الضمان في اعتداء الكلب المملوك

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

إذا اعتدى كلبٌ مملوكٌ لشخص على أحد من الناس فهل يستحقُّ المُعتدى عليه الضمان على مالك الكلب أجلكم الله تعالى؟

الجواب:

التفصيل في فرض وقوع الاعتداء في دار المالك:

اعتداءُ الكلب المملوك تارةً يقع في دار المالك للكلب، وأخرى يقع في الطريق أو غير دار المالك. فلو وقع الاعتداء في دار المالك فتارةً يكون دخول المُعتدى عليه دون إذن المالك، وأخرى يكون دخولُ المُعتدى عليه بإذن المالك، ففي الفرضيَّة الأولى -وهي وقوعُ الاعتداء من الكلب بعد دخول المُعتدى عليه دار المالك دون إذنه- لا ضمان على المالك، وفي الفرضيَّة الثانية -وهي دخول المُعتدى عليه بإذن المالك- يستحقُّ المُعتدى عليه الضمانَ على المالك.

والظاهر أنَّه لم يقع خلاف في ذلك فقد أفاد صاحب الجواهر(1) أنَّه لم يجد خلافاُ في لزوم الضمان على المالك في فرض كون الدخول إلى الدار بإذن المالك، وكذلك لم يجد خلافاً في عدم الضمان في فرض الدخول بغير إذن المالك، وأفاد رحمه الله أنَّه يظهر من الشيخ الطوسي رحمه الله في المبسوط الإجماع على هذا التفصيل. 

الوجه في التفصيل المذكور:

ويدلٌّ على هذا التفصيل ما ورد في معتبرة السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فِي رَجُلٍ دَخَلَ دَارَ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَعَقَرَه كَلْبُهُمْ قَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِمْ ضَمِنُوا"(2).

وكذلك يدلُّ عليه ما ورد في موثقة زيد بن علي عن آبائه عن عليٍّ (عليهم السلام) أنَّه كان يُضمِّن صاحب الكلب إذا عقر نهاراً، ولا يُضمِّنه إذا عقر بالليل، وإذا دخلت دار قوم بإذنهم فعقرك كلبُهم فهم ضامنون، وإذا دخلتَ بغير إذنهم فلا ضمان عليهم"(3).

ويؤيِّد ذلك أيضاً مرسلة إبراهيم بن هاشم عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: سَأَلْتُه قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ رَجُلٌ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ فَوَثَبَ كَلْبٌ عَلَيْه فِي الدَّارِ فَعَقَرَه فَقَالَ: إِنْ كَانَ دُعِيَ فَعَلَى أَهْلِ الدَّارِ أَرْشُ الْخَدْشِ، وإِنْ كَانَ لَمْ يُدْعَ فَدَخَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ"(4).

التفصيل في وقوع الاعتداء خارج دار المالك:

وإذا وقع الاعتداء من الكلب المملوك في الطريق أو في غير دار المالك للكلب فمقتضى موثَّقة زيد بن عليٍّ هو التفصيل بين فرضية وقوع الاعتداء من الكلب نهاراً ووقوعه ليلاً ففي الفرض الأول يتعيَّن الضمان على مالك الكلب وفي الفرض الثاني وهو وقوع الاعتداء ليلاً لا يكون المُعتدى عليه مستحقِّاً للضمان على المالك، ومنشأ التفصيل كما أفاد السيد الخوئي رحمه الله(5) هو التفريط الحفظ، فحين يعتدي الكلب على أحدٍ نهاراً فذلك ينشأ عن تفريط المالك في حفظه لذلك يجب الضمان على المالك، وعلى خلاف ذلك لو وقع الاعتداء ليلاً فإنَّه لا ينشأ عادة عن تفريط المالك في حفظه لذلك لا يلزمه الضمان، فالتفصيل بين الليل والنهار ليس له موضوعيَّة، فالمدارُ في وجوب الضمان وعدمه هو تفريط المالك في حفظ الكلب وعدمه، فمتى ما صدق التفريط وجب الضمان ليلاً أو نهاراً، ومتى لم يصدق التفريط لا يجب الضمان مطلقاً في الليل والنهار.

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

24 / جمادى الأخرى / 1445ه

6 / يناير / 2024م

---------------------------

1- جواهر الكلام -النجفي- ج43 / ص134.

2- الكافي -الكليني- ج7 / ص353، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج29 / ص254.

3- من لا يحضره الفقيه -الصدوق- ج4 / ص161، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج29 / ص255.

4- الكافي -الكليني- ج7 / ص351، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج29 / ص254.

5- مباني تكملة المنهاج -السيد الخوئي- ج42 / ص311.