توهُّم انتقاض آية: ﴿كُلٌّ لَه قانِتُونَ﴾

شبهة مسيحي:

يقول القرآن في سورة الروم: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾(1) أي مطيعون فكلُّ مَن في السموات والأرض مطيعون لله بحسب هذه الآية من سورة الروم، فكيف لم يُطع إبليس ربَّه حين أمره بالسجود، وكذلك فإنَّ كلَّ بني آدم اللذين لا يؤمنون بدين الإسلام والديانات السماوية غير مطيعين لله.

الجواب:

ما هذا التوهُّم؟!

لو أنصف صاحب الشبهة نفسه لأدرك أنَّ فهمه للآية المباركة بعيدٌ غاية البُعد عن الصواب أو لاحتمل في أسوأ الأحوال أنْ لا يكون هذا الفهم مصيباً فيمنعه عن أن يبادر إلى التخبُّط على غير هدى، ذلك لأنَّ القرآن الكريم مليئٌ بالآيات التي تصدَّت للحديث عن العصاة لله تعالى من بني آدم والمشركين به والجاحدين بربوبيَّته، وتحدَّثت عن تمرُّدهم على أنبيائهم، فأفادت أنَّ منهم مَن كان يسخرُ بهم، ومنهم مَن كان يتوعَّدهم بالطرد أو الرجم، وفيهم مَن قتلوا أنبياءهم، وفيهم من حرَّضوا عليهم وعبئوا الجنود والأحزاب لحربهم وأتباعهم، ومنهم من ادَّعى الربوبيَّة لنفسه، وفيهم من صنع العجل ودعى الناس لعبادته مَن دون الله تعالى، وفيهم مَن يعبد الأوثان الشمس والقمر والحجر، وفيهم من حفروا الأخدود وأحرقوا فيها أتباع الأنبياء، وفيهم الطغاة، وفيهم البغاة، وفيهم الفسَّاق والمُترَفون، وفيهم أصحابُ الفيل وأصحابُ السبت، وفيهم قوم لوط.

كلُّ هؤلاء وغيرهم من المتمرِّدين على الله تعالى قد أكثر القرآن من الحديث عنهم وعن المصير الذي آلوا إليه، وعن العذاب الذي ينتظرهم يوم القيامة، فقد أخبر القرآن عن الطوفان الذي أودى بقوم نوح، وعن الأيام النحِسات التي أصابت قوم عاد، والصيحة التي أخذت قوم صالح، والرجفة التي دمَّرت قوم شعيب، والسماء التي أمطرت قوم لوطٍ بحجارةٍ من سجِّيل، والبحر الذي صار كلُّ فِرْقٍ منه كالطود العظيم فأغرق فرعون وملئه، والخسف الذي ابتلع قارون وكنوزه، والمسخ الذي صيَّر من أصحاب السبت قِرَدةً، وفي بني إسرائيل من مُسخوا قردةً وخنازير.

كلُّ هؤلاء تحدَّث القرآنُ الكريم عنهم وقصَّ علينا أخبارهم وأحوالهم وحضَّ على أنْ نجعل من مصائرهم عبرةً ومتَّعظا، فهل يسوغُ بعد كلِّ ذلك لمنصفٍ أنْ يتوهَّم بأنَّ المراد من قوله تعالى: ﴿ولَه مَنْ فِي السَّماواتِ والأَرْضِ كُلٌّ لَه قانِتُونَ﴾ هو أنَّ كلَّ من في الأرض من الجنِّ والإنس مطيعون لأوامر الله تعالى وممتثلون لشرائعه حتى يُدَّعى أنَّ هذه الآية المباركة منتقضة بمعصية إبليس وجحود الكثير من بني الإنسان وتجاوزهم لحدود الله تعالى.

هل أبصر ما خفيَ على الأوَّلين و الآخرين؟!

إنَّ هذا الكم الوافر من الآيات المستوعِب لما يقرب من نصف القرآن والمتصدِّي للحديث عن العصاة والمتمرِّدين على الله تعالى كافٍ لو أنصف هذا الرجل للقطع بأنَّ مراد الآية ليس هو ما توهَّمه أو تعمَّد الإيهام به.

إذ لو كان كلُّ مَن في السماء والأرض مطيعين وممتثلين لأوامر الله تعالى وزواجره إذن فلماذا أعدَّ لهم جهنم وتوعَّدهم في الكثير من الآيات بالمصير إليها، ولماذا وصف الكثيرَ من الناس بالمشركين والكافرين والجاحدين والمنافقين والقاسطين والآثمين والضالين والمضلِّين والمفسدين والظالمين والمجرمين والفاسقين والكاذبين والخبيثين والملعونين والخائنين والبغاة والزناة والطغاة والقساة والجبابرة والأشقياء، أليست كلُّ هذه صفات المتلبِّسين بمعاصي الله تعالى والخارجين على أوامره والمتجاوزين لنواهيه، فهل نسيَ القرآن وخفيَ عن الرسول (ص) أنَّ كلَّ هؤلاء غير مطيعين لله تعالى حتى جاء صاحبُ الشبهة فتفطَّن لِمَا غفِل عنه الأوَّلون والآخرون؟!

بيانُ المراد من الآية الكريمة:

الكلُّ خاضعٌ لإرادته التكوينيَّة:

وكيف كان فالمراد من الآية المباركة بعد الاِلتفات إلى هذه القرينة القطعيَّة الصارفة والمانعة من إرادة المعنى المتوهَّم المذكور، المراد منها أنَّ كلَّ مَن في السماوات والأرض فهم منقادون لله تعالى وخاضعون لسلطانه وليس في وِسْع أحدٍ منهم التخلُّف عن إرادته التكوينيَّة، فالإنسانُ مثلاً لم يخرج من كتْم العدم إلى حيِّز الوجود بإرادته هو وإنَّما بإرادة الله جلَّ وعلا، فهو الذي اختار له الوجود واختار له الزمن الذي يخرج فيه من كتْم العدم، وحين اختار اللهُ تعالى له الوجود لم يكن بوسعه التخلُّف ثم انَّ الله تعالى هو مَن اختار له المادة التي تخلَّق منها، ولو شاء هو أو شاء غيره أن يتخلَّق من غيرها من نحاسٍ أو حديدٍ مثلاً لما وسِعهم ذلك، ثم إنَّ الله حين شاء خلْق هذا الإنسان نقله وهو نطفة من مرحلةٍ إلى أخرى، ولو شاء هذا الإنسان أنْ يتمرَّد فيتخطَّى هذه المراحل لَما وسِعه ذلك، ولو شاء الله تعالى لجعل منه إنساناً كاملاً دون أنْ يتدرَّج به في خلقه، وحينئذ يكون مقسوراً على ذلك، وليس له أنْ يأبى على ربِّه إلا التدرُّج، وحين شاء اللهُ تعالى له أنْ يخرج إلى الحياة كان هو مَن كيَّف له صورته وطبيعة نفسيَّته وسلامة أعضائه وأحشائه أوسقمها وقدَّر له مبلغَ عقله ومداركه، وهو مَن قضى عليه مقدار أجلِه الذي يتحتَّم عليه حين بلوغه الإستسلام لحتفه، فليس له أنْ يأبى على ربِّه الموت حين يشاءُ اللهُ تعالى إماتته.

ثم إنَّ الله تعالى قدَّر له في الحياة اموراً لا يسعُه نقضها والتمرُّد عليها فقدَّر عليه أنْ يكون طفلاً ثم شابَّاً ثم يُصبح شيخاً، فلو شاء أنْ يُولد شيخاً ثم يُصبح شابَّاً لما كان له ذلك، وقدَّر له النوم واليقظة، فلو أراد أنْ يظلَّ مُستيقظاً أبداً لما إستقام له ذلك، وقدَّر عليه الحاجة إلى الطعام والشراب والهواء، فلو شاء الإستغناء عن كلَّ ذلك لَما وسِعه، وهكذا فكلُّ شئونات الإنسان التكوينيَّة فإنَّه منقادٌ فيها لأوامر الله وإرادته جلَّ وعلا، وهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿كُلٌّ لَه قانِتُونَ﴾.

لا جبرَ على الخضوع للإرادة التشريعيَّة

وأمَّا أنَّه يعصي الله تعالى ويتمرَّد عليه فذلك إنَّما هو في أوامره التشريعيَّة التي شاء اللهُ تعالى فيها للإنسان أنْ يكون مختاراً، قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا﴾(2) وقال تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾(3) وقال تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا﴾(4).

القرائن على المعنى المُراد:

1- الآية في سياق التدبير الكوني:

والقرينة على أنَّ المراد من الآية هو أنَّ كلَّ مَن في السماوات والأرض منقادون لإرادته وأوامره التكوينيَّة، القرينة على ذلك مضافاً إلى ما تقدَّم بيانه هو أنَّ الآية التي سبقت هذه الآية كانت تتحدَّث عن أمر الله تعالى للسماء والأرض والأموات، ومن الواضح أنَّ الأمر لمثل هؤلاء اللذين لا عقل لهم ولا إرادة لا يكون إلا بنحو الأوامر التكوينيَّة والتي هي بمعنى التقدير عليهم قال تعالى: ﴿ومِنْ آياتِه أَنْ تَقُومَ السَّماءُ والأَرْضُ بِأَمْرِه ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾(5) فقيام السماء والأرض بأمره معناه أنَّ ذلك يكون بتقديره وقضائه، وكذلك فإنَّ دعوته الأموات بعد صيرورتها رميماً إنَّما يكون بمعنى قضائه عليهم أنْ يُبعثوا وحينئذ يتحتَّم تحقُّق الإنبعاث لهم، فبعد هذه الآية المتصدِّية للتعريف بإنقياد السماء والأرض لأمره التكويني قال الله تعالى: ﴿ولَه مَنْ فِي السَّماواتِ والأَرْضِ كُلٌّ لَه قانِتُونَ﴾ فليست الجمادات وحدها المنقادة لأمره بل إنَّ ذوي الإدراك والإرادة من سكَّان السماوات والأرض أيضاً منقادون لأمره التكويني فليس في مقدور أحدٍ منهم التخلُّف عن إرادته وتقديره والتمرُّد على القوانين الكونية التي فرضها على عباده.

هذا هو مفاد الآية بقرينة الآية التي سبقتها، وهكذا فإنَّ الآيتين واقعتان في سياق آياتٍ متصدِّية لبيان تدبير الله تعالى لهذا الكون، فالآياتُ التي سبقت هاتين الآيتين هي قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ / يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ / وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ / وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ / وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ / وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ / وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾(6) ثم قال تعالى: ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ / وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾(7) وبعد هاتين الآيتين قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾(8).

فالآياتُ التي سبقت الآية مورد البحث والآية التي لحقتها كلُّها متصدِّية للحديث عن أنَّ كلَّ ما في الكون فهو مِن خلْق الله تعالى، وتدبير الكون وتسييره والقوانين المنتظمة في إطاره كلُّها من أمر الله ومشيئته وإرادته، وذلك ما يُؤكد أنَّ الآية مورد البحث إنَّما هي متصدِّية لإفادة أنَّ مَن في السماوات والأرض من ذوي الإدراك والإرادة منقادون لله تعالى شأنهم في ذلك شأن كلِّ ما في السموات والأرض من غير ذوي الإدراك والعقل.

2- الدعوة إلى طاعة الله في سياق الآية!

ثم إنَّ الآية مورد البحث والآيات التي وقعت في سياقها كان الغرض من سَوقها بعد البرهنة على ربوبيَّة الله تعالى للكون هو الدعوة إلى الإنابة وتقوى الله تعالى وإقامة الصلاة والتوحيد لله تعالى وعدم اتِّباع الهوى، فلو كان المراد من الآية مورد البحث هو أنَّ كلَّ إنسانٍ فهو مطيعٌ ومنقادٌ لله تعالى في أوامره التشريعيَّة فما معنى التوبيخ للإنسان في سياق الآيات نفسها على الظلم واتِّباع الهوى؟! ومامعنى التشنيع في ذات الآيات على المشركين والتعبير عما يقتضي الفراغ عن وجودهم، وما معنى توصيفهم بأنَّهم فرَّقوا الدين؟! وما معنى إنذار الكفار بما سوف يلقونه؟! وما معنى الدعوة في سياق نفس الآيات إلى الإنابة والتقوى؟! وهل ذلك إلا من تحصيل الحاصل لو كان المراد من الآية مورد البحث هو ما توهَّمه صاحبُ الشبهة. قال تعالى: ﴿بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ / فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ / مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ / مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ / وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ / لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ / أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ﴾(9).

الخلاصة:

والمتحصَّل أنَّ ملاحظة الآيات التي وقعت الآية مورد البحث في سياقها، وكذلك الملاحظة للغرض من سَوْق هذه الآيات يُنتج الوثوق التام بأنَّ المراد من قوله تعالى: ﴿ولَه مَنْ فِي السَّماواتِ والأَرْضِ كُلٌّ لَه قانِتُونَ﴾ هو أنَّ كلَّ مَن في السماوات والأرض بما فيهم الإنسان منقادون لإرادة الله التكوينيَّة شأنهم في ذلك شأن كلِّ ما في الكون، وليس المراد من الآية المباركة هو حتميَّة الطاعة والإنقياد لله تعالى في أوامره التشريعيَّة فإنَّ مشيئة الله جلَّ وعلا قد اقتضت أنْ يكون الإنسان مختاراً، فهذا الفهم للآية ليس مُراداً جزماً بعد ملاحظة ما ذكرناه من قرينة قطعيَّة على امتناع إرادة هذا المعنى للآية المباركة. 

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

من كتاب شبهات مسيحية


1- سورة الروم / 26.

2- سورة الكهف / 29.

3- سورة الإنسان / 3.

4- سورة البقرة / 256.

5- سورة الروم / 25.

6- سورة الروم / 18-24.

7- سورة الروم / 25-26.

8- سورة الروم /27.

9- سورة الروم / 29-35.