الأمويُّون أوطأوا الخيلَ جسدَ الحسين (ع)

 

المسألة:

هل صحيح أنَّه بعد مقتل الإمام الحسين (ع) تمَّ استبدال أحذية الخيول بأخرى جديدة قبل أن يرضُّوا بها الجسد الطاهر للإمام الحسين(ع)؟ ولماذا استُبدلت الأحذية؟

 

الجواب:

المنقول في كتب التاريخ والمقاتل من الشيعة والسنَّة أنَّه بعد مقتل الحسين (ع) نادى عمر بن سعد في أصحابه "من ينتدب للحسين ويُوطئه فرسه فانتدب عشرةٌ، منهم إسحاق بن حياة الحضرمي وهو الذي سلب قميص الحسين فبرصَ بعدُ، وأخنس بن مرثد فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتى رضُّوا ظهره وصدره .."([1]).

 

ورُوي عن أبي جعفر الباقر (ع) كما في الأصول الستة عشر عن كتاب نوادر علي بن أسباط قال الباقر(ع) يصفُ كيفية قتل الإمام الحسين (ع): ".. لقد قُتل بالسيف والسنان، وبالحجارة وبالخشب وبالعصا، ولقد أوطأوه الخيلَ بعد ذلك"([2]).

 

وورد في زيارة الناحية المأثورة عن الإمام المهدي (ع): ".. فهويتَ إلى الأرض جريحًا، تطؤك الخيول بحوافرِها، وتعلوك الطغاةُ ببواترِها، قد رشحَ للموتِ جبينُك .."([3]).

 

ويظهرُ من هذا النصِّ أنَّ وطء جسد الحسين (ع) بحوافرِ الخيول قد وقعَ قبل استشهاده فيكون مقتضى الجمع بين هذا النصِّ المأثور والنصوصِ الأخرى أنَّ وطء جسد الحسين (ع) بحوافرِ الخيول قد وقعَ قبل وبعد استشهاده.

 

وقد ذكر ابن طاووس في كتاب اللهوف أسماء العشرة الذين وطِئوا الجسد المطهَّر بخيولهم وهم:

إسحاق بن حياة -حوبة- وأخنس بن مرثد، وحكيم بن طفيل السنبسي، وعمر بن صبيح الصيداوي، ورجاء بن منقذ العبدي، وسالم بن خثيمة الجعفي، وواحظ بن ناعم، وصالح بن بن وهب الجعفي، وهاني بن شبث الحضرمي، وأسيد بن مالك([4]) هؤلاء هم من وطئوا جسد الحسين (ع) بحوافر خيولهم حتى رضُّوا صدره وظهره ثم ذهبوا لابن زياد في الكوفة يفتخرون عنده بهذا الفعل الشنيع وأنشد أحدهم:

 

نحن رضضنا الصدر بعد الظهر ** بكل يعبوبٍ شديد الأسر([5])

 

هذا وقد كان سببب ما صدر عن عمر بن سعد من أمرٍ برضِّ صدر الحسين (ع) وظهره بحوافر الخيل هو أنَّ ثمة مرسومًا بلغه عن السلطة الأموية المُمثَّلة في عبيد الله بن زياد كما ذكر ذلك المؤرِّخون، فقد ذكر مثل الطبري وابن الأثير في الكامل: ".. فإن نزل حسينٌ وأصحابُه على الحكم فابعث بهم إليَّ.. وإنْ أبَوا فازحفْ إليهم حتى تقتلهم وتُمثِّل بهم فإنَّهم لذلك مستحقُّون فإنْ قُتل حسين فأوطئ الخيلَ صدرَه وظهرَه.. وليس دهري في هذا أنْ يضرَّ ولكنْ عليَّ قولٌ لو قتلتُه فعلتُ هذا به.."([6]).

 

وأمَّا أنَّ مَن أسهَمَوا في رضِّ الجسد المطهَّر كانوا قد استبدلوا أحذية حوافر خيولهم فلم أقف على تصريحٍ بذلك فيما وقفتُ عليه من كتب المؤرِّخين إلا أنَّ المتعارَف هو أنَّ العرب حين الاستعداد للحرب تستبدلُ أحذية حوافر الخيول إذا كانت متآكلة وإلا تركتها على ما هي عليه، والله أعلمُ بحقائق الأمور.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 

 


[1]- تاريخ الطبري ج4 / ص347.

[2]- ص339.

[3]- المزار ص504.

[4]- اللهوف -ابن طاووس- ص79.

[5]- اللهوف -ابن طاووس- ص80.

[6]- تاريخ الطبري ج4 / ص314، الكامل في التاريخ -ابن الأثير- ج4 / ص55.