طالب بن أبي طالب هل كان مسلمًا؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

ليس لدينا معلومات عن طالب بن أبي طالب هل كان مسلمًا وهل توفيَ في حياة الرسول (ص) ومن هم أبناؤه ولماذا لا نجد له ذكرًا في الأحداث التي وقعت قبل الهجرة وبعدها؟

 

الجواب:

طالب بن أبي طالب هو الابنُ الأكبر كما قيل لأبي طالب (رضوان الله عليه) وهو أخٌ شقيق للإمام عليٍّ (ع) لأنَّ أمَّه هي السيِّدة فاطمة بنت أسد (رضوان الله عليها) وهو يكبرُ الإمام أمير المؤمنين (ع) بثلاثين سنة(1) يعني أنَّ مولده كان قريبًا من مولد الرسول الكريم (ص) ولم يكن له عقِب.

 

وأمَّا إسلامه فقد أورد الكليني في الكافي روايةً مرسلة عن الإمام الصادق (ع) صرَّح فيها أنَّه: "كان أسلم"(2).

 

ويشهدُ لإسلامه ما نُسب إليه من أبيات في مدح الرسول الكريم (ص) فقد ورد فيها كما في شرح الأخبار:

 

ومحضُ بني هاشمٍ أحمدٌ ** رسولُ المليك على فترة

كريمُ المشاهد سمحُ البَنانِ ** إذا ضنَّ ذو الجودِ والقدرة(3)

 

والواضح من بعض الروايات ومِن كلمات بعض المؤرِّخين أنَّ طالبًا لم يُهاجِر بل بقيَ في مكة الشريفة كأخيه عقيل وعمِّه العباس بن عبد المطَّلب، وذكروا أنَّ قريشًا لما عقدت العزم على النفير لمحاربة النبيِّ (ص) في بدر أكرهتْ من تخلَّف عن الهجرة من بني هاشم للخروج معها(4) ولذلك خرج في ذلك النفير العباسُ بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وتمَّ أسرهما في معركة بدر، وكان فيمن أُكره على الخروج طالب بن أبي طالب إلا أنَّهم ردُّوه، لعلَّه لخشيتهم من أنْ يُربكهم حين تنشبُ الحرب بينهم وبين المسلمين وذلك بعد أنْ سمعوه يُنشد شعرًا مفاده الدعاء على قريش أنْ تكون هي المسلوبة والمغلوبة أو الدعاء على نفسه بأنْ لا يكون غالبًا في هذه الحرب، وفي ذلك إيذانٌ بالميل إلى جانب المسلمين وتمنِّي الهزيمة لقريش، وأنَّه سيخذلهم إذا نشبت الحرب، فمشاركته إلى جانبهم قد يتسبَّب في إرباكهم، ولذلك ردُّوه، ويشهد لذلك ما أورده الكليني في الكافي بسندٍ صحيح عَنْ صَفْوَانَ عَنْ ذَرِيحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: لَمَّا خَرَجَتْ قُرَيْشٌ إلى بَدْرٍ وأَخْرَجُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَهُمْ خَرَجَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَنَزَلَ رُجَّازُهُمْ وهُمْ يَرْتَجِزُونَ ونَزَلَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَرْتَجِزُ ويَقُولُ:

 

يَا رَبِّ إِمَّا يَغْزُوُنَّ بِطَالِبٍ ** فِي مِقْنَبٍ مِنْ هَذِه الْمَقَانِبِ

فِي مِقْنَبِ الْمُغَالِبِ الْمُحَارِبِ ** بِجَعْلِه الْمَسْلُوبَ غَيْرَ السَّالِبِ

وجَعْلِه الْمَغْلُوبَ غَيْرَ الْغَالِبِ

فَقَالَ قُرَيْشٌ: إِنَّ هَذَا لَيَغْلِبُنَا فَرَدُّوه"(5)

 

وقال القاضي النعمان المغربي في شرح الأخبار: ولما نفر أهلُ مكة إلى بدر تخلَّف عنهم بنو هاشم، فأكرهوهم على الخروج، وبذلك قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله للمسلمين يوم بدر: مَن قدرتم أنْ تأسروه من بني هاشم فلا تقتلوه، فإنَّهم إنَّما خرجوا كرها. ففي ذلك طالب بن أبي طالب يقول هذه الأبيات:

 

يا ربِّ أمَّا خرجوا بطالب ** في مِقنَب عن هذه المقانب

فاجعلْهم المغلوب غير الغالب ** واردُدهم المسلوب غير سالب(6)

 

وأورد ابن عنبة الأبيات بشيء من الاختلاف قال:

 

يا ربِّ إما خرجوا بطالب ** في مقنب من هذه المقانب

فليكن المطلوب غير الطالب ** والرجل المغلوب غير الغالب(7)

 

وكيف كان فقد انقطع خبرُ طالب بعد معركة بدر، فلم يكن في الأسرى، ولا في القتلى، ولم يجدوه في مكة بعد هزيمة قريش وعودتهم(8).

 

وفي أنساب الأشراف للبلاذري قال: "وقد اختلفوا في أمر طالب، فقائل يقول: رجع من بدر إلى مكة، فمات بعد قليل. وقائلٌ يقول: أتى اليمن فهلك في طريقه، وقال بعضُهم: أُخرج طالب إلى بدر مكرَهًا فقال:

 

يا ربِّ إمَّا يُخرَجَن طالب ** من مقنب من تلكم المقانب

فليكن المغلوب غير الغالب ** وليكن المسلوب غير السالب

 

فزعموا أنَّه لم يوجد في القتلى، ولا كان في الأسرى، ولا مع المسلمين، ولا أتى مكة، ولكنَّه أتى الشام فمات بها أو في طريقها"(9). أقول : ولا يَبعُد أنَّه قد تمَّ اغتياله.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

الشيخ محمد صنقور

3 / ربيع الأوَّل / 1442هـ

20 / أكتوبر / 2020م


1- عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب -ابن عنبه- ص30.

2- الكافي -الكليني– ج8 / ص375.

3- شرح الأخبار ج3 / ص235. الوافي بالوفيات -الصفدي- ج16 / ص222، شرح نهج البلاغة -ابن أبي الحديد- ج14 / ص78، وأفاد أنها منسوبة أيضاً لابي طالب، ونسبها الشيخ المفيد لأبي طالب في كتاب إيمان أبي طالب ص35.

4- الطبقات الكبرى –ابن سعد– ج1/ ص121، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج41/ ص8، تاريخ الطبري -الطبري- ج2 / ص144، مروج الذهب -المسعودي- ج2/ ص350، الدر المنثور-السيوطي- ج3 / ص165.

5- الكافي -الكليني– ج8 / ص375.

6- شرح الأخبار ج3 / ص237.

7- عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب -ابن عنبه- ص30، وفي الطبقات لابن سعد اللهم اما يغزون طالب في ** مقنب من هذه المقالب، فليكن المغلوب غير الغالب ** وليكن المسلوب غير السالب ج1 / ص121.

8- الطبقات الكبرى –ابن سعد– ج1 / ص121، تاريخ مدينة دمشق -بن عساكر- ج41 / ص8، تاريخ الطبري -الطبري- ج2/ ص144، مروج الذهب -المسعودي- ج2/ ص350، الكامل في التاريخ -ابن الأثير- ج2 / ص121،

9- أنساب الأشراف –البلاذري- ج2 / ص42.