انتقال هاجر إلى مكة هل نشأ عن حسد سارة؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآل محمد

 

السؤال:

لدي سؤال بخصوص سارة زوجة ابراهيم عليه السلام هل حقاً حسدت سارة هاجر؟ وهل كانت علَّة اخراج ابراهيم لهاجر حسد زوجته؟

 

الجواب:

إنَّ السيِّدة سارة كانت عقيماً أو تأخَّرت في الإنجاب حتى بلغتْ من السنِّ مبلغاً لا تلدُ فيه النساء، فلمَّا رزق الله تعالى إبراهيم (ع) ولداً من هاجر وهو إسماعيل (ع) اغتمَّت وأدركها ما يُدرك النساء من الحزن لعدم الإنجاب.

 

فإنْ كان ذلك هو مقصودكم من الحسد فنعم، قد ورد ذلك في بعض الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) ولكن لا ينبغي التعبير عنه بالحسد، وإنْ كان مقصودكم أنَّ السيدة سارة تمنَّت زوال هذه النعمة عن هاجر وعن إبراهيم (ع) بأنْ تمنَّت موتَ إسماعيل مثلاً فإنَّ ذلك لا يصح، فإنَّ السيِّدة سارة كانت من الصالحات.

 

وأمَّا الإتيان بالسيِّدة هاجر وإسماعيل (ع) من الشام إلى مكة الشريفة فكان بأمرٍ الله تعالى، وذلك ليعمُرَ بإسماعيل وذريته بيته الحرام، ويكون ذلك تمهيداً لرفع قواعده ودعوة الناس إلى العبادة فيه والحجِّ إليه، وقد أشار القرآن لذلك بقوله: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾. سورة إبراهيم / 37 

 

فهو إنَّما أسكنهم عند بيته المُحرَّم ليُقيموا الصلاة عنده، ويكون ذلك سبباً لعمران ذلك الموضع حيثُ لم يكن يقطنُه من أحدٍ نظراً لكونه وادياً غيرَ ذي زرع، ولم يكن فيه ماء، ولهذا كان أولُ شيءٍ قدَّره الله تعالى تمهيداً لعمران بيته المحرَّم بعد انتقال هاجر وإسماعيل إلى ذلك الموضع أنَّه جلَّ وعلا أنبع ماء زمزم من تلك الأرض الصخريَّة فكان ذلك سبباً لرغبة الناس في اتِّخاذ ذلك المكان موطناً لهم .

 

فنقلُ هاجر وإسماعيل (ع) إلى مكة الشريفة لم يكن عن طلبٍ من السيِّدة سارة والرعاية لمشاعرها، فإنَّه يكفي لو كان ذلك هو السبب أنْ يُحوِّل إبراهيم (ع) السيدة هاجر وابنها إلى قريةٍ أخرى قريبة من قريته لا أنْ ينقلها إلى موضعٍ مقفرٍ لا ماء فيه ولا زروع ولا يقطنه حينها أحدٌ من الناس وتفصله عن موطنه مئات الأميال، فنقلُ السيدة هاجر وابنها إلى مكة الشريفة إنَّما كان بأمر الله تعالى وتدبيره ولغايةٍ اقتضتها الحكمة الإلهيَّة .   

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور