تعريف بالصحيفة السجَّاديَّة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

وهي مجموعة من الأدعية ألَّفها الإمام السجاد (ع) ودوَّنها في مُدوّنةٍ مستقلة، وقد وصلت إلينا بطرقٍ متعددة ومتكاثرة، وفيها ما هو معتبرٌ سنداً مما يُوجب الوثوق بصدورها عن مولانا الإمام السجاد (ع)، وكلُّ طرقها وأسانيدها تنتهي إلى الإمام الباقر (ع) والشهيد زيد بن علي السجاد. هذا وقد اهتمَّ بها المسلمون اهتماماً بالغاً نظراً لما اشتملت عليه من معانٍ سامية وأسلوبٍ بلاغيٍّ بديع قلَّ نظيره في التراث الإسلامي، ولذلك عبَّر عنها العلماء بزبور آل محمد (ص) وبإنجيل أهل البيت (ع).

وهي مع ذلك واحدٌ من أهم الروافد المعرفيَّة، فقد ضمَّن الإمام (ع) أدعيته الكثير من المعارف الدينية المتَّصل منها بالإلهيَّات وبأصول العقيدة والتشريع الإسلامي والمثل والقيم الدينية، كما اشتملت على تبيان أصول النظام الاجتماعي من منظورٍ ديني، هذا بالإضافة إلى ما تضمَّنته الصحيفة من تركيز على تهذيب النفس والوسائل المفضية لذلك، وكيف يتمُّ التحلّي بمكارم الأخلاق، وما هي السبل التي تُفضي بالإنسان إلى مدارج الكمال، وكيف يتسنَّى له توثيقُ علاقته بمعبوده. وما هي الآداب التي ينبغي أنْ يكونَ عليها المؤمن حينما يناجي ربَّه، وقد أصَّل الإمامُ(ع) في الصحيفة لمفاهيم لم تكن متداولة كمفهوم العشق الإلهي، ومفهوم الهُيام والوله، والأُنس والحضور في محضر القداسة والربوبيَّة.

هذا وقد اعتنى العلماء جيلاً بعد جيل بالصحيفة عنايةً متميِّزة، فقد تصدَّى العديدُ لشرحها، حتى أُحصيَ من شروحها 68 شرحاً، وقد تصدَّى آخرون لضبط متونها، وانبرى آخرون للبحث في مصادر الحديث عن أدعيةٍ أخرى للإمام السجاد (ع) لتكون بعد ذلك ملحقاً للصحيفة السجاديَّة، فهي وإنْ كانت قد اشتملت على أربعة وخمسين دعاءً إلا أنَّ الشيخ الحر العاملي ألحقَ بها عشرة أدعية للإمام السجاد استخرجها من الأصول المعتمَدة لدينا، ثم جاء الميرزا حسين النوري ليُضيف إلى الصحيفة أدعيةً أخرى للإمام السجاد يبلغ مجموعها سبعاً وسبعين دعاءً استخرجها جميعاً من الكتب الروائية ثم يأتي المحقق السيد محسن العاملي ليضيف -إلى ما وقف عليه العلماء من أدعية للإمام السجاد- اثنين وخمسين دعاء ليصبح المجموع مائة واثنين وثمانين دعاء كلها مروية عن الإمام السجاد (ع) ومذكورة في مصادر الحديث.

ومن مظاهر الإعتناء بالصحيفة السجادية ما قام به بعض الأخيار من ترجمةٍ لها بلغاتٍ عديدة فقد تُرجمت الصحيفة السجادية إلى اللغة الإنجليزية واللغة الفارسية والألمانية والأردية والفرنسية وغيرها. ومن مظاهر عناية المسلمين بالصحيفة السجادية ما قام به مجموعة من الخطَّاطين وفي حقب متفاوتة من رسمٍ بديعٍ وجذّاب لخطوط الصحيفة وقاموا بتزويقها وزخرفتها، وقد تفنَّنوا في ذلك فرسموها بخطوطٍ متعددة كخط الرقعة والنسخ، والخط الكوفي، والفارسي، وثمة بعض النسخ رُسمت بالخط الأثري القديم، وهي اليوم مودعة في خزائن المخطوطات في المكتبات الإسلامية الشهيرة.

المناجاة الخمس عشرة

وهي مدونة مستقلَّة واشتهرت بنسبتها للإمام السجاد (ع) وتشتمل على خمسة عشر مناجاة، وقد نقلها العلامة المجلسي في بحار الأنوار، وقد ألحقها جمعٌ من العلماء بالصحيفة بعد أن استخرجوها من كتب الحديث والرواية، وهي لا تقلُّ شأناً عن الصحيفة السجادية من حيث المضمون، ولذلك حظيَتْ بنفس العناية التي حظيَتْ بها الصحيفة السجَّاديَّة.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور