﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ .. الفرق بينها وبين بريئ

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

سلام عليكم .. شيخنا الجليل:

قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾(1) من سورة الزخرف 

 السؤال: ما هو الفرق بين كلمة براء و بريئ؟

الجواب:

بَرَاء بفتح الباء والراء مصدر من برء يبرء براءً مثل سمع سماعاً وطلَّق طلاقاً، ولأنَّ بَراء وشبهه مصدر لذلك فهو لا يثنَّى ولا يجمع، فلا يقال هما براءان، ونحن براءون بل يحتفظ المصدر بهيئته مطلقاً سواءً أُسند أو نُعت به المفرد أو المثنى أو الجمع أو المذكر أو المؤنث، فيُقال هو بَراء، وهي براء، وهما براء، وهم براء، ونحن براء.

وأمَّا بريئ فهو اسم فاعل مثل سميع بمعنى سامع وشهيد بمعنى شاهد، ومعنى قوله تعالى على لسان إبراهيم (ع): ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ هو أنَّني بريئ أو ذو براء ممَّا تعبدون وإنَّما أُسند المصدر (براء) إلى الذات للتعبير عن المبالغة في التبرء مما يعبدون كما يُقال أنا سمْعٌ لما تقول، والأصل أنا سامع لما تقول أو أنا ذو سمعٍ، وإنَّما أسند المصدر (السمع) للذات للتعبير عن المبالغة في الاستماع .

فالمصدر لا يُسند للذات إلا إذا كان مضافاً إلى كلمة (ذو) فلا يقال رجل سمْعٌ، ورجلٌ جمال، وإنَّما يقال: رجل ذو سمع، ورجل ذو جمال، نعم يصحُّ أن يقال: رجلٌ سمْعٌ، ورجلٌ جمال، للتعبير عن المبالغة.

فحين يقال: رجل جمال يُراد من ذلك القول إنَّ الرجل بلغ من الجمال حدَّاً كأنَّه هو الجمال والجمال هو، وهكذا حين يُقال: زيد عدْلٌ بدلاً من القول: زيد عادل، فإنَّ الغرض من ذلك هو القول بأنَّ زيداً بلغ من العدالة حدَّاً صار كأنَّه هو العدْلُ نفسُه.

فقول إبراهيم (ع): ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ أراد من ذلك المبالغة في التبرُّء ممَّا يعبدون فأراد القول إنَّه لو تمثَّلت البراءة منهم في ذاتٍ لكانت هي براءته منهم وممَّا يعبدون وهو تعبيرٌ عن تمام المزايلة والمفاصلة والبُعد بينه وبين ما يعبدون من دون الله تعالى.

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

26 / شعبان المعظم / 1444ه

19 / مارس / 2023م


1- سورة الزخرف / 26.