"شدِّد عليَّ وخفِّفْ على أُمتي" .. لم يثبتْ

المسألة:

هل طلب النبيُّ (ص) من ملَك الموتِ أنْ يُخفِّف عن أمّته سكراتِ الموت ويثقِّل عليه أو يُشدِّد عليه؟ وهل تُصيبُ النبيَّ (ص) سكراتُ الموت وهو لم يُذنب ذنبًا واحدًا؟!

 

الجواب:

هذا المعنى متداولٌ بين الناس لكنِّي لم أجد نصّاً بهذا المضمون رغم الفحص عنه في مظانِّه من كتب الفريقين، وما وجدتُه كما في الدعوات للراوندي -مرسَلًا- هو أنَّه: "كان عند النبيِّ (صلى الله عليه وآله) قدحٌ فيه ماءٌ وهو في الموت، ويُدخِل يدَه في القدحِ ويمسحُ وجهَه بالماء، ويقولُ (ص): "اللهمَّ أعنِّي على سكراتِ الموت"(1).

 

ورُوي ذلك من طُرق العامَّة أيضًا كما في سُنن الترمذي: "اللهمَّ أعنِّي على غمراتِ الموت وسكَراتِ الموت"(2). 

 

فما هو متداولٌ من أنَّه (ص) قال عند النزع: "اللهمَّ شدِّد عليَّ أو ثقِّلْ عليَّ سكراتِ الموت وخفِّف أو هوِّن على أمتي" لم يثبتْ، فقد نفى عددٌ من علماء السنَّة أنْ يكون لذلك أصلٌ عندهم كما لم نجد شيئًا من ذلك في مصادرنا. 

 

وأمّا أنّ سكرات الموت تُصيبُ النبيَّ (ص) فهو بمعنى الآلام والشدَّة التي تسبقُ الموت، وذلك لا محذورَ فيه، فإنّ النبيَّ (ص) يُبتلى بالمرض والوجع والألم كسَائِر البشر، وهكذا الأئمة (ع) فالإمامُ الحسين (ع) مثلًا كان في أشدِّ ما يكون الإنسان قبل الموت من ألم الجراح ووقْعِ الحديد والسّيوف على جسده الشريف، وفي ذلك إعلاءٌ لمنزلتِه عند الله تعالى، نعم السّكراتُ التي تستلزمُ الذهولَ أو الفقدانَ لمستوىً من العقل -وإن كان ضئيلاً - فذلك يمتنع وقوعُه للنبيَّ (ص) والأئمةِ (ع) نظرًا لعصمتِهم.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- الدّعوات (سلوة الحزين) -القطب الراوندي- ص250.

2- سنن التّرمذي -الترمذي- ج2 / ص226.