معنى قوله: "احْشُهَا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ حَشْوًا"

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ قَرَأْتُ فِي كِتَابِ رَجُلٍ إلى أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ هِيَ أَمْ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ وفِي أَيِّ وَقْتٍ أُصَلِّيهَا فَكَتَبَ بِخَطِّه "احْشُهَا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ حَشْوًا"(1).

 

ماذا يُستفاد من عبارة: "احشها في صلاة الليل حشوا"؟هل يُستفاد منها جزئية صلاة الفجر من صلاة الليل؟ وهل يُستفاد من لفظة "احشُها" أفضلية الإتيان بصلاة الفجر ما بين ركعات صلاة الليل؟

 

الجواب:

المراد من قوله (ع): "احشُها" هو ما ورد من استحباب دسِّ نافلة الفجر في صلاة الليل بأنْ تكون موصولة بنافلة الليل، فيؤتَى بها بعد صلاة الليل وفي وقتها، والحشو يصدق بمجرد الادخال ولا يعتبر في صدقه التوسُّط، ولذلك صحَّ التعبير عن الإتيان بها موصولة بصلاة الليل، صحَّ التعبير عن ذلك بحشوها بصلاة الليل، ولعلَّ منشأ التعبير عن الإتيان بها موصولة بالحشو هو إفادة صحَّة الإتيان بها في وقت نافلة الليل وإنْ لم يطلع الفجر الأول فضلًا عن الفجر الصادق، فيصح الإتيان بها في وسط الليل إذا جيء بها موصولة بنافلة الليل.

 

ويُؤيد ذلك ما ورد في صحيحة البزنطي قال: قلتُ لأبي الحسن (عليه السّلام) ركعتي الفجر أصلِّيهما قبل الفجر وبعد الفجر فقال: قال أبو جعفر (عليه السّلام): "احشُ بهما صلاة الليل وصلِّهما قبل الفجر"(2).

 

وفي ذلك دلالة ظاهرًا على أفضلية أنْ يُؤتى بها قبل طلوع الفجر الأول إذا جيء بها موصولة بنافلة الليل وإنْ كان وقتها يمتدُّ إلى ما بعد طلوع الفجر الثاني ويُستحبُّ تقديمها على الفريضة إلى طلوع الحمرة.

 

وهل يُستفاد منها جزئية صلاة الفجر من صلاة الليل؟

 

دلَّت العديد من الروايات على أنَّها من صلاة الليل:

منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "سألتُه عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال: قبل الفجر إنَّهما من صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة .."(3).

 

ومنها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "وبعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر ومنها ركعتا الفجر"(4) فاعتبر مجموع صلاة الليل ثلاثة عشر ركعة وعدَّ منها ركعتي الفجر.

 

ومنها: موثقة ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: "وثلاث عشرة ركعة من آخر الليل منها الوتر وركعتا الفجر"(5).

 

ومنها: موثقة ابن بكير عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "إنَّما على أحدكم إذا انتصف الليل أنْ يقوم فيصلِّي صلاته جملةً واحدة ثلاثة عشرة ركعة ثم إنْ شاء جلس فدعا وإنْ شاء نام وإنْ شاء ذهب حيثُ شاء"(6).

 

فظاهر هذه الروايات أنَّ ركعتي الفجر منزَّلة حكمًا منزلة الجزء من نافلة الليل.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- الكافي -الشيخ الكليني- ج1 / ص450.

2- تهذيب الأحكام -الشيخ الطّوسي- ج1 / ص133.

3- تهذيب الأحكام -الشيخ الطّوسي- ج2 / ص133.

4- تهذيب الأحكام -الشيخ الطّوسي- ج2 / ص8.

5- تهذيب الأحكام -الشيخ الطّوسي- ج2 / ص7.

6- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص447.