قاعدة الفراش هل هي أمارة عقلائيَّة أو عرفية؟

المسألة:

ذكرتم في كتاب القواعد الفقهية في قاعدة الفراش ص226 أنه ليس من الواضح أن بناء العقلاء والعرف على جعل الفراش أمارة عند الشك، والسؤال الأ يكون قول عبد بن زمعة "أخي وابن أمة أبي ولد على فراش أبي" قرينة على وجود هذه الأمارة عند العرف؟ حيث قال هذا الكلام قبل سماعه لجعل النبي (ص) لهذه القاعدة؟

الجواب:

نعم ليس من الواضح انَّ الفراش كان أمارةً في البناء العقلائي ولدى العرف بحيث يكون الفراش هو المرجعُ الحاسم عندهم في ظرف الشك كما هو موضوع القاعدة، فلعلَّهم يلجئون إلى القافَّة فيعتمدون الشبَهَ في الخلق وسيلةً في فصل الخصومة لو وقعت، ووسيلةً للإقرار بالبنوَّة في فرض الشك المحض المجرَّد عن الخصومة، ولهذا الاحتمال شواهد كثيرة في قصص العرب، وقد يعتمدون في فرض الخصومة أو الشكِّ المحض على القرعة أو الاستقسام بالأزلام، أو يعتمدون قول الكهَّان، ولعلَّهم يعتمدون هذه الأمارات مجتمعة أو يبنون على كفاية إحداها لإثبات البنوَّة في ظرف الشك وعدم الخصومة ولكنَّهم في ظرف الخصومة يرجعون إلى القافَّة أو قول الكهَّان أو ما تُخرجه الأزلام بالاستقسام.

فليس في البين ما يُوجب الاطمئنان بما عليه بناؤهم، ولذلك قلتُ إنَّه ليس من الواضح ما هو البناء العقلائي والعرفي قبل الجعل الشرعي لقاعدة الفراش.

وأما قول عبد بن زمعة "أخي وابن امي وُلد على فراش أبي" فلا يدلُّ على وجود بناءٍ عقلائي أو عرفٍ اجتماعي على أنَّ الفراش كان أمارةً عقلائيَّة أو عرفيَّة، فابنُ زمعة كان في موقع الخصم لطرفٍ آخر يدَّعي الولد لنفسه ومن الطبيعي أنْ يحشد كلَّ ما يراه صالحاً لخصم القضيَّة لنفسه، ولا ريبَ انَّ الفراش من القرائن الظنيَّة على البنوة، أما انَّه قرينة فاصلة لدى البناء العقلائي أو العرفي آنذاك فلا سبيل إلى اثباته لمجرَّد أنَّ الخصم قد تمسَّك بها لخصم القضية لصالحه.

ولو كان الأمر كما تقولون لصحَّ أن يُقال إنَّ البناء العقلائي كان قائماً على أساس انَّ مجرَّد الوطأ واحتمال التخلُّق منه كافٍ لإثبات وجود بناء عقلائي، وذلك لأنَّ خصم ابن زمعة قد استند على ذلك في دعواه البنوة إلا انَّ الأمر ليس كذلك فإنَّ الخصم يتمسَّك بما يراه مناسباً لكسب القضية لصالحه.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

6 / مارس / 2014م