صوم العيد رجاءً بناءً على أنَّ حرمته تشريعيَّة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

بناءً على أنَّ حرمة صوم يوم العيد تشريعيَّة وليست ذاتيَّة، فلو قامت الحجَّة الشرعيَّة على ثبوت هلال شوال واحتمل المكلَّف خطأها فقد أفاد بعض الأعلام أنَّه يجوز للمكلَّف أن يصوم ذلك اليوم برجاء المطلوبيَّة.

 

والسؤال: ما هو مقتضى الاحتياط هل هو الصوم برجاء المطلوبيَّة أو الإفطار استناداً إلى الحجَّة الشرعيَّة؟

 

الجواب:

مع افتراض كون الحرمة لصوم يوم العيد تشريعيَّة فالصوم برجاء المطلوببَّة أحوط لأنَّ الصوم بقصد الرجاء لا يكون تشريعاً، وحيث إنَّ الصوم لهذا اليوم يُحتمَل أن يكون واجباً لاحتمال أنَّه من شهر رمضان واقعاً فصومُ هذا اليوم يدور أمرُه بين احتمال وجوبه وبين جواز تركه لقيام الحجَّة الظاهريَّة على أنَّه من شوال، وفي كلِّ مورد يدور فيه الأمر بين وجوب الفعل وبين جواز تركه يكون مقتضى الاحتياط غير الملزِم هو الاتيان بالفعل.

 

وعليه فالصوم في الفرض المذكور برجاء المطلوبيَّة هو الأحوط إلا أنَّ ما هو أحوط منه لدرْك الواقع هو السفر والإفطار ثم القضاء لليوم، ومنشأ كونه الأحوط لدرْك الواقع هو أنَّ هذا اليوم لو كان مِن شوال واقعاً فهو لم يصمْه، فلم يرتكب الحرمة الذاتية الواقعية بناءً على كونها المتعيِّنة، ولو كان هذا اليوم من شهر رمضان واقعاً فهو وإنْ لم يكن قد صامه إلا أنَّ عدم صيامه نشأ عن رخصةٍ شرعيَّةٍ مقطوعة نظراً لكونه مسافراً، فالمكلَّف لم يُخالف الواقع قطعاً، فهو لم يصُم فيحتمِل أنَّه ارتكب ما هو محرَّمٌ ذاتاً وكذلك هو لم يترك واجباً لأنَّ الصوم لا يجب على المسافر قطعاً، فلو كان هذا اليوم من شهر رمضان فإنَّ المفروض أنَّه سوف يتداركُه بالقضاء فإذا صام ذلك اليوم فإنَّه يكون قد أدرك الواقع قطعاً لأنَّ ذلك اليوم إنْ كان من شهر رمضان فالواجب في حقِّه هو قضاؤه لا صومه في ظرفِه وقد فعلَ بحسب الفرض، وإنْ لم يكن من شهر رمضان فإنَّه لم يرتكب الحرمة الذاتيَّة بصومه في ظرفه وبذلك يكون قد أدرك الواقع يقيناً.

 

بقي الكلام في التنبيه على أمرٍ ينبغي أنْ يكون قد اتَّضح ممَّا تقدَّم وهو أنَّ الاحتياط الأول أعني الصوم برجاء المطلوبيَّة بناءً على أنَّ حرمة صوم العيد تشريعيَّة هذا الاحتياط إنَّما يتم في فرض قيام الحجَّة الشرعيَّة الظاهرية وأما في فرض القطع بثبوت هلال شوال فإنَّه لا معنى للصوم برجاء المطلوبيَّة، وذلك للعلم بعدم مطلوبيَّته بل الصوم في هذا الفرض يكون من التشريع العملي مع الالتفات.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

2 / شوال / 1443ه

4 / مايو / 2022م