغبون في أنْ تكون القبلة إلى جهة بيت المقدس، فكان جعل القبلة إلى جهة الكعبة تمييزاً لمَن يتَّبع الرسول (ص) مطلقاً ممَّن لا يكون كذلك، قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ (8) فهذه الآية المباركة قد وصفت مَن يأبى على الرسول (ص) تصيير القبلة إلى جهة الكعبة ووصفته أنَّه ممَّن انقلب على عقبيه، ذلك لأنَّه لم يكن منقادًا لله في جميع تشريعاته، وهكذا هو شأنُ من دفعته العصبية القبليَّة أو النظر للذات لعدم القبول بولاية عليٍّ (ع) أو دفعته الخصومة المذهبيَّة بعد ذلك لعدم القبول بولاية أهل البيت (ع) رغم أنَّ الله تعالى قد أمر بذلك وصدع الرسول (ص) بهذا الأمر في حديث الغدير المتواتر، وقال فيما قال: "من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه"(9) وقال في موضعٍ آخر: عليٌّ وليكم بعدي(10)، ولا أدلَّ من حديث الثقلين المتواتر الذي فرض فيه الرسول (ص) على الأمة التمسُّك بالكتاب والعترة وأفاد أنَّهما أمانٌ من الضلال وأنَّهما لن يفترقا أبداً حتى يردا عليه الحوض، وأفاد في حديث السفينة أنَّ أهل بيته مثل سفينة نوح مَن ركبها نجا ومن تخلَّف عنها غرق وغيرها من الروايات الكثيرة، وكذلك الآيات التي أكَّدت أنَّ مشيئة الله التشريعيَّة قد اقتضت لزوم التمسُّك بطريق أهل البيت (ع) والأخذ عنهم والاِهتداء بهديهم وعدم التخلُّف عنهم، فمَن زعم أنَّه مطيعٌ لربِّه جلَّ وعلا ثم كابرَ وتخلَّف عن التقيُّد بهذه الفريضة الإلهية فإنَّ الله جلَّ وعلا لا يقبل عمله وإنْ أجهد نفسه في العبادة كما أفاد الإمام السجاد (ع) في صحيحة الثمالي: "أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أنَّ رجلاً عُمِّر ما عُمِّر نوحٌ في قومه، ألف سنة إلا خمسين عاما، يصوم النهار، ويقوم الليل في ذلك المكان، ثم لقىَ اللهَ بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا"(11) وكذلك هو مفاد الروايات الأخرى التي نقلنا بعضها.

 

ويمكن الاستدلال أيضاً على وجوب الولاية لأهل البيت (ع) بالروايات التي أفادت انَّ الإسلام بُنيَ على أشياء وذكرت منها الولاية لأهل البيت(ع)، وهي رواياتٌ كثيرة جداً تفوق حدَّ التواتر بمراتب، نذكر ثلاثاً منها خشية الإطالة:

 

الأولى: صحيحة زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ عَلَى الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والْحَجِّ والصَّوْمِ والْوَلَايَةِ قَالَ: زُرَارَةُ فَقُلْتُ: وأَيُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ فَقَالَ: الْوَلَايَةُ أَفْضَلُ لأَنَّهَا مِفْتَاحُهُنَّ والْوَالِي هُوَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِنَّ، قُلْتُ: ثُمَّ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ فِي الْفَضْلِ فَقَالَ: الصَّلَاةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّه (ص) قَالَ: الصَّلَاةُ عَمُودُ دِينِكُمْ .."(12).

 

الثانية: صحيحة أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ عَلَى الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصَّوْمِ والْحَجِّ والْوَلَايَةِ ولَمْ يُنَادَ بِشَيْءٍ كَمَا نُودِيَ بِالْوَلَايَةِ"(13).

 

الثالثة: صحيحة فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(ع) قَالَ: بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ عَلَى الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصَّوْمِ والْحَجِّ والْوَلَايَةِ ولَمْ يُنَادَ بِشَيْءٍ كَمَا نُودِيَ بِالْوَلَايَةِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِأَرْبَعٍ وتَرَكُوا هَذِه يَعْنِي الْوَلَايَةَ"(14).

 

هذه روايات ثلاث، وقد ورد ما هو قريب من مفادها ما يفوق الثلاثين رواية، وهي صريحة بأنَّ الولاية فريضةٌ من الفرائض التي بُنيَ عليها الإسلام، فهي إذن ليست من الفرائض الثانوية، فأقلُّ شأنها أنَّ التنكُّر لها ومجافتها دون عذر يُعدُّ من الإصرار على الفسوق المُوجب لاستحقاق النار كما هو الشأن في الفرائض الأربع، فمَن منع الزكاة متعمِّداً مصرَّاً وهو قادر كان مستحقَّاً لجهنم، ولا تُقبل له صلاة كما دلَّت على ذلك النصوص الكثيرة والمعتبرة، فمن ذلك صحيحة حريز عن أبي عبد الله (ع) أنَّه قال: ما من ذي مالٍ ذهبٍ أو فضةٍ يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاعٍ قرقر، وسلَّط عليه شجاعاً أقرع "(15).

 

وقريبٌ من مضمونها صحيحة أيوب بن راشد، عن أبي عبد الله (ع) أنَّه قال: "مانع الزكاة يُطوَّقُ بحيَّةٍ قرعاء تأكلُ من دماغه، وذلك قول الله عز وجل سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"(16).

 

ومنه: صحيحة معروف بن خرَّبوذ، عن أبي جعفر (ع) قال: إنَّ الله تبارك وتعالى قرَن الزكاة بالصلاة فقال: (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) فمَن أقام الصلاة ولم يُؤتِ الزكاة فكأنَّه لم يُقِم الصلاة"(17).

 

ومنه: صحيحة ابن مسكان، عن أبي جعفر (ع) قال: بينما رسول الله (ص) في المسجد إذ قال: قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان، حتى أخرج خمسة نفر، اخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون"(18).

 

بل ورد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال: "من منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهوديَّاً أو نصرانيا "(19) أي إنَّ مآله يوم القيامة هو مآل اليهود أو النصارى.

 

وهكذا فإنَّ من ترك الحجَّ متعمِّداً وهو واجدٌ للاستطاعة كان ضالاً، ولم تنفعه صلاتُه ولاصيامه في الوقاية من عذاب جنهم، وخُيِّر بعد موته بين مآل اليهود أو مآل النصارى كما أفادت ذلك الروايات الكثيرة:

 

منها: صحيحة ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله (ع) قال: ومَن مات ولم يحج حجَّة الاسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تُجحفُ به، أو مرض لا يطيقُ فيه الحج، أو سلطان يمنعه، فليمُتْ يهوديَّاً أو نصرانيًا"(20).

 

ومنها: موثقة أبي بصير قال: سمعتُ أبا عبد الله (ع) يقول: مَن مات وهو صحيح موسر لم يحج فهو ممَّن قال الله عز وجل: (ونحشره يوم القيامة أعمى) قال: قلتُ: سبحان الله، أعمى؟! قال: نعم، إنَّ الله عزَّ وجلَّ أعماه عن طريق الحق "(21).

 

ومنها: صحيحة محمد بن الفضيل قال: سألتُ أبا الحسن (ع) عن قول الله عز وجل: (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) فقال: نزلت في من سوَّف الحج حجَّة الاسلام وعنده ما يحج به، فقال: العام: أحج، العام أحج، حتى يموت قبل أنْ يحج"(22).

 

وهكذا هو الشأن في بقية الفرائض الإلهيَّة التي بُني عليها الإسلام، ومنها الولاية لأهل البيت (ع) فإنَّ عدم الامتثال لهذه الفريضة دون عذر يحول دون القبول بالطاعة في سائر الفرائض التي بُنيَ عليها الإسلام، فكما أنَّ تارك الصلاة لا يقبل اللهُ تعالى حجَّه ولا صومه، وكما أنَّ مانع الزكاة لا تُقبل له صلاة ولا صيام فكذلك من تنكَّر للولاية وحادَ عنها فإنَّ صلاته وسائر طاعاته لا تُقبل منه. بل إنَّ الأمر في الولاية أوضح وأشد، ذلك لأنَّها الطريقُ المُوصِل لمعرفة حدود الطاعة لله تعالى كما أفاد الإمام الباقر(ع) في صحيحة زرارة حين سأله عن أفضل الفرائض الخمس التي بُني عليها الإسلام قال: "الولاية أفضل لأنَّها مفتاحهن، والوالي هو الدليل عليهن، قلتُ: ثم الذي يلي ذلك في الفضل؟ فقال: الصلاة .."(23).

 

وأفاد الإمام الباقر (ع) في صحيحة أَبِي حَمْزَةَ انَّه "لَمْ يُنَادَ بِشَيْءٍ كَمَا نُودِيَ بِالْوَلَايَةِ" وفي صحيحةٍ أخرى لأبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر (ع): "بنى الاسلام على خمس: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان، والولاية لنا أهل البيت، فجعل في أربع منها رخصة، ولم يجعل في الولاية رخصة، مَن لم يكن له مال لم تكن عليه الزكاة، ومن لم يكن له مال فليس عليه حج، ومن كان مريضاً صلى قاعداً، وأفطر شهر رمضان، والولاية صحيحاً كان أو مريضاً أو ذا مال أو لا مال له فهي لازمة"(24).

 

وأمَّا الإستدلال على عدم اناطة القبول للطاعات بالولاية بما رُوي عن الإمام الباقر (ع) انَّه قال: "واعملوا يا شيعة آل محمد، واللهِ ما بيننا وبين اللهِ من قرابة ولا لنا على اللهِ حجة، ولا يتقرب إلى الله إلا بالطاعة، من كان مطيعًا نفعتُه ولايتنا، ومن كان عاصيًا لم تنفعه ولايتُنا. ثم التفت إلينا وقال: لا تغترّوا ولا تَفتروا"(25) فهو غريب إذ انَّ الرواية المذكورة -بعد التجاوز لضعف سندها لأنَّها مرسلة- تفترض انَّ العاصي لا تنفعه الولاية، وهذا ممَّا لا ريب فيه، فإنَّ من ترك الصلاة ومنع الزكاة مثلاً فإنَّ الولاية لا تنفعه دون ريب، وهذا الفرض ليس هو مورد البحث، فما ندَّعيه تبعاً للنصوص المتقدمة هو اشتراط القبول للطاعات بالولاية، وهذا معناه افتراض الالتزام بالطاعات باستثناء الولاية، فالولاية شرطٌ في قبول الطاعات، وليس من المعقول إرادة الالتزام بالشرط وترك المشروط، فحينما يُقال إنَّ الصلاة مشروطةٌ بالوضوء، فإنَّ ذلك لا يعني انَّ من توضأ وترك الصلاة فإنَّ صلاته تكون مقبولة، فهو لم يصلِّ أساساً حتى نتحدَّث عن قبولها وعدم قبولها، فمعنى إنَّ الصلاة مشروطةٌ بالوضوء هو أنَّ المكلَّف لو صلَّى دون وضوء فإنَّ صلاته لا تصح ولا تُقبل لا أنَّ اشتراط الوضوء في الصلاة معناه صحة الاكتفاء بالوضوء عن الصلاة، بل معناه إنَّ الصلاة إذا وُجدت وكان المكلَّف حين أدائها متوضئاً فإنَّ صلاته تكون صحيحة أما إذا وُجدت الصلاة ولم يكن المكلَّف متوضئاً فإنَّ صلاته تكون باطلة، وهكذا هو الحال بالنسبة لاشتراط القبول للطاعات بالولاية، فإنَّ معنى ذلك أنَّ الطاعات إذا قام بها المكلَّف فإنَّها تكون مقبولة إذا اقترنت بالولاية ولا تكون مقبولة إذا تجرَّدت عن الولاية، وأما لولم يلتزم المكلَّف بالطاعات فإنَّه لا يصحُّ الحديث عن قبولها بالولاية أو عدم قبولها لأنَّه لم يأتِ بالطاعات أساساً بحسب الفرض حتى نبحث عن قبولها أو عدم قبولها، فالملتزِم بامتثال الطاعات هو مَن تكون الولاية مقتضية لقبولها، وهذا هو معنى قوله (ع) في الرواية المذكورة: "مَن كان مطيعًا نفعتُه ولايتنا" وأما غير المطيع لله تعالى فلا تنفعه الولاية دون ريب، وقوله (ع): "لا تغترّوا" معناه لا تتوهَّموا انَّ الولاية نافعة دون الالتزام بفراض الله الأخرى، فالولاية وحدها غيرُ كافية، والمتوهِّم لذلك مغرورٌ مخدوع، ومعنى قوله (ع): "ولا تَفتروا" هو أنَّ مَن ادَّعى أنَّ الولاية كافية ومُنجية دون الالتزام بالفرائض الأخرى فهو كاذبٌ مفترٍ على أهل البيت (ع).

 

والمتحصَّل أنَّ الرواية بصدد النفي لما قد يتوهَّمه بعض الشيعة من أنَّ تشيُّعَهم وولاءهم لأهل البيت (ع) سوف يُنجيهم من عذاب الله تعالى وإنْ لم يلتزموا بامتثال فرائضه واجتناب زواجره، فمفاد كلام الإمام(ع) أنَّ هذا الوهم غرورٌ وافتراء، فالولاء لأهل البيت (ع) لا يكون أماناً من العذاب إلا إذا اقترن بالطاعة لله تعالى في فرائضه الأخرى، وهذا المعنى غير منافٍ بل هو منسجمٌ مع مفاد الروايات المتواترة التي أفادت أنَّ المكلَّف لو التزم بكلِّ الطاعات وتنكَّر لفريضة الولاية فإنَّ طاعاته المجرَّدة من الولاية لا تُقبل وإنْ أجهد نفسه فيها، فإنَّ الله يُطاع بالكيفيَّة التي يُريدها هو جلَّ وعلا وليس من حيث يهوى العبدُ ويرغب.

 

وأمَّا الرواية الثانية وهي قول الإمام الباقر (ع): ".. أَحَبُّ الْعِبَادِ إلى اللَّه عَزَّ وجَلَّ وأَكْرَمُهُمْ عَلَيْه أَتْقَاهُمْ وأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِه يَا جَابِرُ واللَّه مَا يُتَقَرَّبُ إلى اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى إِلَّا بِالطَّاعَةِ ومَا مَعَنَا بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ ولَا عَلَى اللَّه لأَحَدٍ مِنْ حُجَّةٍ مَنْ كَانَ لِلَّه مُطِيعاً فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ ومَنْ كَانَ لِلَّه عَاصِياً فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ ومَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ والْوَرَعِ "(26). فهي -بعد تجاوز ضعف سندها أيضاً- بصدد النفي لتوهُّم أنَّ الولاية لأهل البيت(ع) أمانٌ من النار حتى في فرض المعصية لسائر الفرائض، فإنَّ ذلك باطلٌ دون إشكال، فإنَّ المؤمِّن من العقاب والمقرِّب لله تعالى إنَّما هي الطاعة لله تعالى كما أفاد الإمام (ع)، والطاعة- كما هو واضح- تكون بالالتزام بتمام الفرائض خصوصاً تلك التي بُنيَ عليها الإسلام ومنها الولاية كما أفادت الروايات المتواترة، فمؤدَّى كلام الإمام (ع) هو أنَّ طاعة الله تعالى في عموم فرائضه هي المقرِّب لله تعالى وهي الموجبة للبراءة من النار، وأمَّا الولاية وحدها فإنَّها لا تُوجب البراءة من النار بل أفاد الإمام(ع) في الرواية المذكورة أنَّه لا يصدق على أحدٍ أنَّه من أهل الولاية إذا لم يكن مطيعاً لله تعالى في سائر فرائضه ومُتجنِّباً لمحارمه، وهذا هو معنى قوله (ع): "ومَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ والْوَرَعِ" فالعمل بالفرائض والتورُّع عن المعاصي شرطٌ في تحقُّق الولاية الحقيقية. ولذلك قال الإمام (ع): "مَنْ كَانَ لِلَّه مُطِيعاً فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ" فالوليُّ الحقيقي لأهل البيت(ع) هو المُلتزِم بالطاعات، وأما العاصي لله تعالى التاركُ لفرائضه فهو عدوٌّ لأهل البيت(ع) وإنْ ادَّعى واعتقد أنَّه من أهل الولاية، وهذا هو معنى قوله (ع): "ومَنْ كَانَ لِلَّه عَاصِياً فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ".

 

وعليه فالرواية الثانية لا تنفي افتراض الولاية على العباد وإناطة القبول للطاعات بها وإنَّما تنفي توهُّم أنَّ الولاية كافية ومُنجية في ظرف المعصية لسائر الطاعات، وتُضيف الرواية أنَّ الولاية المطلوبة والحقيقيَّة هي المقترنة بالطاعات وأمَّا المجرَّدة عن الطاعات للفرائض الأخرى فهي ليست ولايةً لأهل البيت (ع) وإنْ زعم المُنتحِل لها أنَّه من أهل الولاية، ذلك لأنَّ الولاية تعني فيما تعني الاِتِّباع لأهل البيت (ع) ولا يكون أحدٌ متَّبِعاً لأهل البيت (ع) وهو يعصي الله تعالى بترك فرائضه وارتكاب محارمه، ولذلك أفاد الإمام(ع) في ذات الرواية قبل المقدار المذكور: "يَا جَابِرُ لَا تَذْهَبَنَّ بِكَ الْمَذَاهِبُ حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ أُحِبُّ عَلِيّاً وأَتَوَلَّاه ثُمَّ لَا يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ فَعَّالاً فَلَوْ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ رَسُولَ اللَّه، فَرَسُولُ اللَّه (ص) خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ (ع) ثُمَّ لَا يَتَّبِعُ سِيرَتَه ولَا يَعْمَلُ بِسُنَّتِه مَا نَفَعَه حُبُّه إِيَّاه شَيْئاً" فالواضح من هذه الفقرة هو أنَّ الإمام (ع) كان في مقام النفي لدعوى أنَّ: " حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ أُحِبُّ عَلِيّاً وأَتَوَلَّاه ثُمَّ لَا يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ فَعَّالاً"(27) فكما أنَّ حبَّ الرسول (ص) والذي هو أفضل من عليٍّ (ع) لا يكون مُجدياً ولا مُنجياً إذا لم يكن المكلَّف متِّبعاً لسنَّته (ص) فكذلك هو الحبُّ لعليٍّ (ع) لن يكون مُجدياً ومنجياً بالأولوية إذا تجرَّد عن الإتباع لسيرته، لكنَّ أحداً لا يتوهَّم أنَّ الرواية تنفي اشتراط الإيمان برسول الله (ص) والولاية له في قبول الطاعات، فالرواية اذن إنَّما هي بصدد بيان أنَّ الولاية المجرَّدة عن الطاعات ليست مُجدية ولا موجبة للبراءة من النار وليست بصدد نفي الوجوب للولاية على العباد. ولذلك فهي لا تُعارض الروايات المتواترة التي دلَّت على وجوب الولاية لأهل البيت (ع) واشتراط قبول الطاعات بها.

 

ولو فرضنا -جدلاً والأمر ليس كذلك- أنَّها -والرواية التي سبقتها- معارضة لتلك الروايات المتواترة فإنَّها تسقط عن الاعتبار لأنَّها حتى مع التجاوز لضعف سندها فإنَّها لا تعدو كونها من أخبار الآحاد، والأخبار الآحاد إذا تعارض مفادها مع الأخبار المتواترة أو حتى المستفيضة تسقط عن الحجيَّة والإعتبار.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة النساء / 80.

2- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص19.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص122.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص120.

5- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص118.

6- الكافي -الشيخ الكليني- ج1 / ص208.

7- سورة البقرة / 85.

8- سورة البقرة / 143.

9- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج5 / ص286.

10- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج33 / ص53.

11- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص122.

12- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص13.

13- الكافي (مُشَكَّل) -الشيخ الكليني- ج2 / ص18.

14- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص18.

15- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص506.

16- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص505.

17- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج9 / ص22.

18- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص503.

19- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج9 / ص33.

20- الكافي -الشيخ الكليني- ج4 / ص268.

21- الكافي -الشيخ الكليني- ج4 / ص269.

22- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج11 / ص28.

23- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص18.

24- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص23.

25- مستدرك الوسائل -ميرزا حسين النوري الطبرسي- ج11 / ص257.

26- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص74.

27- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص74.