هل قال الحسين (ع) للحرّ: ثكلتْك أمُّك؟!

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

سلام عليكم شيخنا العزيز

 

هل صحيح أو هل من المناسب قول الامام الحسين (عليه السلام) للحرّ: "ثكلتك أمّك، ما تريد؟"، فقال له الحرّ: أَمَا لو غيرك من العرب يقولُها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركتُ ذكرَ أمّه بالثّكل كائنًا من كان، ولكن -والله- ما لي إلى ذكر أمّك من سبيل إلّا بأحسن ما يقدر عليه؟

 

البعض ينسبُ الموقف السلبي للإمام (عليه السلام) بينما الموقف الإيجابي للحرِّ!

 

الجواب:

أجواء النصِّ وسياقه:

نبدأُ أولًا بنقل سياق النصِّ المذكور بحسب ما أورده الطبري في تاريخه، فقد أفاد أنَّ الحرَّ بن يزيد جاء في ألف فارس ليعترضَ طريقَ الحسينِ (ع) فأدركَ الحسينَ (ع) وأصحابَه في حرِّ الظهيرة فأمرَ الحسينُ (ع) أصحابَه أنْ يسقوا القوم، ثم حضرت الصلاة فصلَّى الإمامُ الحسين (ع) بالفريقين، ثم خطبَ فيهم وذكر في خطبته أنَّ أهل الكوفة قد كتبوا إليه يستحثُّونه على القدوم وأخرج خُرجين مملوئين كتباَ ونثرها بين أيديهم.

 

فقال الحرُّ: فإنَّا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك وقد أُمرنا إذا نحن لقيناك ألا نفارقَك حتى نُقدمك على عبيد الله بن زياد.

 

فقال له الحسينُ (ع): الموتُ أدنى إليك من ذلك، ثم قال لأصحابه: قوموا فاركبوا فركبوا وانتظروا حتى ركبتْ نساؤهم فقال: لأصحابه انصرفوا بنا، فلمَّا ذهبوا لينصرفوا حال القومُ بينهم وبين الانصراف.

 

فقال الحسين (ع) للحرِّ: ثكلتْكَ أُمُّك ما تريدُ؟

قال -الحرُّ-: أما واللهِ لو غيرك من العرب يقولُها لي وهو على مثل الحال التي أنتَ عليها ما تركتُ ذكرَ أُمِّه بالثكل أنْ أقوله كائنًا مَن كان، ولكنْ والله مالي إلى ذكر أُمِّك من سبيل إلا بأحسنِ ما يُقدرُ عليه.

 

فقال له الحسين (ع): فما تريد قال الحرُّ: أُريد والله أنْ أنطلق بك إلى عبيد الله بن زياد، قال له الحسين (ع): إذن والله لا أتبعُك فقال له الحرُّ: إذن واللهِ لا أدعُك فترادَّا القولَ ثلاث مرَّات، ولمَّا كثُر الكلام بينهما، قال له الحرُّ: إنِّي لم أُومر بقتالك، وإنَّما أُمرتُ أنْ لا أفارقك حتى أُقدمك الكوفة، فإذا أبيتَ فخذْ طريقًا لا تُدخلك الكوفة ولا تردُّك إلى المدينة لتكون بيني وبينك نصَفًا حتى أكتب إلى ابن زياد .."([1]).

 

مقدِّمة حول مدلول مقولة: "ثكلتك أمُّك":

وقبل البحث عن صحَّة هذا النصِّ أو عدم صحَّته نُقدِّم مقدَّمةً حول مدلول مقولة: "ثكلتْك أمُّك"

 

فهذه المقولة من العبائر الجارية على ألسنة العرب والمستعمَلة كثيرًا في خطاباتهم ومحاوراتهم تمامًا كما هي مقولة: "لا أمَّ لك" أو مقولة "ويلُ أمِّه" أو قولهم "ويحك" أو "قاتله الله ما أشجعه" أو قولهم: "تربتْ يداك" وغيرها من العبائر المتداولة والجارية على ألسنتِهم، فمثل هذه العبائر لا يُقصدُ منها المعنى الحرفي لألفاظها، وليس الغرض منها الدعاء على المخاطَب بل الغرض من استعمالها أمرٌ آخر من قبيل الزجر أو الحثِّ أو التنبيه أو الإنكار والتوبيخ أو الإعجاب أو الاستعظام أو التعجُّب أو الذم أو المدح أو غير ذلك من القصُود التي تُعرف من ملاحظة سياق الكلام.

 

فمثلًا حين يُقال: "قاتله اللهُ ما أشجعه" فإنَّ القائل لا يقصدُ من ذلك الدعاء على المخاطَب، وإنَّما يقصد منه التعبيرَ عن الإعجاب، وهكذا حين يُقال مثلًا: "ويلُ أمِّه" أو "الويلُ لأمِّك" فإنَّ القائل لا يقصدُ من ذلك الدعاء بالويل والبلاء على أمِّ المعنيِّ بالخطاب وإنَّما يُقصَدُ من ذلك التعبير عن الخشية عليه كما لو جاءت في سياق: ويلُ أمِّه كيف سافر في هذا اليوم، وقد يُقصَدُ منها تثبيط المخاطَب عن الإقدام كما لو جاءت في سياق ويلُ أمِّك كيف تُسافر في هذا اليوم.

 

وهكذا هو الشأن في قولهم: "ثكلتك أمك" فإنَّ المعنى الحرفي للعبارة هو تمنِّي موت المخاطَب أو الدعاء عليه بالموت وبأنْ تفقده أمُّه، فإنَّ الثكل يعني الفقد إلا أنَّ هذا المعنى لا يكون مقصودًا للمتكلِّم، ولذلك تُقال هذه المقولة حتى لمَن قد ماتت أمُّه وهو ما يكشفُ عن أنَّ المتكلِّم لم يقصد منها الدعاء عليه بأنْ تفقده أمُّه، إذ كيف تفقده وتُثكلُ به وهي قد ماتت قَبله بحسبِ الفرض.

 

فالمقصودُ من ثكلتْكَ أمُّك هو التوبيخ والتنبيه -مثلًا- للمخاطب على ثبوت ما يَسأل عنه وأنَّه من الوضوح والبداهة بحيث لا ينبغي الجهل به، كما في الحديث المروي أنَّ معاذ بن جبل قال: يا رسول الله أيُّ الأعمال أفضل قال: فأخرج رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لسانه ثم وضع عليه إصبعه فاسترجعَ معاذ، فقال يا رسول الله: أنُؤاخذ بكلِّ ما نقولُ، ويُكتبُ علينا؟ قال: فضربَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منكبِ معاذ مرَّات وقال: ثكلتْك أمُّك يا بن أم معاذ، وهل يُكبُّ الناس على مناخرِهم في نار جهنَّم إلا حصائد ألسنتهم"([2]).

 

فقوله (ص): "ثكلتْك أمُّك" سِيق لغرض التوطئة والتنبيه والتأكيد على ثبوت ما سيُجيبُه به وأنَّه من الوضوح بحيثُ لا ينبغي الجهل به، فليس المقصود من قوله: "ثكلتك أُمُّك" هو الدعاء عليه بالموت وعلى أمِّه بالفقْد. ولهذا فإنَّ المخاطَب بهذه المقولة لا يشعر بالحزن أو الغيظ على قائلها لعلمِه بأنَّه لم يقصد منها شتمه أو الدعاء عليه بل قد يشعر المخاطَب بأنَّ بينه وبين المتكلِّم تمام المؤانسة، ولذلك يفتخرُ بنقلها عنه، وذلك ما يُؤكِّد أنَّه لم يفهم منها الدعاء، تمامًا كما ينقلُ أحدُهم عن معلِّمه أنَّه قال له: أنتَ ساحر، وذلك لعلمِه أنَّه لم يقصد المعنى الحرفي للكلمة فلم يقصد من وصفه له بالساحر الإساءةَ له وإنَما قصد من ذلك وصفه بالذكاء والفطنة.

 

وقد تُستعمل مقولة: "ثكلتك أمُّك" للإنكار والتعبير عن فظاعة ما صدر عن المخاطَب كما في الرواية التي أوردها الكليني في الكافي بسنده عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَوْصِلِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: جَاءَ حِبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى كَانَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ لَه: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ومَتَى لَمْ يَكُنْ حَتَّى يُقَالَ مَتَى كَانَ، كَانَ رَبِّي قَبْلَ الْقَبْلِ بِلَا قَبْلٍ، وبَعْدَ الْبَعْدِ بِلَا بَعْدٍ، ولَا غَايَةَ ولَا مُنْتَهَى لِغَايَتِه، انْقَطَعَتِ الْغَايَاتُ عِنْدَه، فَهُوَ مُنْتَهَى كُلِّ غَايَةٍ .."([3]).

 

فقولُ أمير المؤمنين (ع) للمخاطَب "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ" سيق لغرض الزجر والإنكار على المخاطَب والتعبير عن فظاعة قوله، فهو ليس دعاءً على المخاطَب وإنَّما هو كلام أُريد منه التعبير عن استعظام قول القائل والتنبيه على جسامة خطئه فيما قال، وأنَّ هذا القول ممَّا لا ينبغي التفوُّه به أو توهُّم مؤدَّاه.

 

والمتحصَّل: إنَّ مقولة "ثكلتك أمّك" من العبائر الرائجة والمتداولة في كلام العرب ومحاوراتهم كما يتَّضح ذلك بأدنى متابعة لخطاباتهم وأدبيَّاتهم فيُخاطِب الأب بهذه المقولة ابنَه، والأخُ أخاه، والصديقُ صديقَه، ولا يفهم أحدٌ منهم أنَّ المتكلِّم قصد منها شتمه فضلًا عن شتم أمِّه أو الإساءة إليه أو إلى أمِّه أو الدعاء عليه أو على أمِّه، ولذلك فمِنَ المُستغرَب ما ورد في النصِّ المذكور في السؤال حيث يَظهر منه أنَّ الحرَّ بن يزيد (رحمه الله) قد فهِم من قول الحسين (ع) له -بحسب النص- ثكلتك أمُّك أنَّه شتم بذلك أمَّه وأساء إليها. وهذا ما لا يفهمه من هذه العبارة أحدٌ من أبناء العرب، وهو ما يكشف عن وجود خللٍ في النصِّ أو أنَّه مكذوبٌ من الأساس كما سيتَّضح إنْ شاء الله تعالى.

 

سند النصِّ ومنشأُ وهْنِه:

وكيف كان فالنصُّ من حيث السند ينتهي -ظاهرًا- إلى مصدرٍ واحد فهو وإنْ كان قد ذكره العديدُ من المؤرِّخين إلا أنَّهم قد اعتمدوا في نقله على مصدرٍ واحد كما يشهدُ لذلك -مضافًا إلى تصريح العديد منهم- تطابقُ ألفاظ النصِّ أو تقاربها بمستوىً يمتنعُ في العادة أنْ لا يكون مأخوذًا عن مصدرٍ واحد فلا يتَّفق عادة أن ينقل راويان واقعةً واحدة بمشاهدها وأجوائها وسياقها بألفاظٍ متطابقة أو قريبة من التطابق، نعم قد يتَّحد ما ينقله الراويان في بعض الخطابات التي حصلت في الواقعة المشهودة لهما أمَّا أن تتفق ألفاظ الراويان في شرح أجواء الواقعة وترتيب سياقاتها فهذا ما لا يتَّفق وقوعه، وعليه فتطابق ألفاظ الواقعة المرويَّة يكشفُ عن أنَّها مرويَّة عن راوٍ واحد.

 

وبحسب ما أورده الطبري وغيره فإنَّ الرواية منقولة عن هشام يعني هشام بن محمد بن السائب الكلبي وهو من قدماء المؤرِّخين الشيعة أدرك الإمام الصادق (ع) وتُوفي كما قيل سنة 204 أو بعدها بسنة أو سنتين، والظاهر أنَّ هشام أخذ الرواية عن أبي مخنف لوط بن يحيى (رحمه الله) والذي توفي سنة 157ه وهو قد نقلها عن رجلٍ يُسمَّى لقيط ولكنَّه لم يذكر اسم أبيه، ولقيط هذا نقلها عن عليِّ بن الطعان المحاربي الذي كان في جيش الحرِّ بن يزيد الرياحي الذي اعترض قافلةَ الإمام الحسين (ع)، فوهْنُ الرواية جاء من جهة لقيط والذي هو مجهول الحال فلا يُعوَّل على نقلٍ ما يتفرَّد به مثلُه، وكذلك جاء الوهنُ من جهة عليِّ بن الطعان المحاربي فهو كذلك مجهول الحال على أحسن التقادير ويكفي ذلك في سقوط ما يتفرَّد بنقله، فإما أن يكون ذلك هو سند النصِّ أو يكون هشام الكلبي قد أرسل النصَّ دون سند، فالنصُّ المذكور ساقطٌ عن الاعتبار على كلا التقديرين بمعنى عدم صحَّة البناء عليه لجهالة راويه وتفرُّده بنقلِه وعدم وجود شواهد تدعمُ صدقه. هذا أولًا

 

منافاة النصِّ لما أورده الشيخ الصدوق:

وثانيًا: إنَّ النصَّ المذكور منافٍ للنصَّ الذي أورده الشيخ الصدوق في الأمالي بسنده عن الإمام زين العابدين (ع): ".. أنَّ الحسين (عليه السلام) قد نزل الرهيمة، فأسرى إليه الحرُّ بن يزيد في ألف فارس ... فرهقه عند صلاة الظهر، فأمر الحسين (عليه السلام) ابنَه، فأذَّن وأقام، وقام الحسين (عليه السلام) فصلَّى بالفريقين جميعًا، فلمَّا سلَّم وثبَ الحرُّ بن يزيد فقال: السلام عليك يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال الحسين (عليه السلام): وعليك السلام، مَن أنت يا عبد الله؟

 

فقال: أنا الحرُّ بن يزيد. فقال: يا حرُّ، أعلينا أم لنا؟ فقال الحرُّ: والله يا بن رسول الله، لقد بعثتُ لقتالك، وأعوذُ بالله أنْ أُحشر من قبري وناصيتي مشدودةٌ إليَّ، ويدي مغلولةٌ إلى عنقي، وأُكب على حَرِّ وجهي في النار. يابن رسول الله أين تذهب؟ ارجعْ إلى حرم جدِّك، فإنَّك مقتول، فقال الحسين (عليه السلام):

 

سأمضي فما بالموتِ عارٌ على الفتى ** إذا ما نوى حقًا وجاهد مسلما

وواسى الرجال الصالحينَ بنفسِه ** وفارقَ مثبورًا وخالف مجرما

فإن متُّ لم أندم وإنْ عشتُ لم أُلم ** كفى بك ذلًّا أنْ تموت وتُرغما([4])

 

فهذه الرواية تُؤرِّخ لذات الواقعة التي يُؤرِّخ لها النصُّ المذكور، وهي كما تُلاحظون منافية -في أجوائها وفي اللَّغة التي كان عليها الحرُّ، وفي الأدب الذي أظهره في هذا الموضع- منافية في كلِّ ذلك مع النصِّ المذكور، فليكنْ ذلك مُوهِنًا آخر للنصِّ المذكور.

 

غرابة النصِّ تبعثُ على الارتياب في صدق ناقلِه:

ثالثًا: إنَّ النصَّ المذكور غريبٌ، ويبعثُ على الارتياب بل هو غير قابلٍ للتصديق، فإنَّه وإنْ كان من المُمكن أنْ يقول الحسين (ع) للحرِّ أو لغيره في مقام الزجر: "ثكلتك أمُّك" إلا أنَّ أحدًا لا يفهمُ من ذلك أنَّ المتكلِّم قد أساء إلى أمِّ المخاطَب وشتَمها، فكيف جاء جواب الحرِّ: "أما واللهِ لو غيرُك من العرب يقولُها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركتُ ذكر أُمِّه بالثكل أنْ أقوله كائنًا مَن كان، ولكن واللهِ مالي إلى ذكر أُمِّك من سبيل الا بأحسنِ ما يُقدرُ عليه"!!.

 

إنَّ الواضح من جواب الحرِّ -بحسب النص- أنَّه فهِم من قول الحسين (ع) له: ثكلتْك أُمُّك أنَّ الحسين (ع) -والعياذ بالله- قد شتم أمَّه وأساء إليها، ولهذا غضب أشدَّ الغضب وقال إنَّه لو قالها له غيرُه لَمَا ترك ذكر أمِّه كائنًا مَن كان ولكنَّه إنَّما يتعفَّف عن ذكر أمِّ الحسين (ع) بسوء لأنَّها فاطمة بنت رسول الله (ص).

 

وهذا غريب غايةَ الغرابة، إذ كيف يفهمُ الحرُّ وهو رجلٌ عربي أنَّ الحسين (ع) قد أساء إلى أمِّه لمجرَّد أنَّه قال له: ثكلتْك أمُّك؟! والحال أنَّها كلمة رائجة وجارية على ألسنة العرب ولا يكون المقصود منها الدعاء أو الإساءة إلى المخاطَب فضلاً عن الإساءة إلى أمِّه وإنَّما يكون المقصود منها الزجر أو التوبيخ أو ما أشبه ذلك، وهذا واضحٌ جليٌّ إلا أنْ يكون المخاطَب أعجميَّاً أو يكون ناقلُ الخبر ناصبيَّاً -وهو كذلك- أراد التنقُّص مِن الإمام الحسين (ع) وإظهاره في مظهَر مَن يقودُه الغضبُ إلى الإساءة إلى أمِّ مَن يُخاطبُه رغم أنَّه لا شأنَ لها ولا ذنب، وإظهار الحرِّ في مظهَر المتعفِّف عن مقابلة الإساءة بالإساءة رعايةً لرسول الله (ص) !!.

 

ومن ذلك يتبيَّن أنَّ الخبر موهون وأنَّ ناقلَه أراد الطعن من طرفٍ خفي في الإمام الحسين (ع) وأنَّ الحرَّ قد أخجلَه بتعفُّفه عن ذكر أمِّه بسوء رغم أنَّه قد أساءَ إلى أمِّه، ولذلك قال له الحسين -بحسب زعم الخبر- فما تريد؟ رغم أنَّه يعلم ما يُريد، وقد تقدَّم منه القول إنَّه يُريد أنْ يُقدم به على ابن زياد.

 

وخلاصة القول: إنَّ الخبر تشوبُه من جهة سنده ومتنِه العديد من الموهِّنات المانعة من القبول به والوثوق بصدقِه، ولهذا لا يصحُّ الاستناد إليه والبناء عليه.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

9 / محرّم الحرام / 1443هـ

18 / أغسطس / 2021م


[1]- تاريخ الطبري -الطبري- ج4 / ص304، أنساب الأشراف -البلاذري- ج3 / ص170، الإرشاد -المفيد- ج2 / ص80، تجارب الأمم -ابن مسكويه- ج2 / ص63، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك -ابن الجوزي- ج5 / ص336، البداية والنهاية -ابن كثير- ج8 / ص186.

[2]-المعجم الكبير -الطبراني- ج20 / ص64

[3]- الكافي -الشيخ الكُليني- ج1 / ص89-90.

[4]- الأمالي- الصدوق- ص218.