معنى الطَيرة والوسوسة في الخلق

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

في الحديث الشريف المرويِّ عن رسولِ الله (ص): "رُفع عن أُمَّتي تسعة: الخطأُ، والنسيانُ، وما أُكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يُطِيقون، وما اضطُروا إليه، والحسدُ، والطيرةُ، والتفكُّرُ في الوسوسة في الخَلْق ما لم ينطقْ بشفةٍ"(1).

 

الحديث واضح إلا في بعض فقراته أرجو توضيحَها وهي: الخطأ، والحسد، والطَيرة، والتفكُّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة؟

 

الجواب:

أمَّا الخطأ: فيعني صدور الفعل دون قصدٍ وتعمُّد، فمَن رمى حجراً مثلاً على دابَّةٍ فوقعتْ على إنسانٍ فقتلتْه فهذا من الخطأ لانَّه صدر عن الفاعل دون قصد، وهكذا لو توهَّم أنَّ الطعام الذي بين يديه مباحٌ فتبيَّن أنَّه من المِيتة فإنَّه لا يُعاقبُ على تناولِه.

 

وأمَّا الحسد: فهو مِن أمراض النفس، ومعناه تمنِّي زوالِ نعمةِ الغير، أو الشعور بالغمِّ والحُزنِ لرؤيةِ نعمةٍ يحظى بها غيرُه وهو محرومٌ منها أو واجدٌ لها ولكنَّه لا يرضاها لغيره، ويطمحُ أنْ تختصَّ به دون سواه، فلو وقعَ ذلك في نفسِ الإنسان دون أنْ يُرتِّبَ عليه أثراً باليد أو اللِّسان فهو معفوٌّ عنه، أمَّا لو قاده حسدُه إلى إيذاء المحسود باليد أو اللسان أو غيرهما فهو موزورٌ وغيرُ معفوٍّ عنه.

 

وأمَّا الطيرة: فهي بمعنى التشاؤم واستشعار النحوسة من بعض الأشياء أو بعض الأحوال أو الأوقات، فإذا لم يُرتِّب على هذا الشعور، وهذه الهواجس أثراً فإنَّه لا يُدانُ ولا يُحاسَب، وإن كان ينبغي للمؤمن أنْ ينزِّه نفسه عن مثل هذه الأوهام خشية أنْ ينساق معها فتصرفُه عن التوكُّل على الله تعالى والابتلاء ببعض العاهات النفسيَّة .    

 

وأمَّا (التفكُّر في الوسوسة في الخلق): فهو ما قد ينتابُ الإنسانُ في بعض الحالات من الشعور بالشك والإرتياب في الخالق جلَّ وعلا أو في الحكمة مِن الخلق أو ما إلى ذلك من الوساوس، فهذه الوساوسُ معفوٌّ عنها إذا لم يصاحبْها نطقٌ باللسان وترويجٌ لهذه الوساوس الشيطانيَّة.

 

ثبَّتنا اللهُ وإيَّاكم على اليقين وصرَف عنَّا وعنكم وساوسُ الشيطان.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- الخصال -الشّيخ الصّدوق- ص417.