الغديرُ عيدٌ فكيف يصحُّ صومُه؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

إنَّنا نعلم أنَّ الصوم في يوم العيد غيرُ جائزٍ، فكيف جاز في عيد الغدير؟

 

الجواب:

الحكم بحرمة صوم يوم العيد مختصٌّ بعيدي الفطر والأضحى، وليس هناك قاعدة شرعيَّة مفادُها أنَّ كلَّ عيدٍ يحرمُ صومُه، وقد عبَّرت الرواياتُ الواردة عن أهل البيت (ع) عن يوم الجمعة بأنَّه يومُ عيدٍ للمسلمين(1) ورغم ذلك لا يحرمُ صومه بل هو مستحبٌّ.

 

فوجوبُ الصوم أو حرمتُه أو استحبابُه أحكامٌ شرعيَّة لا طريق إلى معرفتِها إلا بالكتاب المجيد والسنَّةِ الشريفة الواصلة بطريقٍ معتبرٍ، وأمَّا التنظيرُ والقياس في الأحكام فهو غيرُ معتبرٍ عندنا. فلا يصحُّ تسريةُ حكمٍ ثابتٍ لموضوعٍ إلى موضوعٍ آخر لمجرَّد التشابه في الاسم أو بعض الخصوصيَّات لأنَّ ذلك من القياس.

 

قد ورد في الخبر الصحيح عن الإمام الصادق (ع): "إنَّ السنَّةَ إذا قِيستْ مُحِقَ الدين"(2).

 

وروى الكليني في الكافي بسندٍ معتبر: "أنَّ عليَّاً (عليه السلام) قال: مَن نصبَ نفسَه للقياس لم يزل دهرُه في التباس"(3).

 

ثم إنَّ الملاحَظ هو أنَّ الأحكام الشرعيَّة قد جَمعتْ بين مُتفرِّقاتٍ في الحكم، وفرَّقت في الحكم ما هو مجتمِعٌ في نظر العُرف، فدمُ الذبيحة - مثلاً - متحدٌ من حيث الخاصِّية بنظر العرف ورغم ذلك حكمت الشريعة بنجاسة الدم المسفوح من الذبيحة، وحكمت في ذات الوقت بطهارة الدم المتخلِّف منه في الذبيحة، وكذلك فإنَّ البول -مثلا- متَّحدٌ في الخاصِّيةِ بنظر العرف، فلا فرق عنده بين بول الإنسان وبول البقر من حيث القذارة إلا أنَّ الشريعة حكمتْ بنجاسة بول الإنسان وطهارة بول البقر والغنم والإبل، فأحكام الله لا تخضعُ للقياس. 

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج7 / 313.

2- الكافي -الشّيخ الكليني- ج1 / ص57.

3- الكافي -الشّيخ الكليني- ج1 / ص58.