الأصلُ عند الشكِّ في اقتضاء الأمر للحكم الوضعي

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

لو ورد أمرٌ في الأموال مثل وجوب النفقة على القريب وشككنا في كونِه حكمًا تكليفيًّا محضًا وبين كونه حكمًا وضعيًا يتعلَّق بالذمَّة ليجب إخراجه من التركة مثلًا، فما هو مقتضى الأصل في المقام؟

الجواب:

إذا لم يكن في خطاب الأمر المالي ما يقتضي استظهار اشتغال ذمَّة المكلَّف بالمال المأمور بإخراجه فالأصلُ الجاري هو البراءة بعد سقوط الأمر بانتفاء الموضوع لإنعدامه مثلًا أو انتهاء وقتِه.

فلو فُرض أنَّ الأمر بالنفقة مثلًا على أحد الأقارب كان غير ظاهرٍ في أكثر من الحكم التكليفي بوجوب النفقة، وكان من المُحتمل أنَّ الذمة تكون مشتغلةً بالنفقة في فرض عدم الاِلتزام بالإنفاق, فلو مات القريب وانعدم موضوع الأمر ووقع الشكُّ في اشتغال الذمة فإنَّ الأصل الجاري هو البراءة.

وكذلك لو فُرض أنَّ الأمر بإخراج الفطرة يوم العيد لم يكن ظاهرًا في أكثر من الحكم التكليفي بوجوب إخراج الفطرة للفقير، وكان من المُحتمل اِشتغال الذمَّة بالفطرة بعد اِنتهاء وقتِها فإنَّ الأصل الجارى في هذا الفرض هو البراءة.

ومنشأ ذلك هو أنَّ الحكم الوضعيَّ المُحتمل في مثل المقام هو موضوع لحكمٍ تكليفيٍّ، أي إنَّ احتمال اشتغال ذمَّة المأمور بالمال يستبطنُ حكمًا تكليفيًّا زائدًا، والأصل براءة الذمَّة منه.

فحينما يُوجَّه خطابٌ لمكلَّفٍ بأنْ أعطِ زيدًا درهمًا فإنَّ هذا الخطاب ظاهرٌ في الوجوب التكليفي بإعطاء زيدٍ درهمًا, فلو قلنا إنَّه يقتضي مضافًا للحكم التكليفي المذكور اشتغال ذمَّة المكلف بالدرهم لزيد لكان مقتضى ذلك أنَّه لو مات زيد فإنَّ المكلَّف مُخاطَبٌ باعطاء الدرهم لورثتِه، وهذا تكليفٌ آخر غير التكليف الأول، والأصل براءة الذمَّة منه في فرض الشك. وكذلك فإنَّ مقتضاه لزوم إعطاء زيدٍ أو ورثته الدرهم من تركة المكلَّف لو مات المكلَّف، وهذا تكليفٌ زائد، والأصل هو براءة الذمَّة منه.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور