الإجماع في كلمات صاحب الرياض

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل الإجماع المنقول عند سيّد الرياض (ره) ومن في طبقته كصاحب الجواهر (ره) حجة؟ لأنّ الملاحظ أنه لا تكاد تخلو مسألة سيّما عند سيّد الرياض إلا واستدلَّ عليها بالإجماع

الجواب:

الإجماع الذي يردُ في كلمات صاحب الرياض رحمه الله تارة يُسنِدُه إلى أحد الأعلام، ومعنى ذلك أنَّ صاحب الرياض يُخبرنا أنَّ هذا العالم يدَّعي الاجماع على المسألة فيكون خبرُ صاحب الرياض حجةً لأنَّه ثقة ولأنَّه يُخبر عن حسٍّ، فهو قد وقفَ على ادِّعاء هذا العالم ونقل لنا ما وقف عليه حسَّاً، وهنا الحجيَّة ليست للإجماع وإنَّما هي لخبر صاحب الرياض أنَّ فلاناً قد ادَّعى الإجماع، وأمَّا الاجماع المدَّعى فلا يكون حجَّةً لأنَّ مدَّعيه وإنْ كان يُخبر عن وجوده وهو صادق ولكنَّه من الإخبار عن حدسٍ، لأنَّه حصَّل الإجماع بواسطة قاعدة اللطف أو الملازمة العاديَّة أو غيرهما من الوسائل الاجتهاديَّة التي يتمُّ بها تحصيل الإجماع.

وإذا لم يُسنِد صاحبُ الرياض الإجماع لأحد وإنَّما أفاد -مثلاً- أنَّ هذه المسألة إجماعيَّة فظاهر ذلك أنَّ صاحب الرياض قد حصَّل الإجماع بنفسه، فهو إجماعٌ محصَّل بالنسبة لصاحب الرياض، فبناءً على حجيَّة الإجماع المحصَّل فإنَّه يكون حجَّةً عليه لكنَّه لا يكون حجةً علينا لأنَّه بالنسبة لنا إجماعٌ منقول عن صاحب الرياض، وصاحب الرياض وإنْ كان في أعلى درجات الوثاقة لكنَّ خبرَه عن وجود إجماع خبرٌ حدسيٌّ اجتهادي.

نعم غالباً ما يكون نقل الاجماع من قبل صاحب الرياض أو صاحب الجواهر أو غيرهما من الأثبات إذا لم يتم اسناده لأحد أو تمَّ اسناده للفقهاء أو الأصحاب أو الطائفة غالباً ما يكون هذا الإجماع المدَّعى كاشفاً عن أنَّ الفتوى المدَّعى عليها الإجماع مشهورة بين فقهاء الطائفة القدماء منهم والمتأخرين فيكون مثل هذا الإجماع صالحاً لجبر ضعف سند الرواية وصالحاً للترجيح بناءً على أنَّ الشهرة من مرجِّحات باب التعارض، نعم لا تكون دعوى الإجماع صالحة لذلك لو تم التنصيص على أنَّه إجماع بين المتأخرين خاصَّة أو قامت القرائن على ذلك.

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

12 / جمادى الأولى / 1445ه

27 / نوفمبر / 2023م