معنى قوله تعالى: {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ محمد وآل محمد
المسألة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا .
عندنا سؤال عن آية التبليغ قال الله عزوجل: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }(1)
كيف عصم الله عزوجل نبيه (صلى الله عليه واله وسلم) من تكذيب الناس يوم الغدير في قوله : {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وقد كذبه البعض لاحقاً وحصول الفرقة بين الناس كما تذكر ذلك كتب السّير والمعاجم الحديثية؛ وما هو المقصود من العصمة في الآية الكريمة ..؟
الجواب:
المراد ظاهراً من قوله تعالى: {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} هو الوعد من الله تعالى لنبيِّه (ص) بأنْ يحفظه من الناس وذلك بأنْ يردَّ كيدهم ويُبطل تدبيرهم فلا ينالون منه ما أرادوه.
والواضح من لحن الآية ومساقها أنَّ ثمة مؤشِّرات بيِّنةً لدى الرسول (ص) بأنَّ جماعة وازنة من أمَّته وهم المنافقون يعملون جاهدين للحيلولة دون تبليغ الرسول (ص) لفريضة الولاية لعليٍّ وعترة أهل البيت(ع) في جموع الحجاج، فقد لا يتَّفق للرسول (ص) أنْ يجتمع بهذا الكمِّ الكبير من المسلمين في فرصةٍ أخرى خصوصاً وأنَّه قد نُبِّأ بأنَّ رحيله عن الدنيا قد اقترب.
فالمنافقون من طُلقاءِ قريش والممالئين لهم يُدركون جيداً أنَّ تبليغ النبيِّ(ص) لفريضة الولاية في موسم الحج وفي جموع الحُجَّاج سوف يُوقعُهم في حرجٍ شديدٍ، وقد يحولُ بينهم وبين ما يُخطِّطون له بعد رحيل الرسول (ص) لذلك كانوا يُدبِّرون لمنع النبيِّ (ص) من تبليغ فريضة الولاية في جموع الحُجَّاج، فالنبيُّ (ص) وإنْ كان قد بيَّنَ في مشاهد كثيرة أنَّ الخلافةَ وولاية الأمر بعده لعليٍّ(ع) إلا أنَّ ذلك كان في محضر أعدادٍ محدودة بالمقارنة للأعداد غير المسبوقة التي حضرتْ في حجَّة الوداع والتي كانت تتميَّز بأنَّها من مختلف قبائل الجزيرة العربيَّة، ولذلك كان المنافقون يحرصون على أنْ لا يتم التبليغُ لفريضة الولاية في جموع الحجَّاج، وكانوا على استعدادٍ أن يفعلوا أيَّ شيءٍ من أجل الحيلولة دون تبليغ الرسول (ص) لفريضةِ الولاية في موسم الحجِّ، فكانوا مستعدِّين لاغتياله قبل التبليغ، وإنْ لم يتهيأ لهم اغتيالُه أو اغتيالُ عليٍّ (ع) فإنَّ الخيار الآخر هو العمل على الإرجاف وبثِّ التشكيك في مصداقيَّة ما سيبلِّغه الرسول (ص) وإنْ وجدوا أنَّ هذا الخيار غيرُ ناجعٍ وأنَّه لن يُصغيَ المسلمون لإرجافهم وتشكيكهم فإنَّ الخيار الأخير هو التشويش وإثارة اللَّغط في كلِّ محضرٍ ومشهدٍ من مشاهد الحجِّ -يتحدَّث فيه النبيِّ (ص) عمَّا يتعيَّن على المسلمين التزامه بعد رحيله- ليحولوا دون وصول البلاغ لعامَّة الحُجَّاج، وقد عملوا على الخيارات الثلاثة، فدبَّروا لاغتيال النبيِّ (ص) في الحجِّ إلا أنَّه لم يتهيأ لهم ذلك لالتفاف الحجَّاج حول الرسول (ص) في الطريق وفي جميع مشاهد الحج، وقد عيَّن الرسول (ص) حرساً يتناوبون على حراسة خيمته ليلَ نهار كما سننقل ذلك (2)، وأمَّا التشويش وإثارة اللَّغط فتُشير إليه الرواياتُ المتظافرة والتي أفادت أنَّ النبيَّ (ص) حين أعلنَ في عرفة أو في حجَّة الوداع أنَّ الأئمة من بعده اثنا عشر فإنَّ الراوي قال إنَّه لم يسمع بقيَّة خطاب الرسول (ص) لكثرة اللَّغط والضجيج (3)، فلم يتهيأ للرسول (ص) أنْ يبلِّغ فريضة الولاية بالنحو الذي يصلُ لعامَّة الحُجَّاج أو لأكثرهم، ولعلَّه شعر بأنَّ الفرصة لن تكون سانحة في ظلِّ هذه المعوِّقات، فقد يتمُّ اغتياله قبل أن يتمكَّن من التبليغ، وقد يتمكنون من اقناع عددٍ وازن من المسلمين بأنَّ فرض الولاية لعليٍّ (ع) مخالفٌ لمصلحة العرب ويتمكنون من إقناعهم بأنَّ فرض الولاية له ليس من عند الله تعالى وإنَّما هو محاباةٌ من النبيِّ (ص) لصهره وابن عمِّه(4)، وبذلك يسلبون التبليغ لفرض الولاية -لو وقع - المصداقية الدينيَّة، وقد يتمكَّنون من التشويش والحيلولة دون وصول صوت النبيِّ (ص) لعامَّة المسلمين كلما أراد التبليغ لفريضة الولاية كما وقع ذلك في عرفات.
ففي هذا الظرف المشحون بالتحدِّيات نزلت آية التبليغ فشدَّدت على ضرورة التبليغ لفريضة الولاية قبل رحيل جموع الحجَّاج إلى بلدانهم وعدم تفويت هذه الفرصة ووعدت الآيةُ النبيَّ الكريم(ص) أنَّ الله تعالى سيعصمُه من الناس فيتمكَّن دون عوائق من إنجاز المهمَّة التي كُلِّف بها، لذلك بادرَ الرسولَ (ص) إلى لَمِّ فلول الحجَّاج في غدير خم وصدع بالرسالة التي كلَّفه اللهُ تعالى بأدائها، ولعلَّ من تدبير الله تعالى أنْ يتأخَّر تبليغ الرسالة بفرض الولاية إلى وقتٍ شعرَ فيه المنافقون أنَّهم تمكَّنوا من منع النبيِّ (ص) من التبليغ وأنَّ فرصةَ التبليغ في جموع الحجَّاج قد تمَّ فواتُها، لذلك كان ما فعله النبيُّ (ص) في غدير خم مفاجئاً، وكذلك فإنَّ من تدبيره تعالى أن يسبق التبليغ لفريضة الولاية نزول آية التبليغ لتُشدَّد على ضرورة التبليغ، وبذلك ينتفي توهُّم أنْ فرض الولاية لعليٍّ (ع) كان محاباةً من الرسول (ص) فالآية وحدها كانت وحدها كفيلة بحماية الرسول (ص) من هذه التهمة التي عمل المنافقون على الإرجاف بها
فدعوةُ الرسول (ص) لفلول الحجَّاج، واسترجاع من تقدَّم واستقدام من تأخَّر، ونصبُ المنبر في هجير الصحراء يستثير فضولَ الناس ويسترعي اهتمامَهم وجودةَ اصغائهم لما سيقولُ الرسول (ص) وهو ما فوَّت على المنافقين فرصة التشويش الذي تمكَّنوا منه يوم عرفات.
وهكذا أنجز اللهُ تعالى لنبيِّه (ص) وعدَه فعصمَه من بغيهم، فلم يتمكنوا من اغتياله قبل أنْ يؤدِّى الرسالة التي كُلِّف بأدائها في جموع الحجَّاج، ومنعَهم من أنْ ينالوا من مصداقيَّة ما بلَّغه للمسلمين عن ربِّه، وأبطلَ سعيَهم، فلم يتهيأ لهم الحيلولة دون وصولِ صوتِه لمسامع المسلمين، وزاد رسولُ الله على ذلك -إمعاناً في إقامة الحجَّة - فوضع كفَّ عليِّ(ع) في كفِّه ورفعها من فوق منبره عالياً حتى بانَ بياضُ إبطيهما لجموع الحجَّاج ليظلَّ هذا المشهدُ اليتيم وغيرُ المسبوق محفوراً في الذاكرة .
فالعصمة التي وعد اللهُ نبيَّه (ص) بها في الآية الشريفة تعني الحفظ له من بغي المنافقين وكيدهم إلى أنْ ينتهي من الإبلاغ للرسالة التي كُلِّف بأدائها ليهلَكَ بعدها من هلكَ عن بيِّنة ويحيى من حيَّ عن بيِّنة. وقد أنجزَ اللهُ تعالى لنبيِّه (ص) وعدَه فحفِظه من بغي المنافقين وكيدِهم إلى أنْ أكمل التبليغ لرسالة ربِّه وبيَّن للمسلمين ما فرضَه الله عليهم من الإذعان لفريضة الولاية لعليٍّ والعترة الطاهرة (ع) وعندها نزل القرآن بالإعلان عن أنَّ الدين قد كمل وأنَّ النعمة قد تمَّت: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}(5)
فالعصمةُ في الآية الشريفة لم تكن تعني الوعد بالحفظ للنبيِّ (ص) من غائلة المنافقين إلى منتهى أجله، فشأنُ النبيِّ (ص) شأن سائر الأنبياء والمصلحين يكون دائماً في معرض القتل، غايتُه أنَّ الله تعالى وعده بالحفظ إلى أنْ يُتم عليهم حجَّته كاملةً وافية، فلا يبقى بعدها عذرٌ لمعتذر، وذلك هو مؤدَّى قوله تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}(6) فهو لا يقسِرُ الناس على الهداية وإنَّما يُرشدهم إليها ثم لهم أن يختاروا الهدى أو الضلال، ولعلَّ ممَّا يُؤيد عدم اقتضاء الآية للوعد بالحفظ من القتل إلى منتهى الأجل قوله تعالى في سورة آل عمران: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}(7) فهو تعالى لم يضمن لنبيِّه (ص) أنْ لا يموت مقتولاً شأنُه في ذلك شأنُ المرسلين الذين سبقوه.
وكذلك فإنَّ العصمة التي وعد اللهُ نبيَّه (ص) بها في الآية لا تقتضى منعه من أنْ يتَّهمه المنافقون في صدقِه أو في عقلِه أو في عدلِه أو في أنَّ ما جاء به كان من عند ربِّه، وغاية ما تقتضيه العصمة في الآية هو المنع من تأثير أراجيفهم من قيام الحجَّة عليهم وعلى عامة المسلمين في حاضرهم ومستقبلهم ، فالنبيُّ (ص) كسائر الأنبياء، وسنَّةُ الله تعالى في أنبيائه أن يكون لهم أعداء، ومقتضى عداوتهم هو المعاندة والمضادَّةُ بمثل المكر والكيد والتشويشِ والتغريرِ والتكذيب والافتراء والتضليل، يقول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ }(8)
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
24 ذو الحجة 1444ه
13 يوليو 2023م
1- سورة المائدة: 67.
2- فمن ذلك ما أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وآله يحرس حتى نزلت هذه الآية: {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فاخرج النبيُّ صلى الله عليه وآله رأسَه من القبَّة فقال لهم: أيُّها الناس انصرفوا فقد عصَمني الله" قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح الاسناد ولم يخرجاه . ج2/ 313
ومنه: ما أخرجه ابن جرير الطبري بسنده عن ابن جريج ، قال : كان النبي ( ص ) يهابُ قريشا ، فلمَّا نزلت : {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} استلقى ثم قال : من شاء فليخذلني مرَّتين أو ثلاثا" جامع البيان- ج6/ 416
ومنه: ما أخرجه ابن جرير الطبري بسنده عن سعيد بن جبير ، قال : لمَّا نزلت : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} قال رسول الله ( ص ) : لا تحرسوني إنَّ ربِّي قد عصمني" جامع البيان - الطبري- ج 6/ 414
ومنه: ما أخرجه ابن جرير الطبري بسنده عن القرظي : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال يحرس ، حتى أنزل الله :وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}" ج10/ 470
ومنه: ما أخرجه ابن جرير الطبري بسنده عن محمد بن كعب القرظي قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحارسه أصحابُه ، فأنزل الله تعالى ذكره :{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }" ج10/ 469.
3- من ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه يسنده عن جابر بن سمرة قال انطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي أبى فسمعته يقول: لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثنى عشر خليفة فقال كلمة صمَّنيها الناس فقلت: لأبي ما قال؟ قال: كلُّهم من قريش" صحيح مسلم ج6/ 4
ومنه: ما أخرجه أحمد في المسند بسنده عن جابر بن سمرة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال: لن يزال هذا الدين عزيزا منيعا ظاهرا على من ناواه لا يضره من فارقه أو خالفه حتى يملك اثنا عشر كلهم من قريش أو كما قال" مسند أحمد ج5/ 96
ومنه: ما أخرجه أحمد في مسنده بسنده عن جابر بن سمرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال هذا الامر عزيزا إلى اثنى عشر خليفة فكبَّر الناس وضجُّوا وقال كلمة خفية قلت لأبي يا أبت ما قال قال كلهم من قريش" مسند أحمد ج5/ 98
ومنه: ما أخرجه أحمد بسنده عن جابر بن سمرة السوائي قال سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: انَّ هذا الدين لن يزال ظاهرا على من ناواه لا يضره مخالف ولا مفارق حتى يمضي من أمتي اثنا عشر خليفة قال: ثم تكلم بشئ لم أفهمه فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلُّهم من قريش مسند أحمد ج5/ 87
ومنه: ما أخرجه أحمد بن حنبل بسنده عن جابر بن سمرة السوائي قال سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع : لا يزال هذا الدين ظاهرا على من ناواه لا يضره مخالف، ولا مفارق حتى يمضي من أمتي اثنا عشر أميراً كلُّهم ثم خفي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكان أبي أقرب إلى راحلةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم مني فقلت: يا أبتاه ما الذي خفى من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: يقول: كلُّهم من قريش مسند أحمد ج5/ 87
ومنه: ما أورده الشيخ الصدوق في الخصال بسنده عن جابر بن - سمرة السوائي قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وآله فقال : يلي هذا الامر اثنا عشر . قال : فصرخ الناس فلم أسمع ما قال ، فقلت لأبي - وكان أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مني - فقلتُ : ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال : قال : كلُّهم من قريش وكلُّهم لا يُرى مثله" الخصال - الصدوق- ص 473
ومنه: ما أخرجه أحمد بن حنبل بسنده عن الشعبي قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا ينصرون على من ناواهم عليه إلى اثنى عشر خليفة قال: فجعل الناس يقومون ويقعدون" مسند أحمد ج5/ 99.
4- لاحظ مثلا: ما ورد في تفسير العياشي عن جابر بن أرقم قال : بينا نحن في مجلس لنا وأخو زيد بن أرقم يحدثنا إذ أقبل رجل على فرسه عليه هيئة السفر فسلم علينا ثم وقف ، فقال : أفيكم زيد ابن أرقم ؟ فقال زيد : انا زيد بن أرقم فما تريد ؟ فقال الرجل : أتدري من أين جئت قال : لا ، قال : من فسطاط مصر لأسئلك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله صلى الله عليه وآله ! فقال له زيد : وما هو ؟ قال : حديث غدير خم في ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام .. نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ينادى : أيها الناس أجيبوا داعى الله انا رسول الله فأتيناه مسرعين في شدة الحر، فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه وبعضه على قدميه من الحر وأمر بقَمِّ ما تحت الدوح، فقُمَّ ما كان ثمة من الشوك والحجارة ، فقال رجل : ما دعاه إلى قمِّ هذا المكان وهو يريد أن يرحل من ساعته ليأتينَّكم اليوم بداهية ، فلما فرغوا من ألقمِّ أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أنْ يؤتى بأحلاس دوابنا وأثاث ابلنا وحقائبها فوضعنا بعضها على بعض ، ثم ألقينا عليها ثوبا ثم صعد عليها رسول الله (ص) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيُّها الناس إنَّه نزل علي عشية عرفة أمرٌ ضقت به ذرعا مخافة تكذيب أهل الإفك حتى جاءني في هذا الموضع وعيدٌ من ربى إنْ لم أفعل ، ألا وانِّى غير هائبٍ لقومٍ ولا محابٍ لقرابتي، أيها الناس مَن أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : الله و رسوله قال : اللهمَّ اشهد، وأنت يا جبرئيلُ فاشهد حتى قالها ثلثا ثم أخذ بيد عليِّ بن أبي طالب عليه السلام فرفعه إليه ، ثم قال : اللهمَّ من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله قالها ثلثا ، ثم قال : هل سمعتم ؟ فقالوا اللهم بلى قال : فأقررتم ؟ قالوا اللهم نعم ، ثم قال : اللهمَّ اشهد وأنت يا جبرئيلُ فاشهد ثم نزل فانصرفنا إلى رحالنا.." تفسير العياشي - محمد بن مسعود العياشي-ج2/ 97
5- سورة المائدة:3.
6- سورة الأنعام : 149.
7-سورة آل عمران: 144.
8- سورة الأنعام:112، 113 .