يوم الأربعين يوم الزيارة

المسألة:

سؤالي حول يوم الأربعين هل وصلت فيه عائلةُ الحسين (ع) إلى كربلاء لتجديد العزاء والزيارة كما هو المتعارف بين الناس أو أنَّ وصولها كان بعد هذا التاريخ؟

الجواب:

الثابت أنَّ يوم الأربعين هو يومُ الزيارة وتجديدُ العزاء على الحسين (ع)(1) وأمَّا وصول عائلة الحسين (ع) إلى كربلاء يوم الأربعين فهو لم يثبت بل هو مستبعَدٌ، نعم هي وصلت إلى كربلاء بعد هذا التأريخ.

فيوم الأربعين يوم عزاءٍ وحزن وزيارةٍ لسيد الشهداء، واستحباب زيارتِه يوم الأربعين ثابتٌ وهومن علامات المؤمن كما ورد في الروايات عن أهل البيت (ع)(2).

والذي يؤكِّد ما ذكرناه من استبعاد وصول قافلة الإمام الحسين (ع) إلى كربلاء يوم الأربعين هو ما أفاده جمعٌ الفقهاء والمؤرخين كالشيخ المفيد والشيخ الطوسي والعلامة الحلِّي وغيرهم من أنَّ خروج قافلة الحسين (ع) من الشام بعد الأسر كان يوم العشرين من صفر أي في يوم الأربعين، هذا أولًا(3).

وثانيًا: اختلف العلماء والمؤرِّخون في مقدار الزمن الذي مكثتْ فيه قافلةُ الحسين (ع) في الشام، ويُمكن حصر الأقوال في ثلاثة:

الأول: أنَّها مكثت عشرين يومًا(4).

الثاني: أنَّها مكثتْ شهرًا كاملًا، وهو قول السيد ابن طاووس(5).

الثالث: أنَّها مكثت شهرًا ونصف الشهر، وهو قولُ القاضي النعمان(6).

فإذا افترضنا أنَّ القول الأول هو المطابِق للواقع وضممنا إلى ذلك ما ذكره أكثر المؤرِّخين من أنَّ وصول قافلة الحسين (ع) إلى الشام كان في يوم الحادي من شهر صفر فإنَّ النتيجة هي أنَّ خروج القافلة من الشام كان في يوم العشرين من صفر، وهو القول الذي ذهب إليه الكثير من العلماء والمؤرِّخين كالشيخ المفيد والشيخ الطوسي والعلامة الحلِّي رحمهم الله تعالى.

وحينئذٍ نقول إنَّ المدَّة التي يستغرقُها مسير القافلة من الشام إلى كربلاء لا يقلُّ عن الثلاثة والعشرين يومًا إذا كان المسير بواسطة الجِمال وكانت الحركة مقتصرة على النهار دون الليل كما أفاد ذلك أصحاب المسافات، ولمَّا كان الأمر كذلك فمعناه أنَّ وصول القافلة إلى كربلاء كان في اليوم الثالث عشر من ربيع الأول، وأمَّا لو افترضنا أنَّ المسير كان ليل نهار فالمدَّة التي تحتاجها القافلة للوصول إلى كربلاء هو إحدى عشر يومًا، وهذا معناه أنَّ وصول القافلة كان في غرَّة ربيع الأول.

والمرجَّح أنَّ المسير من الشام إلى كربلاء لم يكن ليلَ نهار(7)، وذلك لأنَّ المُجمَع عليه بين المؤرِّخين أنَّ يزيد لمَّا وجد غضب الناس عليه واستنكارهم لقتله الحسين (ع) وسبي عائلته أوصى النعمان بن بشير أنْ يسير بقافلة الحسين (ع) سيرًا رفيقًا إلى المدينة المنورة، وهو يقتضي بأنْ لا يجدَّ بهم المسير، وذلك هو ما وقع كما أفاد ذلك العلماء والمؤرِّخون، فوصولُ القافلة إلى كربلاء كان بنحو التقريب في اليوم الثالث عشر من ربيع الأول، هذا لو كان المتعيَّن من الأقوال هو القول الأول، وأمَّا لو كان المتعيَّن هو الثاني فالوصول إلى كربلاء لم يكن قبل العشرين من شهر ربيع الأول إذا لم يكن في بدايات ربيع الثاني كما هو مقتضى القول الثالث.

هذا وقد استبعد القول بوصول قافلة الحسين(ع) إلى كربلاء في يوم الأربعين جمعٌ من العلماء كالمحدِّث النوري والمحقِّق القمي صاحب المفاتيح والعلامة المجلسي صاحب البحار والسيِّد ابن طاووس في الإقبال وغيرهم.

ورغم ذلك لا مانع من استعراض الوقائع التي حدثت يوم وصولهم إلى كربلاء على أنْ يتمَّ التنبيه إلى أنَّها وقعت يوم الوصول ولم تقع يوم الأربعين.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج14 / ص478.

2- روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (ع) أنه قال: "علامات المؤمن خمس: صلاة الخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم". وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج14 / ص478.

3- مصباح المتهجد -الشيخ الطوسي- ص787، مسار الشيعة -الشيخ المفيد- ص46، العدد القوية -الحلِّي- ص219، بحار الأنوار للمجلسي ج98 / ص334.

4- كما هو المستفاد مما أفاده الشيخ المفيد أنَّ خروجهم من الشام كان في العشرين من صفر مسار الشيعة ص46 وكذلك الشيخ الطوسي في المصباح ص787 والعلامة الحلِّي في العدد القوية ص219.

5- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس- ج3 / ص101.

6- شرح الأخبار -القاضي النعمان المغربي- ج3 / ص269.

7- الإرشاد -الشيخ المفيد- ج2 / ص122، أعلام الورى للطبرسي ج1 / ص476، الدر النظيم -ابن حاتم العاملي- ص566.