المشروعُ الرامي لنشرِ المثليَّةِ في العالَمِ الاسلامي

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدُ لله رفيعِ الدرجاتِ، ذي العرشِ، يُلقي الروحَ من أمرِه على مَن يشاءُ من عباده، ربِّ العبادِ والبلاد، وإليه المعاد، سريعِ الحساب، شديدِ العقاب، ذي الطَول، لا إله إلا هو إليه المصير، جميلِ الثناء، سميعِ الدعاء، حسنِ القضاء، له الكبرياء، لا مانعَ لما أعطى، ولا معطيَ لما منَع، ليس كمثلِه شيءٌ وهو السميعُ البصير. وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وحدَه لَا شَرِيكَ لَه، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً (ص) عَبْدُه ورَسُولُه. 

عبادَ الله أُوصيكم ونفسي بتقوى الله، وتذكروا أنَّ الدُّنْيَا دَارُ مَجَازٍ، والآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ، فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ، ولَا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَسْرَارَكُمْ، وأَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ، فَفِيهَا اخْتُبِرْتُمْ ولِغَيْرِهَا خُلِقْتُمْ.

يقول الله تعالى في محكم كتابه المجيد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(1).

الحديثُ حول المشروعِ الغربي الرامي لنشر المثليَّة في العالم الإسلامي، وأودُّ في المقام أنْ أستعرضَ مضامينَ هذا المشروعِ لعلَّ ذلك يُسهمُ في المزيدِ من اليقظةِ والحذر والوقوفِ على خطورةِ ما تُخططُ له القوى الفاعلةُ في الغرب من عولمةِ القيم التي يتبنَّونها، فمشروعُ ما يٌسمَّى بتطبيع المثليَّة هو أحدُ هذه المشاريعِ الكبرى الواقعةِ في سياقِ التخطيط لعولمةِ القيم الغربيَّة، وقد أثبتت التجربةُ -كما يذكرون- جدوى هذا المشروع وفاعليتَه بعدما تمَّ تطبيقُه في المجتمعِ الأمريكي والمجتمعِ الأوربي منذ العام 1987 من القرنِ المُنصرم، فكانت النتيجةُ بعد عشرينَ عاماً من تطبيقِه هي تحوُّل الدولِ المسيحيَّة المحافظةِ نسبياً إلى دولٍ تحتفلُ علانيةً بكلِّ أشكال الشذوذِ الجنسي بعد أنْ كان ذلك مُستهجَناً في أوساطِ البروستانت فضلاً عن الكاثوليك، فبعد النجاحِ الذي أحدثه المشروعُ في المجتمع الغربي بدأ القائمونَ على المشروع التفكيرَ الجادَّ في كيفيَّةِ تطبيقِ هذا المشروعِ على المجتمعاتِ في العالم الإسلامي والذي يُقدِّرونَ أنَّه العائقُ الأخير الذي يحولُ دون تعميمِ مشروعِ تحويل الثقافةِ الإنسانية من ثقافةِ الرفض والاستهجان والاستبشاع للشذوذ إلى ثقافةٍ تقبلُ باعتبار الشذوذِ نمطَ حياة، شأنُه شأنُ سائرِ العلاقاتِ النمطية المُستساغة.

ولذلك قاموا بتطويرِ هذا المشروع بما يتناسبُ -بحسب تقديرهم- مع طبيعةِ الثقافةِ السائدة في مجتمعاتِ العالم الإسلامي، ويرونَ أنَّه سوف يحظى بنجاحٍ باهرٍ في مدىً لا يتجاوزُ العشرينَ سنةً القادمة معتمدينَ في ذلك على استراتيجيَّةٍ مكوَّنةٍ من ستِّ خُطوات، وهي مُعلنةٌ بكلِّ وقاحة، فلا يُقال إنَّنا -نحن المسلمين- مهووسونَ بنظريةِ المؤامرة بل هي مؤامرةٌ قد تمَّ الشروعُ في تفعيلِها على نطاقٍ واسعٍ، وتدعمُها علناً جهاتٌ دوليَّة ومؤسساتٌ أهليَّةٌ نافذة.

وخلاصةُ ما يتضمَّنُه هذا المشروعُ هو أنَّه جوابٌ عن سؤالٍ حاصلُه كيف نجعلُ من المسلمينَ يقبلونَ بالشذوذِ الجنسي، ويقبلونَ في أوساطِهم بنمطِ حياةِ الشاذِّين والمتحوِّلين جنسياً، فلا يستوحشونَ مِن ممارسةِ الشذوذ ولا مِن الشاذِّينَ والمتحوِّلين، ويقبلونَ بأنَّ الأسرة كما يصحُّ تكوينُها من رجلٍ وامرأة كذلك يصحُّ تأسيسُ الأسرةِ من رجلين أو من امرأتين!!.

والاستراتيجيَّةُ المعتمَدةُ للوصول إلى هذه الغاية تتكوَّنُ من ستِّ خطوات يتمُّ العملُ الجادُّ وبمختلف الإمكانيَّات على تفعيلها:

العملُ على إزالةِ الحساسية عن حالة الشذوذ:

الخطوة الأولى: هي العملُ على إزالةِ الحساسية عن حالة الشذوذ، وذلك من طريق كثرةِ الحديث عن هذه القضية في مختلفِ في المحافل والمناسبات ووسائل الاعلام ووسائل التواصل والأفلام وبرامج الأطفال، والإيحاء بأنَّها قضية اجتماعيَّة ملحَّة لكونِها سائدة في الأوساط، لذلك يتعيَّنُ الحديثُ عنها والتفكيرُ في كيفيَّةِ المعالجةِ لها والتعاطي معها، والإيحاءُ كذلك بأنَّها ظاهرةٌ اجتماعيَّةٌ عابرةٌ للقارَّات، فلا يصحُّ إغفالُها أو التحسُّسُ منها بل لعلَّ من المناسبِ هو التفهُّم لها ولدوافعها الطبيعيَّة.

وبهذا الإيحاء المفتعَل يتمُّ التمهيدُ -بحسب تقديرهم- لتقبُّل التفكير في قضية الشذوذ وهل هي مستحقةٌ لكلَّ هذه الحساسيَّة المفرطة، وهل هذه الحساسيَّةُ ستحولُ دون وجودِ هذه الحالات في المجتمعات، أليس من المناسبِ التفكيرُ جدِّياً في جدوى التطبيع مع قضية الشذوذ واعتبارُ ذلك أمراً طبيعياً تماماً كما هو الشأنُ في اختلاف المجتمع في المرغوبات، فثمة مَن يرغبُ في هذا النوع من الطعام وثمة مَن لا يرغبُ فيه، وثمة مَن يرغبُ في الرياضة وآخر يرغبُ في السفر، وثمة مَن يرغبُ في الفنون وآخرُ يرغبُ في الحِرفِ اليدويَّة كذلك هو الشأنُ في الممارسة الجنسية فثمة من يكون مستقيماً جنسياً وآخر يرغبُ في الشذوذ الجنسي فلنتركْ للناس حريَّةَ اختيار ما ترغبُ في ممارستِه وفعلِه.

هذه هي الخطوة الأولى التي يستهدفُ المشروعُ الغربي منها إزالةَ الحساسية والاستبشاع والاستقذار عن قضية الشذوذ، ولهذا يتعيَّنُ على العلماء والخطباءُ والمعلِّمين والمرشدين الاجتماعيين والأسر العملُ الجدِّي للحيلولة دون إزالة حالة الاستيحاش والاستهجان والتقبيح لمسألة الشذوذ، وذلك من طريق التربية والتوعية والإرشاد للأخطارِ الكارثيةِ المترتِّبة عن التطبيع لقضية الشذوذ، والتأكيدُ في ذات الوقت على الرؤية الدينيَّة في معالجة حالاتِ الشذوذ وأنَّها صارمةٌ وملزِمة.

تقديمُ الشاذِّين على أنَّهم ضحايا وليسوا عدائيين:

الخطوة الثانية: هي تقديمُ الشاذِّين على أنَّهم ضحايا وليسوا منافسين كما أنَّهم ليسوا عدائيين يُضمرونَ شرَّاً بالمجتمع، وقد أدَّى نزوعُهم للشذوذ إلى أنْ يتعرَّضوا لمختلفِ أشكالِ الاضطهادِ والقمع، لذلك فهم بحاجةٍ إلى الدعم والحماية. وبحسب تقديرِ أصحاب هذا المشروع أنَّهم إذا نجحوا في تصوير الشاذِّين على أنَّهم ضحايا ومضطهدون فإنَّ ذلك سيخلقُ ردةَ فعلٍ طبيعية للرغبة في حماية هذه الفئة.

وبذلك يحدثُ تغيُّرٌ تدريجيٌّ في أذهان المجتمعات المسلمة، فبعد أن كانت تنظرُ إلى الشاذِّين على أنَّهم امتدادٌ لقوم لوط الذين وصفهم القرآن بالمعتدين والمجرمين تُصبحُ الذهنيةُ الإسلامية مهيئةً لتقبُّل أنَّ الشاذِّين ليسوا كمثل قوم لوط، فهم ليسوا أشراراً ولا عدوانيين بل هم أبرياء وجذَّابون والأهم من ذلك أنَّهم مضطهدون.

وبذلك يتحوَّلُ الشاذُّ إلى ضحيةٍ بريئةٍ بحاجةٍ إلى الحمايةِ والدعم والدفاع عن حقوقِه!! وبهذه الوسيلة الماكرة والخبيثة لأصحاب المشروع استطاعوا تجنيد الكثيرِ من الحقوقيين حول العالم للدفاع عن الشواذ.

والجديرُ بالذكر أنَّهم يعتبرونَ توصيفَ هؤلاءِ بالشواذ نوعاً من الاضطهاد والتنمُّر، والتوصيفُ المناسبُ لهؤلاء -بنظرهم- هو أنَّهم مثليَّون تماماً كما يفعلون عند إرادة الترويج لأيِّ قبيح، فهم يُسمَّون الخمورَ -مثلاً- مشروباتٍ روحيَّة والرقصَ نوعاً من الفنون، والقمارَ رياضةً ذهنيَّة، والعاهرات يطلقون عليهنَّ عنوان بائعاتِ الهوى ويسمُّون العلاقات خارج إطار الزوجيَّة صداقة، والغرض من كلِّ ذلك هو رفعُ الاستيحاش والاستبشاع عن هذه المنكرات.

الترويج على أنَّ الشاذِّين جزءٌ من التنوُّع الإنساني:

الخطوة الثالثة: هي تلقينُ الحقوقيين والمدافعين عن المثليَّة مبرِّرَ الدفاع وتلقينُهم الحجةَ التي يعتمدونها في مقام الدفاع عن الشذوذ والشاذِّين والمتحوِّلين، هذه الحجَّةُ هي ما يُعبَّرُ عنه بالتنوُّع الإنساني، فليكن الشذوذ جزءً من هذا التنوع، وعليه فالدفاعُ ليس عن هذه الفئة بما هي وإنَّما هو دفاعٌ عن حقوق الإنسان بقطع النظر عن نوعِه، وحيث إنَّ الشاذِّين والمتحولين جزءٌ من هذا التنوُّع لذلك يكونُ من الظلم التمييزُ بينهم وبين سائر أنواع الإنسان في التمكين من الحقوق.

فالمسلمونَ بحسب تقديرهم لن يدافعوا في هذه المرحلة عن الشذوذ في حدِّ ذاته لذلك لا ينبغي أن يكون هو نقطة الارتكاز بل يتعيَّنُ استبدالُه بما يُسمَّى بمكافحة التمييز والدفاع عن العدالة الاجتماعية والتي هي من صلب القيم الإسلامية، لذلك سيلقى هذا الخطاب قبولاً بالتدريج.

فالمدافعونَ عن الشواذ لا يُدافعون عن الممارسة التي يستقذرُها المسلمون وإنَّما يقفونَ ضد التمييز والقمعِ لحريات الناس، فهو نضالٌ من أجل الحريَّة والعدالة الاجتماعية ومن أجلِ تمكينِ الناس من نيل حقوقهم كاملةً وغيرَ منقوصة.

هذا النحو من الخطاب سيدفعُ الكثيرَ من المسلمين -بحسب تقديرهم- لتبنِّي الدفاع عن الشاذِّين والمتحولين باعتبار أنَّه دفاعٌ عن العدالة الاجتماعيَّة التي يدعو لها الإسلام، وهو نضالٌ من أجل الحريَّة ومكافحة كلِّ أشكال التمييز. وبهذا يتمُّ توظيفُ المفاهيمِ الدينية والشعاراتِ البرَّاقة -بعد تعويمِها- من أجلِ تمرير هذا المشروع الشيطاني، وبقليلٍ من التأمُّل يتبينُ مقدار المغالطاتِ التي اشتملت عليها هذه الخطوة.

الدفاع عن الشواذ تحت ذريعة الدفاع عن المضطهدين:

الخطوة الرابعة: بحسب تصنيف التقرير هو أنَّ على المدافعينَ عن حقِّ المثليين التأكيدَ على القبول بأنَّ الشذوذ حرامٌ لذلك نحن لا ندعو المسلمين لممارسة الشذوذ ولا إلى التبنِّي لتحليله وإباحته وإنَّما ندعو لمكافحة الاضطهادِ والقمعِ لهذه الفئة المهمَّشة والمظلومة، ونناضلُ من أجل تمكينِها من حقِّها في ممارسة ما ترغبُ فيه وأنْ تُصبحَ جزءً من التنوُّع الإنساني.

هذه الخطوة الماكرة قد تمَّ تمريرها للأسف الشديد على الكثير من الدعاة والأكادميين والمؤسساتِ الدينية الأهلية في المجتمع الأمريكي فصاروا ضمنَ المدافعين عمَّا يُسمى بحقوق المثليين تحت ذريعةِ التفريقِ بين ممارسة الشذوذ والدعوة إليه والذي هو حرامٌ وبين الدفاع عمَّا يُسمَّى بحقوق المثليين. فالشذوذ وإن كان حراماً ولكنَّ ذلك لا يُسوِّغ حرمانَ الشاذين من ممارسة حقِّهم فيما يرغبون فيه.

والآن بدأ التصديرُ لهؤلاء الدعاة والأكادميين وبدأ الترويجُ لرسائلهم في أنحاء العالم الإسلامي، وبدأ بعضُ الدعاة الشرقيين اعتمادَ هذه الاستراتيجية لتمريرِ هذا المشروع.

إظهار المناهضين للشذوذ والشواذ في مظهر المتخلِّفين:

الخطوة الخامسة: هي العمل على إظهار المناهضين للشذوذ والشواذ في مظهر المتخلِّفين الذين يفتقرون للحسِّ والعاطفة، والعملُ كذلك على إظهارهم في مظهر المتعصبين وغير المتسامحين وأنَّهم قمعيون وظالمون ومتوحِّشون.

وهذا الخطابُ -حبسب تقديرهم- سوف يُنتجُ تحييدَ الكثيرِ من المسلمين، لأنَّ الكثير منهم لا يُريد أنْ يظهر في مظهر السيء والمتعصِّب غير المتسامح، لذلك سوف يلتزمون على أقلِّ التقادير الصمت وهو ما سيسمحُ بمضيِّ المشروع قدماً دون مناكفةٍ شديدة.

وإذا التزم أكثرُ المسلمين الصمتَ والحياد يتمكنُ المشروعُ بحسب تقديرهم من الضغط على الحكومات بواسطة المؤسسات الدولية والحقوقيَّة من أجل إلغاء التجريم والعقوبات المفروضة على ممارسة الشذوذ.

ويتمُّ بعدها التدرُّج في الضغط على الحكومات بواسطة الدول الغربية وذلك بالتهديد بفرض عقوباتٍ اقتصادية على كلِّ دولة تُجرِّمُ الشذوذ أو سلوكَ الشاذِّين والمتحولين.

وفي إطار هذه الخطوة يتمُّ الضغطُ على حكومات الدول الإسلامية من أجل فرض الإعادة لصياغة القانون في هذه الدول بنحوٍ يسمحُ بتقنين السماح بإعطاء مساحات اجتماعيَّة للشاذين والمتحولين فيكون لهم حقُّ الانشاء لأنديةٍ تخصُّهم وجمعياتٍ أهلية ترعى شؤونَهم وحوانيت تُعنى بتوفير ما يحتاجونه لأنشطتهم وممارساتهم.

وكذلك يكون لهم حقُّ الحماية القانونية من التنمُّر والمضايقات والاساءات بحيث إنَّ كلَّ مَن يُصنِّف نفسَه ضمن المثليين يكون له حقُّ الحماية القانونية من مختلف أنواع الإساءة حتى لو كان مصدرُها الأبوين أو الأقارب.

وهكذا يتمُّ التدرُّج في فرض القوانين المُفضية لتحويل المثليَّة إلى نمَطِ حياة في المجتمعاتِ الإسلامية إلى أنْ يصلوا بهم إلى فرض تشريع زواج المثليين وأنَّه كما يصحُّ تكوين الأسرة من رجل وامرأة كذلك يصحُّ أن تتكون الأسرةُ من رجلٍ ورجل ومن امرأةٍ وامرأة!! وهذه المرحلة وإنْ كانت ستُواجه الكثيرَ من التحدِّيات والعقبات -بحسب تقديرهم- لكنَّه لابد من التذليل لهذه العقبات للوصول إلى التطبيع الكامل وتحويل المثليَّةِ إلى نمَطِ حياة، شأنُه شأنُ سائر الأنماط الحياتيَّة المألوفة. وهم يُقدِّرون أنَّهم سينجحون في ذلك كما نجحوا في إيصال المجتمعات الغربيَّة إلى هذه المرحلة.

تقديم قوانينَ خاصة بالخطاب الذي يحضُّ على الكراهية للمثلية:

الخطوة السادسة: تقديم قوانينَ خاصة بالخطاب الذي يحضُّ على الكراهية للمثلية فيجب تشريع قوانينَ تُجرِّم كلَّ من يتحدَّثون ضدَّ المثليَّة تماماً كما هو القانون الذي يُجرِّم الحضَّ على كراهية السامية. وبتعبير آخر ليس لأحدٍ حقُّ النقد للمثلية وكلُّ من يُمارسُ عملية النقد للمثليَّة سوف يُصنَّف ضمنَ من يُحرِّض على الكراهية للمثلية.

وهذه الخطوة متقدِّمة جداً فبعد أنْ ينجحوا في إلغاء العقوبات والتجريم للشذوذ وبعد أنْ ينجحوا في تحويل الشذوذ إلى نمط حياة تصل النوبة إلى تجريم من يعترض على المثلية فيكون المناهضُ للشذوذ والمثلية هو المجرمَ المستحقَّ للعقوبة.

وقد صدر مثلُ هذا القانون المجرِّم لخطاب الكراهية للمثلية في العديد من الدول مثل كندا والمملكة المتحدة وأستراليا وجنوب أفريقيا نعم لم يتم التشريع إلى الآن لهذا القانون في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي إطار الخطوة السادسة يتعيَّنُ التشريعُ لقانون يُلزمُ وزاراتِ التربية إدخالَ التعليم للشذوذ ضمنَ مناهج التعليم المدرسي ويَفرضُ بحسب تعبيرهم على روضات الأطفال التعريف بآيدلوجيا الشذوذ والحب بين الرجل والرجل والمرأة والمرأة.

وكذلك يدخلُ في إطار الخطوة السادسة المطالبة بالحمامات المحايدة والإلغاء الكامل للفصل بين الجنسين، فلا يُقال مثلاً يعمل في هذه الشركة عشر نساء وعشرة رجال بل يقال يعمل في هذه الشركة عشرون إنساناً ويتعين في هذه المرحلة تصحيح اللغة وإلغاء ضمائر التذكير والتأنيث.

وكذلك يدخلُ في إطار هذه الخطوة سلبُ حقِّ الأبوين في التدخُّل لمنع طفلهما من تغيير جنسه إذا كان مقتنعاً بذلك، فلا يصحُّ لهما منعُه من إجراء عملية التحويل، وإذا لم يكونا على استعداد لتأمين مصاريف العملية فهناك جهاتٌ خيرية ستؤمنُ لهذا الطفل مصروفات التحويل لجنسه، وكذلك ليس للأبوين الحق في منع طفلهما من ممارسة الشذوذ مع أقرانه.

هذه هي خلاصةُ تقرير المشروع الرامي لنشرِ المثلية في العالم الإسلامي، وهم الآن ما زالوا في مراحلهم الأولى من تطبيق هذا المشروع على المجتمعات الإسلامية، فالمتعيّن على المسلمين اليقظة والحذر والعمل على الممانعة والحيلولة دون تمرير هذا المشروع الشيطاني، ونحن على ثقةٍ أنَّ المسلمين بمشيئة الله تعالى وبفضل وعيِهم وتمسكِهم بدينِهم وقيمهم ويقظةِ علمائهم ونُخبِهم قادرونَ على أنْ يحولوا دون تمرير هذا المشروع وسوف يُخزي اللهُ الفاسقين ويكبتُهم كما قال جلَّ وعلا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾(2).

اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآل محمد واغفر لعبادك المؤمنين

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ / مَلِكِ النَّاسِ / إِلَهِ النَّاسِ / مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ / الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ / مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾(3).

والحمد لله ربِّ العالمين

 

خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور

6 من جمادى الثاني 1444هـ - الموافق 30 ديسمبر 2022م

جامع الإمام الصّادق (عليه السلام) - الدّراز


1- سورة النور / 21.

2- سورة المجادلة / 5.

3- سورة الناس / 1-6.