لماذا لم يتَّخذ الرسولُ (ص) إجراءاتٍ لضمان انتقال الخلافةِ لعليٍّ (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

لماذا لم يتَّخذ الرسولُ صلَّى الله عليه وآله إجراءاتٍ عسكريَّة أو إجراءاتٍ استباقيَّة قبل موته لضمان تطبيق وصيَّته بخلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) وعدم خيانة القوم له؟

الجواب:

لم يكن في وسعِه فعل ذلك، فلم يكن للرسول (ص) جيشٌ منظَّم كما هو الشأن في الدول العصريَّة بل كان جيشُه هم أتباعَه من المهاجرين والأنصار وسائر مَن أسلم، وهؤلاء هم الذين كان يُنتظَر منهم انجاز وصيَّة الرسول (ص) إلا أنَّ هؤلاء أنفسهم هم الذين تخلَّف أكثرُهم عن إنجاز الوصيَّة.

فحتى لو كان هؤلاء ضِمنَ جيشٍ عسكريٍّ منظَّم فإنَّ الوصيَّة لا تكون قابلة للإنجاز ما لم يكن هذا الجيش عازمًا على إنجاز الوصيَّة، فرئيسُ أيِّ دولةٍ حين يُعيِّن وليًّا لعهده، فإنَّ ضمانَ انتقال السلطة لوليِّ العهد بعد موته لا يكون إلا في ظرف التزام الجيش بإنفاذ وصيَّته بولاية العهد، فلو كان رأيُ الجيش هو عدم تمكين وليِّ العهد من استلام السلطة فإنَّه لن يتمكنَ من استلامها لمجرَّد أنَّ الرئيس قد جعل له ولاية العهد، ولهذا يحرصُ الرئيس على أنْ يجعلَ من مصلحة الجيش وقادته القبول بتسلُّم وليِّ عهده السلطةَ من بعده، فالجيش حين يحرص بعد ذلك على أنْ يستلم وليُّ العهد للسلطة إنَّما يحرص واقعًا على حماية مصالحهK فلأنَّ مصالحه لا تتحقَّق إلا باستلام وليِّ العهد للسلطة لذلك يحرص على أنْ يستلم وليُّ العهد للسلطة في أجواء آمنة.

ومتى ما وجد الجيشُ -وقادتُه- أنَّ مصالحه لا تتحقَّق أو لن تكون محفوظةً لو انتقلت السلطة لوليِّ العهد أو خشيَ أن لا تكون محفوظةً فإنَّ أيسر شيءٍ عنده هو الانقلاب على وصيَّة الرئيس وعدم تمكين وليِّ عهده من السلطة.

وعليه فإنَّ أيَّ إجراءٍ عسكريٍّ يتَّخذه الرسول (ص) لضمان انتقال الخلافة لأمير المؤمنين(ع) فإنَّه لن يكون مُجديًا ما لم يكن جيشُه مقتنعًا بأنَّ انتقال الخلافة لعليٍّ (ع) محققٌ لمصالحه، وكذلك لو لم يكن للرسول (ص) جيشٌ منظَّم -كما هو الواقع- فإنَّ اتِّخاذ الرسول (ص) لأيِّ إجراءٍ عسكريٍّ لضمان انتقال الخلافة لعليٍّ (ع) لن يكون مُجديًا ما لم يكن أتباعه مقتنعين بأنَّ استلام عليٍّ (ع) للخلافة محقَّقٌ لمصالحهم.

وقد صرَّحوا بأنَّ خلافة عليٍّ (ع) للرسول (ص) منافٍ بنظرهم لمصلحة قريش ومصلحة العرب(1)، ولذلك استفرغوا ما بوسعِهم في سبيل الحيلولة دون تمكين عليٍّ (ع) من خلافة الرسول (ص).

لماذا لم يجعل وصيته لعليٍّ محققة لمصالح أتباعه:

وما قد يقال بأنَّه لماذا لم يجعل الرسول (ص) وصيَّته لعليٍّ (ع) محقِّقة لمصالح أتباعه ليضمنَ بذلك انتقال السلطة لعليٍّ (ع) من بعده كما يفعلُ كلُّ رئيسٍ لضمان انتقال السلطة لوليِّ عهدِه من بعده؟.

والجواب إنَّ ذلك إنَّما يُناسب القادة النفعيين الذين يحرصون على توريث سلطتِهم لمَن يريدون بأيِّ ثمن حتى لو كان الثمنُ هو التفريطَ بالمصلحة العامَّة من قبيل الهدر للمال العام وصرفه في غير موارده وعلى مَن لا يستحقُّه لغرض الكسب للولاءات، ومِن قبيل تمكين المتنفِّذين من الإمساك بمناصب سياديَّة رغم عدم لياقتِهم وأهليَّتهم لتلك المناصب، ومِن قبيل التجاوز عن المفسدين والإقطاعيين حرصًا على ضمان ولائهم، ومن قبيل التأسيس لتشريعاتٍ تحمي الطبقة المترفة والمتنفِّذة وذلك لضمان ولائهم، ومن قبيل المحاباة لذوي النفوذ وتمكينهم من توزيع الوظائف الإداريَّة والخدميَّة بما يتناسب ومصالحهم الشخصية والقبليَّة والفئويَّة، وكذلك فإنَّ الثمن الذي يجب على الرئيس دفعه مقابل ضمان انتقال السلطة لوليِّ عهده هو أنْ يضمن لذوي النفوذ حماية وليِّ عهده لمصالحهم ويتثبّتوا من أنَّ وليَّ عهده قادرٌ واقعًا على حماية مصالحهم فحينذاك وبعد التثبُّت من أنَّ انتقال السلطة لوليِّ العهد هو السبيل لحماية المصالح المتبادلة وأنَّ مصالحهم لا تكون محفوظة إلا بانتقال السلطة إليه وانتقال السلطة إليه لا تكون إلا بحماية مصالحهم حينذاك يضمن الزعيم انتقال السلطة لولي عهده.

فمثلُ هذا الإجراء لا يسع النبيّ (ص) فعله فهو -كما قلنا- إنَّما يُناسب القادة النفعيين، وأمَّا الأنبياء والقادة الإلهيِّين فغايتُهم متمحِّضة في الحماية للدين وما يضمن استمراره كما هو دون تحريفٍ أو تبديل، وما يضمن تطبيقه كما هو دون محاباةٍ أو انتقاء، وما يضمنُ الرعاية لتمثُّله والاهتداء بهديه، وما يضمنُ الرعاية للمصالح العامَّة لأتباعه وإنْ كانت منافية للمصالح الشخصيَّة أو الفئويَّة لذوي النفوذ.

ومن هنا لم يتهيأ للنبيِّ الكريم (ص) اتِّخاذ أيِّ إجراء لضمان انتقال الخلافة لعليٍّ (ع)، وأقصى ما كان يسعُه فعله هو التأكيد والتشديد على لزوم الإنجاز لوصيَّته في عليٍّ (ع) وتخويفهم من مغبَّة التجاوز لوصيَّته وأنَّ مآل ذلك هو سخطُ الله تعالى وخسران الآخرة وأنَّ ذلك هو الخسران المبين(2).

السعيُ لإنفاذ جيش أسامة لإخلاء المدينة:

وقد سعى (ص) قبل وفاته أنْ يُمهِّد الأرضيَّة لانتقال الخلافة لعليٍّ (ع) وذلك بإخلاء المدينة من قريش ووجوه الصحابة من المهاجرين والأنصار وذلك عن طريق تعبئتهم في جيش أسامة والأمر لهم بالخروج لملاقاة الروم في تخوم الشام والتشديد على إنفاذ هذا البعث فورًا دون تراخٍ أو تلكُّؤ حتى أنَّه لعنَ كلَّ مَن تخلَّف عن جيش أسامة(3).

 إلا أنَّ قريش أدركت الغاية من تشديد النبيِّ (ص) على بعث جيش أسامة وعدم التلكؤ في إنفاذه، لذلك تلكأت وتراخت في إنفاذه، تارةً بذريعة أنَّ أسامة ليس خليقًا بقيادة جيش يضمُّ سادات قريش وشيوخ الصحابة من المهاجرين والأنصار(4)، وحين أكَّد لهم الرسول (ص) أنَّ أسامة جديرٌ بهذا الموقع واضطروا للانضمام لصفوف الجيش تمالئوا على تأخير الإنفاذ له وأخذوا يتسربَّون أفرادًا وجماعات، وذلك بذريعة حرصهم على الاطمئنان على سلامة النبيِّ (ص) من المرض الذي ألمَّ به(5) وأنَّهم سوف يخرجون لملاقاة عدوهم فَورَ تعافي النبيِّ (ص) من مرضه.

 ولذلك لم يتهيأ للنبيِّ (ص) ما كان قد خطَّط له من إخلاء المدينة ممَّن يطمع في الحيلولة دون استلام عليٍّ (ع) لزمام القيادة بعد الرسول (ص).

رزيةُ الخميس:

ثم إنَّ النبيَّ (ص) حين وجد أنَّ ما رام تحقيقَه من إخلاء المدينة قبل وفاته لم يتم، طلبَ من وجوه الصحابة حين اجتمعوا في مجلسه أنْ يأتوه بدواةٍ وصحيفة ليُملي في محضرهم وصيَّته التي أفاد أنَّه سيكتب لهم فيها ما يعصمُهم من الضلال إلى الأبد إنْ هم تمسَّكوا بما سيكتبُه لهم فيها فقال: فقال: "ائتوني بكتاب أكتبُ لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبيٍّ تنازع، فقالوا هجرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم قال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه .."(6).

فكانت تلك رزيةُ الخميس التي قال عنها عبدُ الله بن عباس كما في صحيح البخاري: "إنَّ الرزية كلَّ الرزيَّة ما حال بين رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وبين أنْ يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم"(7) أو قال كما في صحيح مسلم: قال: "يومُ الخميس وما يومُ الخميس ثم جعل تسيلُ دموعُه حتى رأيتُ على خدَّيه كأنَّها نظامُ اللؤلؤ قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله وسلم: "ائتوني بالكتفِ والدواة (أو اللوح والدواة) اكتبُ لكم كتابًا لن تضلُّوا بعده أبدا فقالوا: إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يهجرُ: وحدَّثني محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبد أخبرنا وقال ابن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معتمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: لمَّا حضر رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وفى البيت رجالٌ فيهم عمر بن الخطاب فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: هلمَّ أكتبُ لكم كتابًا لا تضلُّون بعده فقال عمر: إنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن حسبُنا كتابُ الله، فاختلف أهلُ البيت فاختصموا، فمنهم مَن يقول: قرِّبوا يكتبُ لكم رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله وسلم كتابًا لن تضلُّوا بعده، ومنهم مَن يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم: قوموا قال عبيد الله: فكان ابنُ عباس يقول: إنَّ الرزية كلَّ الرزية ما حال بين رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب مِن اختلافهم ولغطِهم"(8).

فكانت تلك هي آخر المحاولات المتكرِّرة التي سعى النبيُّ (ص) فيها على تأكيد وصيته التي كان قد أعلن عنها يوم الغدير إلا أنَّ قريشًا استفرغت وسعها من أجل إحباط هذه المحاولة رغم أنَّ النبيِّ (ص) قد ضمِن لهم عدم الضلال أبدًا لو أخذوا بهذه الوصيَّة إلا أنَّ ذلك لم يكن يشغلُ اهتمامهم.

قد يُقال لماذا لم يُصِر النبيُّ (ص) على كتابة الوصيَّة في محضرهم؟

والجواب أنَّه لا جدوى من كتابته للوصيَّة بعد أنَّ اتَّهموه في وعيه وقالوا إنَّه صار يهجر وأنَّ الوجع قد غلبَ على عقلِه، فلو كان قد كتب لهم الوصيَّة في هذا الظرف لكانت فاقدة لأيِّ اعتبارٍ عندهم لأنَّهم سيقولون إنَّه قد كتبَها وهو في غير كامل قُواهُ العقليَّة ولذلك لا حجيَّة لهذه الوصيَّة.

لماذا لم يكتب الرسولُ (ص) وصيَّته قبل مرضه:

وما قد يُقال: لماذا لم يكتب الرسولُ (ص) قبل مرضه وصيَّته ليسلبَ منهم القدرة على التذرُّغ بغلبة الوجع على عقله في ظرف مرضه؟

فالجواب أنَّه لو كتبَ وصيته قبل مرضِه فلا بدَّ أنْ يُشهِد عليها شهودًا وإلا كانت فاقدةً للاعتبار، فإنْ أشهدَ عليها رجالًا من الطامعين في الخلافة أو الماقتين لتولِّي عليٍّ (ع) للخلافة فما أيسر أنْ يُنكروا بعد موته أنَّهم شهودٌ على هذه الوصيَّة، فالذي لا يتحرَّج في نقض وصيَّة الرسول (ص) رغم علمه بصدورها يوم الغدير وغيره لن يتحرَّج من إنكار أنَّه كان شاهدًا على الوصيَّة المكتوبة، وحينئذٍ لن تُصبح هذه الوصيَّة المكتوبة ذات قيمة بل ستكون فاقدة للحجيَّة.

وإنْ أشهدَ الرسولُ (ص) على وصيَّته المكتوبة غير الطامعين في الخلافة وغير الماقتين لتولِّي عليٍّ (ع) للخلافة فإنَّ بوسع الطامعين والماقتين التكذيب لهؤلاء الشهود واتِّهامهم بالافتراء على الرسول (ص) والممالأة لعليٍّ (ع) وحينئذٍ تفقدُ الوصيَّة المكتوبة للاعتبار.

ولو اضطر هؤلاء للإقرار بصدور الوصيَّة فإنَّ من الميسور عليهم تأوليها كما أوَّلوا نصَّ الغدير وحديث الثقلين وحديث المنزلة وغيرها من النصوص الصريحة أو يعتذرون عن إنفاذ الوصيَّة بأنَّ الإنفاذ لها منافٍ لمصلحة العامَّة وموجب لوقوع الفتنة وأنَّ قريشًا لن ترضى وأنَّ العرب لن ترضى وغير ذلك من الذرائع.

فإذا كان مَن يُنتظر منهم إنجاز الوصيَّة هم أنفسهم الرافضين لمؤدَّاها فإنَّ الوصيَّة على أي نحوٍ سِيقت فإنَّها لن تحظى بالإنجاز والتنفيذ فإنَّ الذين يضمنون الإنفاذ للوصيَّة هم المخاطبون بها، فإذا كان المخاطبون بالوصيَّة هم أنفسهم المانعين لإنجازها فكيف ستحظى الوصيَّة بالتطبيق؟!.

كيف تمَّت البيعة لقريش:

فما إنْ توفي النبيُّ (ص) حتى بادرت الأنصار -الأوس والخزرج- للاجتماع في سقيفة بني ساعدة -والنبيُّ بعدُ لم يُقبر- خشية أنْ تسبقهم قريش لأنَّهم علموا أنَّ قريشًا قد عقدت العزم على عدم الإمضاء لوصيَّة الرسول (ص) وحين بلغ قريشًا أنَّ الأنصار مجتمعون في السقيفة لتحديد خليفةٍ منهم بادر عددٌ من القرشيين من ذوي الوزن الثقيل لحضور الاجتماع لتفويت الفرصة على الأنصار، وجميعهم متَّفق على عدم الإنجاز لوصيَّة الرسول (ص) وإنْ اختلفوا فيمن تُسند إليه خلافة الرسول (ص) فمَن يُنتظر منه حينذاك الإنجاز لوصيَّة الرسول (ص)؟ وقد اتفق الفريقان الأنصار وقريش على صرف الخلافة عن عليِّ بن أبي طالب (ع) والذي كان حينها مشغولًا بجهاز رسول الله (ص).

وتمخَّض الاجتماع عن تنازعٍ بين الأوس والخزرج من الأنصار فمالت الأوس إلى جانب قريش وبادر الحضور منهم إلى مبايعة أبي بكر في ظلِّ غياب جمهور المهاجرين(9) والذين أصبحوا أقلِّيَّة بعد أنْ دخلت قريش في الإسلام يوم الفتح، فكان عددُ المهاجرين لا يتجاوز السبعمائة وأقلُّ من هذا العدد مَن كان منهم من الرجال ويقوى على حمل السلاح، وأمَّا عدد مسلمة الفتح من قريش فيتجاوز الألفين مضافًا إلى أربعة آلاف من قبيلة أسلم(10) دخلوا جميعًا إلى المدينة بأسلحتهم وفرضتْ قريش بهم ما يُشبه حظر التجوال لتضمن استقرار الخلافة لمن أسندوها إليه منهم.

ففي تاريخ الطبري: أنَّ -قبيلة- أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السُكك فبايعوا أبا بكر فكان عمر يقول: ما هو إلا أنْ رأيت أسلم فأيقنتُ بالنصر"(11) وفي الكامل لابن الأثير: "وجاءت أسلم فبايعت فقويَ أبو بكر بهم وبايع الناس بعد"(12).

وذكر الشيخ المفيد قال: رواه أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي عن محمد إسحاق الكلبي وأبي صالح ورواه أيضا عن رجاله زايدة بن قدامة ".. فشهدوا البيعة وحضروا الأمر فأنفذ إليهم .. واستدعاهم وقال لهم: خذوا بالحظ من المعونة على بيعة خليفة رسول الله واخرجوا إلى الناس واحشروهم ليبايعوا، فمن امتنع فاضربوا رأسه وجبينه، قال: والله لقد رأيت الأعراب -أسلم- تحزَّموا، واتَّشحوا بالأزر الصنعانية وأخذوا بأيديهم الخشب وخرجوا حتى خبطوا الناس خبطًا وجاؤا بهم مكرهين إلى البيعة .."(13).

وقال البراء بن عازب: ".. فلما قُبض رسول الله صلى الله عليه وآله خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الامر عنهم، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول، مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله صلى الله عليه وآله .. وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر، فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرُّون بأحد إلا خبطوه، وقدَّموه فمدُّوا يده فمسحوها على يد أبى بكر يُبايعه، شاء ذلك أو أبى .."(14).

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

28 / صفر / 1442هـ

16 / أكتوبر / 2020م


1- تاريخ الطبري -الطبري- ج3 / 289، الكامل في التاريخ -ابن الأثير- ج3 / 63-64، شرح نهج البلاغة -ابن أبي الحديد- ج1 / 189-190، ج9 / 22-23، الأخبار الموفقيات -الزبير بن بكار- ج1 / 234، التذكرة الحمدونية -ابن حمدون- ج7 / 168-169.

2- الكافي -الكليني- ج2/ 19،  الخصال -الصدوق- 67، كمال الدين -الصدوق- ص337، مسند أحمد -أحمد بن حنبل- ج1/ 118، المستدرك على الصحيحين ج2 / 109.

3- الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج4 / 67، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج2 / 56، شرح نهج البلاغة -ابن أبي الحديد- ج6 / 52، المواقف -الأيجي- ج3 / 650، دعائم الإسلام -القاضي النعمان المغربي- ج1 / 41، المغازي- الواقدي- ج2 / 1120.

4- صحيح مسلم -مسلم النيسابوري- ج7 / 131، الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج2 / 190، ج4 / 67، أنساب الأشراف ج1 / 474، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج2 /55، ج8 / 59، المغازي- الواقدي- ج2 / 1119، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك -ابن الجوزي- ج4 / 16.

5- شرح نهج البلاغة -ابن أبي الحديد- ج6 / 52، الاحتجاج -الطبرسي- ج1 / 90.

6- صحيح البخاري- ج4 / 31، ج5/ 137، مسند أحمد- أحمد بن حنبل- ج1 / 222، السنن الكبرى -البيهقي- ج9 / 207، المصنف -الصنعاني- ج6 / 57، السنن الكبرى -النسائي- ج3 / 434.

7- صحيح البخاري- البخاري- ج5 / 138، مسند أحمد- أحمد بن حنبل- ج1 / 325، السنن الكبرى -النسائي- ورد فيه: الرزية كل الرزية ما فات من الكتاب الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب أن لا يضلوا بعده أبدا لما كثر لغطهم واختلافهم" ج3/  433، ج4 / 360.

8- صحيح مسلم -مسلم النيسابوري- ج5 / 76.

9- تاريخ الطبري -الطبري- ج2 / 455-459.

10- الاحتجاج -الطبرسي- ج1 / 104. فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد ومعه ألف رجل، فقال لهم: ما جلوسكم ..؟ وجاءهم سالم مولى أبي حذيفة، ومعه ألف رجل، وجاءهم معاذ بن جبل ومعه ألف رجل، فما زال يجتمع إليهم رجل، رجل حتى اجتمع أربعة آلاف رجل، فخرجوا شاهرين بأسيافهم يقدمهم .. حتى وقفوا بمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ..".

11- تاريخ الطبري -الطبري- ج2 / 459.

12- الكامل في التاريخ -ابن الأثير- ج2 / 331، شرح نهج البلاغة -ابن أبي الحديد- ج2 / 40.

13- الجمل -الشيخ المفيد- ص59 وقال في ذيل الخبر: وأمثال ما ذكرناه من الأخبار في قهر الناس .. كثيرة ولو رمنا إيرادها لم يتسع لهذا الكتاب" الاحتجاج -الطبرسي- ج1 / 105.

14- شرح نهج البلاغة -ابن أبي الحديد ج1 / 219.