هل يُصاب المؤمن بداء البرص؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

هل يصحُّ ما يُقال إنَّ المؤمن لا يُصاب بداء البرص، فإذا أُصيب فهي علامة على خللٍ في إيمانه؟

 

الجواب:

هذا الكلام لا يصح، فإنَّ داء البرص شأنُه شأنُ سائر الأدواء يُبتلى بها المؤمن وغير المؤمن، فإذا ابتُلي بها المؤمن وصبر واحتسب كان ذلك موجبًا لعلوِّ درجته، ويظهر من بعض الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) أنَّ هذه الدعوى –وهي عدم ابتلاء المؤمن بداء البرص- كانت متداولة بمستوًىً ما بين أصحاب الأئمة (ع) ولذلك تصدَّى أهلُ البيت (ع) لنفيها والتأكيد على أنَّ داء البرص شأنُه شأن سائر الأمراض قد يمتحنُ اللهُ تعالى بها المؤمن كما قد يُصابُ بها غيره.

 

فمِن ذلك ما أورده الكليني في الكافي بسندٍ معتبر عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع): أيُبْتَلَى الْمُؤْمِنُ بِالْجُذَامِ والْبَرَصِ وأَشْبَاه هَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ: وهَلْ كُتِبَ الْبَلَاءُ إِلَّا عَلَى الْمُؤْمِنِ"(1).

 

ومن ذلك ما أورده الكليني أيضًا في الكافي بسنده عَنْ نَاجِيَةَ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ (ع): إِنَّ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُبْتَلَى بِالْجُذَامِ ولَا بِالْبَرَصِ ولَا بِكَذَا ولَا بِكَذَا فَقَالَ (ع): "إِنْ كَانَ لَغَافِلًا عَنْ صَاحِبِ يَاسِينَ إِنَّه كَانَ مُكَنَّعًا ثُمَّ رَدَّ أَصَابِعَه فَقَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى تَكْنِيعِه أَتَاهُمْ فَأَنْذَرَهُمْ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْغَدِ فَقَتَلُوه، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُبْتَلَى بِكُلِّ بَلِيَّةٍ ويَمُوتُ بِكُلِّ مِيتَةٍ إِلَّا أَنَّه لَا يَقْتُلُ نَفْسَه"(2).

 

وصاحبُ ياسين هو الذي حكى القرآن قصَّته في سورة ياسين عند قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ / إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾(3).

 

والمكنَّع هو المبتلى بتشنج في أصابعه وتيبسها من أثر الجذام أو غيره أو هو المقطع الأصابع بسبب الجذام أو غيره، فالجذام والبرص وغيرهما من الابتلاءات قد تُصيب المؤمن كما قد تًصيب غيره، فإذا صبر المُبتلى واحتسب وقع أجرُه على الله تعالى.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص258.

2- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص254.

3- سورة يس / 13-14.