خروج البول أو الغائط لا ينقضان غسل الميت

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

لماذا لا تجبُ إعادة غسلِ الميِّت لو خرج منه مثلُ البولِ أو الغائطِ أثناء الغسل أو بعده؟!

الجواب:

يكفي لعدم إيجابِ الإعادة هو عدمُ الدليل على انتقاض غسلِ الميِّت بمثل حدثِ البول أو الغائط بل وحتى المني، وبذلك يكونُ الجاري في الفرض المذكور هو الأصلُ المؤمِّن أي أصالة عدم اعتبار تقيُّد صحَّة الغسل بعدم خروج شيءٍ من ذلك، وقياس المقام بمثل غسل الجنابة من الحيِّ لا يصحُّ لبطلان القياس مضافاً إلى أنَّ اشتراط عدم الحدث أثناء الغسل من الحيِّ لم تثبتْ في غير الحدث بالجنابة في أثنائه. ولو ثبت فإنَّ التعدية منه إلى غسل الميِّت من القياس المحرَّم.

ثمَّ إنَّ عدم وجوب الإعادة بخروج مثل البول أو الغائط بعد الغسل أو بعد أحد الأغسال الثلاثة منصوصٌ عليه في عددٍ من الروايات:

منها: موثَّقة روح بن عبد الرحيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "إنْ بدا من الميِّتِ شيءٌ بعد غسلِه فاغسل الذي بدا منه ولا تُعِد الغسل"(1) فهذه الموثَّقة بمقتضى إطلاقِها ظاهرةٌ في أنَّ كلَّ ما يخرجُ من الميِّت بعد تغسيلِه -من بولٍ أو غائط أو دم حيضٍ أو منيٍّ أو ما أشبه ذلك - فهو غيرُ موجبٍ لانتقاض الغسل.

ومنها: موثَّقةُ عمَّار الساباطي عن الصادق (عليه السلام): "أنَّه سُئل عن غسل الميت؟ قال: تبدأ فتطرحُ على سوأتِه خُرقة ثم تنضحُ على صدره وركبتيه من الماء ثم تبدأ فتغسل الرأسَ واللحيةَ بسدر حتى تنقِّيَه ثم تبدأ بشقِّه الأيمن ثم بشقِّه الأيسر، وإنْ غسلتَ رأسَه ولحيته بالخطمي فلا بأس. وتمرُّ يدك على ظهره وبطنه بجرَّةٍ من ماء حتى تفرغَ منهما ثم بجرَّةٍ من كافور تجعل في الجرَّة من الكافور نصفَ حبَّةٍ ثم تغسلُ رأسَه ولحيته ثم شقَّه الأيمن ثم شقَّه الأيسر، وتمرُّ يدَك على جسدِه كلِّه وتنضب رأسه ولحيته شيئاً، ثم تمرُّ يدَك على بطنِه فتعصرُه شيئاَ حتى يخرجَ من مَخرجه ما خرج ويكون على يدِك خُرقة تُنقِّي بها دبرَه، ثم ميل برأسه شيئاً فتنفضُه حتى يخرجَ من منخرِه ما خرج، ثم تغسلُه بجرَّةٍ من ماء قراح، فذلك ثلاث جرار فإنْ زدت فلا بأس"(2).

فهذه الموثَّقة صريحةٌ في أنَّ ما يخرج من بطنِ الميِّت بعد عصرِه لا يوجبُ انتقاضَ الغُسلين الأولين، وهما الغسلُ بالسِدْر والغسلُ بالكافور.

فمحلُّ الأمرِ بالعصر وتنقيةِ مَخرج الميِّت ممَّا يخرجُ منه واقعٌ بعد الغسلين وتعقَّبَ ذلك الأمر بتغسيلِه بالماء القراح رغم افتراض خروج شيءٍ بالعصر من مَخرجِه.

والحمد لله ربِّ العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- الوافي -الفيض الكاشاني- ج24 / ص337.

2- تهذيب الأحكام -الشيخ الطّوسيّ- ج1 / ص305.