انسحاب الزبير من معركة الجمل

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما هو الموقف من الزبير الذي قُتل في معركة الجمل، إذ خرج على إمام زمانِه وانسحب من المعركة بعد ذلك. ووردت الروايات أنَّ النبيَّ (ص) وأميرَ المؤمنين (ع) قالا: "بشِّروا قاتلَ ابنِ صفيَّةَ بالنار"(1).

الجواب:

الزبير بن العوام لم يُقتل في معركة الجمل، نعم كان سبباً في نشوبِها ثم هو قد تراجعَ بعد حوارٍ وقعَ بينَه وبينَ الإمام عليٍّ (ع) قبل نشوب الحرب فذكَّره الإمام عليٌ (ع) بقول رسول الله (ص): "يا زبيرُ ليس بعليٍّ زهوٌ، ولتخرُجنَّ عليه وتحاربُه وأنتَ ظالمٌ له"(2) وفي رواية "لتقاتلنَّه وأنتَ له ظالمٌ"(3) فحين خرج الزبيرُ وابتعدَ عن موقع المعركة وبلغَ كما قيل إلى وادي السِباع اغتالَه رجلٌ اسمه عمرو بن جرموز.

فالزبيرُ أخطأ في خروجِه على إمام زمانِه، وأمَّا انسحابُه من المعركة فهو لا يُعبِّر عن توبتِه لأنَّ المناسب للتوبةِ هو أنْ ينصحَ أتباعَه ويأمرَهم بالعدول عن موقفِهم لكنَّه لم يفعل واكتفى بعدم المشاركةِ في الحرب.

وأمَّا ما رُوي عن الإمام عليٍّ (ع) أنَّه روى عن رسول (ص) أنَّه قال: "بشِّر قاتلَ ابنِ صفيَّة بالنار"(4) فعلى فرض صحَّة الخبر فإنَّه لا يدلُّ على أنَّ الزبير قد تابَ بانسحابِه من المعركة، نعم لا ريب أنَّ ابنَ جرموز مستحقٌّ للنار لأنَّه قتلَ الزبير غيلةً بغير وجهِ حقٍّ.

وكيف كان فقد كان تأريخ الزبير بن العوام مُشرقاً أيام رسول الله (ص)، وبعد وفاتِه (ص) كان في الصفِّ الذين انتصروا لعليٍّ (ع). وقد أُثر عن عليٍّ (ع) أنَّه قال: "ما زال الزبيرُ منَّا أهلَ البيت حتى نشأ بنوه فصرفُوه عنَّا"(5).

ورُوي عن الإمام الصادقِ (ع) أنَّه قال: "ما زال الزبيرُ منَّا أهل البيت حتى أدركَ فرخُه فنفاهُ عن رأيِه"(6).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج10 / ص387، المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص367، مسند احمد -الإمام احمد بن حنبل- ج1 / ص89.

2- الجمل -ضامن بن شدقم المدني- ص131، بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج18 / ص123، شرح النهج لابن أبي الحديد ج1 / ص234.

3- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص366، فيض القدير للمناوي ج4 / ص358.

4- الجمل -ضامن بن شدقم المدني- ص137، مسند احمد -الإمام احمد بن حنبل- ج1 / ص89.

5- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج28 / ص347.

6- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج32 / ص108.