الله تعالى يقسم بحياة النبي (ص)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
أين أقسم الله تعالى في القرآن المجيد بالرسول الكريم (ص)؟
الجواب:
أقسم اللهُ تعالى بحياة الرسول الكريم (ص) في سورة الحِجر عند قوله تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾(1) فالخطاب في قوله تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ﴾ موجَّه للرسول (ص) واللام للابتداء، وعَمرُك هو المُقسَم به وهو مبتدأ وخبرُه محذوف تقديره قسمي، فمؤدَّى الجملة عَمرُك قسمي أو عَمرك ما أُقسمُ به، ومعناها أقسمُ بحياتك وجواب القسَم ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.
والعَمْر والعُمْر بفتح العين وضمِّها بمعنىً واحد وهو يعني الحياة الممتدَّة من النشأة إلى الوفاة، والعرب تفتحُ العين حال القسم لخفَّتها، فيقال لعَمري ولعَمرك. ويقصدون من ذلك القسَم بحياة المُقسَم به ومدَّة عمره.
فمفاد الآية المباركة أقسم بحياتك يا رسول الله إنَّ هؤلاء في سكرتهم وغوايتهم يعمهون.
وفي الآية دلالة على أنَّه ما مِن أحدٍ من أنبياء الله ورسلِه وأوليائه وملائكته أكرم على الله تعالى من النبيِّ محمَّد (ص) إذ لم يُقسم في القرآن بحياة أحدٍ منهم غيره (ص) وفي ذلك تعبيرٌ عن عظيم شأنه وعن بركات وجوده الذي يفوق بركات وجود سائر الأنبياء والمرسلين، وقد أُثر عن ابن عباس أنَّه قال: "ما خلق اللهُ نفسا هي أكرم عليه من محمد (ص) وما أقسم بحياة أحد غيره .."(2).
وأثر عنه أنَّه قال: في قول الله: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قال: ما حلفَ اللهُ تعالى بحياة أحدٍ إلا بحياة محمد (ص) قال: وحياتك يا محمَّد وعمرك وبقائك في الدنيا إنَّهم لفي سكرتهم يعمهون"(3).
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
11 ربيع الثاني 1446ه
15 أكتوبر 2024م
1- سورة الحجر / 72.
2- نظم درر السمطين -الزرندي- ص37.
3- جامع البيان -الطبري- ج 14 / ص58.