أكلُ التفاح الأخضر

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

1- ورد في وصية النبيِّ (ص) لعليٍّ (ع) قوله : "يا عليُّ تسعةُ أشياءَ تُورثُ النسيان: أكلُ التفاحِ الحامض .."(1).

2- وورد عن أبي الحسن (ع) قال: "أكلُ التُّفاح الحامض والكزبرة يورثُ النسيان"(2).

 

هل نفهمُ من هاتين الروايتينِ كراهةَ أكلِ التفاح الأخضر في كلِّ الأحوال؟

 

الجواب:

ليس في مثل هذه الروايات ظهورٌ في أكثر من الاِرشاد إلى حُسن التركِ، وأمَّا الكراهةُ الشرعيَّة فلا تُستفاد من مِثلِها.

 

على أنَّ المُرشَد إليه في الروايتين ليس هو مرجوحيَّة التناول للتفاح الأخضر مُطلقاً وإنَّما هو الاِرشاد إلى مرجوحيَّة الاِكثار من تناولِه، وذلك بقرينة ما أفادته الروايتان من الأثر المترتِّب على تناول التُّفاح الأخضر وهو النسيان، فإنَّ مثل هذا الأثر -لو كان ثابتاً- لا يترتَّب لمجرَّد الأكل، وإنَّما يترتَّب في فرض الاكثار، فإنَّ طبيعة مثل هذه الآثار لا تترتَّب إلا في فرض الاِكثار، فتكونُ هذه قرينةً على أنَّ المُرشَد إليه في مثل هاتين الروايتين هو مرجوحيَّة الاِكثار من أكلِ التُّفاح الحامض.

 

ثم إنَّه ورد في الكافي للكلينيِّ بسنده عن دُرست، عن أبي عبد الله (ع) في حديث أنَّه رأى بين يديه تُّفاحاً أخضر قال: فقلتُ له: أتأكلُ من هذا والناس يكرهونَه؟ فقال: وعكتُ في ليلتي هذه فبعثتُ فأُتيتُ به فأكلتُه، وهو يُقلع الحُمًّى ويُسكِّن الحرارة"(3).

 

فمفادُ هذه الرواية -لو تمَّت سنداً- هو أنَّ تناول التُّفاح الحامض للتداوي من الحمَّى والحرارة غير مرجوح، وأنَّ مرجوحيَّة الاِكثار من أكل التفاح الحامض إنَّما تثبتُ في غير هذا الفرض.

 

هذا كلُّه لو كانت الرواياتُ الثلاث تامَّةً سنداً إلا أنَّها جميعاً ليست كذلك.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- من لا يحضره الفقيه -الشيخ الصدوق- ج4 / ص361.

2- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج25 / ص163.

3- الكافي -الشيخ الكليني- ج6 / ص356.