الانصراف عن الدراسة المتأنّية لنهضة الحسين  (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على مُحمَّد وآلِ مُحمَّد

إنَّ واحدًا من أهمِّ الأهدافِ التي من أجلِها أكَّد أهلُ البيتِ (ع) على إحياءِ موسمِ عاشوراء هو تأصيلُ الثَّقافةِ الحسينيَّة وتعميقُ جذورِها في ذاكرةِ المجتمع الشِّيعي، ليكونَ بعدئذٍ قادرًا على إيضاحِ معالمِ النَّهضةِ الحسينيَّة وما كانَت تَكتنِزُه مِن قِيَم ومبادئَ إلى المجتمعِ الإنْساني.

ولنْ يُتاحَ للمجتمع الشِّيعي أن ينهضَ بهذا الدورِ الثَّقيل والخطيرِ دونَ أن يكونَ مُستوعبًا لتفاصيل النَّهضة الحسينيَّة وما اكتَنَفَتها من ظروفٍ وملابسات، ودونَ أن يكونَ عارفًا بدوافعِها وأهدافِها والنتائجِ التي تمخَّضت عنها، وذلك ما يستوجبُ الحرصَ على المتابعةِ الدقيقة والمتأنِّية لما كتَبه العلماءُ من بُحوثٍ ودراسات وما دوَّنه المؤرِّخون الثّقاة من تفاصيلٍ لأحداث الثَّورة.

فالاكتفاءُ بما نتلقَّاه من الخُطباء لا يُنتج الأهليَّة لتحمُّل هذا الدَّور، وذلك لمحدوديَّة الزَّمنِ الذي يتصدَّى فيه الخطيبُ لشرحِ تفاصيلِ النَّهضة ولعَدمِ قدرةِ بعضِهم على الوفاءِ بما تصدَّى له، ولأنَّ نهضةَ الحسينِ (ع) من السَّعة والعُمق بمستوىً يستَرعي جُهودًا مُضنية وجادَّة، فلا يمكنُ الوقوفُ على دقائقها بُمجرَّد الحضورِ والاستماعِ لِما يشرَحُه الخُطباء والمُحاضرون.

فدعوةٌ تُحتِّمها الوظيفةُ الدينيَّة للإخوةِ الأعزَّاءِ بأنْ يُدركوا أنَّ مسؤوليَّتهم لا تَنتهي عندَ الحُضور والمُساهمةِ في إحياءِ مَوسِم عاشوراءَ، وأن لا يُبارِحَ خلدَهم خطورةُ الدَّور الذي أُنيطَ بهم، وأنَّ عليهِم أنْ يجعلوا الحسينَ (ع) بقِيَمه ومبادئِه حاضرًا في ضميرِ كلِّ إنسَان، وأنَّ ذلك لا يُتاح إلا بالوعيِ والمَعرفة.

وعليهِم أنْ يتأكَّدوا بأنَّ المُعسكرَ الأمويَّ سيظلُّ يَسعى مِن أجل طَمسِ مَعالم النَّهضة وتشويهِ صورتِها من أجل التَّقليلِ مِن أثَرِها، وسوفَ لنْ يقرَّ له قرارٌ وهو يجدُ نهضةَ الحسينِ (ع) تحفرُ في ضَمير الإنسانِ فتحَفِّز فيهِ معاني الفَضيلة والنُّبل.

والحمدُ لله ربِّ العَالمين

الشيخ محمد صنقور

9 / محرم / 1427هـ