مراسلةُ المهديِّ (ع) والدعواتُ المُرتَجلَة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

السلام عليكم سماحة الشيخ الجليل .. أبارك لكم ذكرى ولادة الامام صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه).

 

ما رأيكم في الدعوة إلى الكتابة للإمام صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه الشريف) بشكل يومي أو اسبوعي ثم إلقاء الرسالة في البحر؟ وهل يُوجد مستندٌ شرعي لهذا الشكل من العمل؟ وهل يصحُّ دعوة عموم الناس لذلك والتأسيس لهذا النمط من العلاقة بدعوى أنَّك ستكون قريباً من الإمام (ع) بهذا العمل؟

 

الجواب:

التوسُّل بالنبيِّ الكريم (ص) وبأهل بيته (ع) وبصاحب الأمر (عجَّل الله فرجه الشريف) وإنْ كان عملاً راجحاً ومحبوباً في نفسه إلا أنَّ بعض وسائله وطُرقه -دون أصل التوسُّل- قد تكتنفُها بعض المحاذير المقتضية لصيرورة هذا الطريق أو ذاك مرجوحاً، تماماً كما هو الذكر لله تعالى فإنَّه وإنْ كان راجحاً ومستحبَّاً بل هو مِن أعظم القربات إلا أنَّ رجحانه واستحبابه لا يُصحِّح ما يفعله بعض المتصوِّفة فيما يُسمَّى بحلقات الذكر.

 

كذلك هو الشأن في التوسُّل فإنَّ استحبابه لا يقتضي التصحيح لِما يتعاطاه بعض الناس انسياقاً مع مقتضيات العاطفة وغفلةً عمَّا يترتَّب على ما يفعلونه من محاذير.

 

فمِن ذلك الدعوة للكتابة للإمام المهدي (ع) بشكلٍ يوميٍّ أو أسبوعي وإلقاء المكتوب في البحر فإنَّ التأسيس لهذا النمط من العلاقة بالإمام (ع) هو الذي نشأ عنه وقوع العديد من شبابنا وفتياتنا فريسةً سهلةً للدعاوى المشبوهة كدعوى السفارة والدعاوى المشابهةِ لها في البحرين والعراق.

 

ولذلك فإنَّ حثَّ الناس ودعوتهم لمثل هذا السلوك وإنْ كان قد ينشأ عن حُسن نيَّة إلا أنَّ حُسنَ النيَّة لا يمنع من وقوع الآثار والتبِعات غير المحمودة التي قد تترتَّب عن مثل هذه الدعوات غيرِ المُنضبِطة.

 

وأمَّا ما يُقال إنَّ مستند الدعوة للكتابة إلى الإمام (ع) رواياتٌ واردةٌ عن أهل البيت (ع) فلا يتم، فإنَّه ليس في رواياتنا الدعوةُ للكتابة إلى الإمام المهدي (ع) في كلِّ يومٍ أو في كلِّ أسبوع، نعم ورد في بعض الكتب ما يُسمَّى برقعة الاستغاثة، وهي ليست مأثورة عن أهل البيت (ع) وإنَّما هي مجرَّبات، وما نُسب في بعضها لأهل البيت (ع) فأحسن أحوالها أنَّها ضعيفةٌ السند ومجهولةُ المأخَذ، على أنَّها لم تشتمل على الدعوة إلى الكتابة اليوميَّة أو الأسبوعيَّة وإنَّما ذكرتْ أنَّ الإنسان إذا وقع في كربٍ عظيم فإنَّ له أنْ يستغيثَ بواحدٍ من أئمة أهل البيت (ع) ومنهم الإمام الحجَّة (ع) ويكتب استغاثته في رقعةٍ ويُلقيها في أحد قبور الأئمة (ع) أو في نهرٍ جارٍ أو في بئرٍ أو في البحر، وهذا وإنْ لم يثبت استحبابُه بخصوصه لضعف مستندِه إلا أنَّ الاتيان به في الظرف المفروض رجاءً ممَّا لا بأس به، وأمَّا الدعوة إلى أنْ يكون ذلك عادةً مرسومة فهي عاريةٌ عن أيِّ مستندٍ شرعي، هذا مضافاً إلى العواقب غير المحمودة التي قد تترتَّب عن مثل هذه الدعوات الجزافيَّة والمُرتَجلَة.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

17 / شعبان / 1443م

31 / مارس / 2021م