"رحم اللهُ امْرَأً جبَّ الغيبة عن نفسه" .. هل هو حديث؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآل محمَّد

 

المسألة:

السلام عليكم:

ما صحة الحديث القائل: "رحم اللهُ امرأً جبَّ الغيبة عن نفسه"؟ هل هو حديث صحيحٌ واردٌ عن النبيِّ (ص) أو عن أهل بيته المعصومين (ع)؟ وهل هناك حديث قريب منه في المعنى؟

 

الجواب:

هذه المقولة بهذه الصيغة وإنْ اشتهر بين الناس -سنةً وشيعة- أنَّها حديثٌ نبويٌّ إلا أنَّه لا وجود لها في المجاميع الحديثيَّة للفريقين، ولم نجد مَن نسبَها للنبيِّ الكريم (ص) أو لأحدٍ من أهل بيته (ع) في شيءٍ من كتب الفقه والتفسير المأثور وشبهها، نعم أوردها بعضُهم على أنَّها حديث نبويٌّ دون مراجعة استنادًا لما اشتهر على ألسنة الناس.

 

وأمَّا ورود أحاديث قريبة من مضمون هذه المقولة فكثير:

منها: معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أميرُ المؤمنين (عليه السلام): "من عرَّض نفسه للتُهمة فلا يلومنَّ مَن أساءَ به الظنَّ، ومن كتم سرَّه كانت الخيرة في يدِه"(1).

 

ومنها: معتبرة الحسين بن يزيد عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: "مَن دخل موضعًا من مواضع التُهمة فاتُّهم فلا يلومنَّ إلا نفسه"(2).

 

ومنها: معتبرة البزنطي قال: قال أبو الحسن (عليه السلام) قال: أبو عبد الله (عليه السلام): "اتقوا مواقفَ الرِيَب .."(3).

 

وثمة الكثيرُ من الروايات التي حذَّرت من تعريض النفس للتهمة وسوء الظن وحضَّت على أنْ يتجنَّب المؤمنُ العاقل كلَّ موضعٍ يرتاب الناسُ فيمَن يرتادُه، وأن يتجنَّب كلَّ فعلٍ أو سلوكٍ يقتضي بطبعه ارتياب الناس فيمَن يفعلُه أو يسلكُه، فمَن لم يُحاذر من ذلك فسلقتْه الناسُ بألسنتها أو أساءت به الظنَّ فلا يلومنَّ إلا نفسه.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج12 / ص36.

2- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج12 / ص36.

3- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج12 / ص37.