أجساد الشهداء هل تبلى؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل صحيحٌ أنَّ كلَّ مَن يموتُ شهيداً يبقى جسدُه كما هو بعد دفنِه ولا تأكلُه الأرضُ ولو بعد مرور السنين على ذلك؟ أو أنَّ يختصُّ بالمعصومين (ع) ولا يشمل غيرهم من سائر الشهداء أيضا؟

الجواب:

لم يثبت أنَّ أجساد الشهداء تبقى دون أنْ تتلاشى بتمادي الزمن، فإنّ حياتهم عند ربِّهم كما ورد في القرآن ليست بمعنى حياة الأجساد بل هي الحياة البرزخيَّة، نعم قد يُكرِّمُ اللهُ تعالى بعضَ الشهداء وبعضَ الأخيار من عبادِه فتظلُّ أجسادُهم أمداً طويلاً دون أنْ تبلى إلا أنَّه لم يثبت أنَّ ذلك أمرٌ مطَّردٌ في جميع الشهداء.

وأمَّا المعصومون من أهل البيت (ع) فقد ثبت في رواياتٍ عديدة أنَّ أجسادَهم لا تَبلى.

فمِن ذلك ما رواه في بصائر الدرجات قال: حدَّثنا محمد بن عبد الجبار عن عبد الرحمن بن حماد، عن القاسم بن عروة عن عبد الله بن عمر المسلمي عن رجلٍ عن أبي عبدالله (ع) قال: "قالَ رسولُ الله (ص): " حياتي خيرٌ لكم، ومماتي خيرٌ لكم، فأمَّا حياتي فإنَّ اللهَ هداكم بي من الضلالة وأنقذَكم من شفا حفرةٍ من النار، وأمَّا مماتي فإنَّ أعمالكم تُعرَض عليَّ، فمَا كان من حسنٍ استزدتُ اللهَ لكم، وما كان من قبيحٍ استغفرتُ اللهَ لكم، فقال له رجل من المنافقين: وكيف ذلك يا رسول الله (ص) وقد رممت؟ يعنى صرت رميماً فقال له رسول الله (ص): كلا إنَّ الله حرَّم لحومَنا على الأرض فلا تَطعمُ منها شيئا" وأورد الشيخ الصدوق الرواية مرسلة مع تفاوتٍ يسير(1).

ومنها: ما رواه أيضاً في بصائر الدرجات قال: حدَّثنا محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبيُّ يوماً لأصحابه حياتي خيرٌ لكم ومماتي خيرٌ لكم قال: فقالوا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا حياتك نعم قالوا: فكيف مماتُك؟ فقال: إنَّ الله حرَّم لحومَنا على الأرض أنْ يطعمَ منها" (2).

ومنها: ما رواه الشيخ الصدوق في مَن لا يحضره الفقيه عن الصادق (ع) قال: "إنَّ اللهَ عزَّوجل حرَّم عظامَنا على الأرض، وحرَّم لحومَنا على الدود أنْ تَطعم منها شيئاً"(3).

ومنها: ما رواه الشيخ في التهذيب وابنُ قولويه في كامل الزيارات بسندٍ عن أبي عبدالله (ع)، قال (ع): ".. إذا زرتَ أمير المؤمنين (ع) فاعلم أنَّك زائر عظام آدم وبدن نوح وجسم عليِّ بن أبي طالب (ع)، فقلتُ: إنَّ آدم هبط بسرانديب في مطلع الشمس وزعموا أنَّ عظامه في بيت الله الحرام فكيف صارت عظامه بالكوفة؟ فقال (ع): إنَّ الله عزَّوجل أوحى إلى نوحٍ وهو بالسفينة أنْ يطوف بالبيت أسبوعاً فطاف بالبيت كما أُوحى إليه ثم نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتاً فيه عظام آدم فحمله في جوف السفينة .. فأخذ نوحٌ التابوت فدفنه في الغري .. فإذا زرتَ جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسمَ عليِّ بن أبي طالب (ع) .."(4).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- بصائر الدرجات -محمد بن الحسن الصفار- ص464، من لا يحضره الفقيه للصدوق ج1 / ص191 .

2-بصائر الدرجات -محمد بن الحسن الصفار- ص463،

3- من لا يحضره الفقيه -الشيخ الصدوق- ج1 / ص191.

4- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج6 / ص23.