اقتناء شيء من كسوة الكعبة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
احتفظ عندي بقطعةٍ صغيرة من كسوة الكعبة المشرفة، حصلتُ عليها من بعض الأخوات، وقد سمعتُ أنَّه لا يجوز لي الاحتفاظ بها، فهل هذا صحيح؟ وإنْ لم يجز لي الاحتفاظ بها فماذا أفعل بها؟
الجواب:
الاحتفاظ بالقطعة من كسوة الكعبة المشرَّفة جائز، وذلك لأنَّ كسوة الكعبة الشريفة ليست من قبيل أموال المسجد أو موقوفاته وإنَّما هي من قبيل المال المبذول ليُصرف في جهةٍ مدةً من الزمن ثم يتمُّ صرفه في شأنٍ آخر، فالباذلون لكسوة الكعبة إنَّما يبذلونها لغرض أنْ تكون أستاراً للكعبة سنةً واحدة ثم يتمُّ الاستعاضة عنها بكسوةٍ أخرى، فهم لا يُوقفونها كما هو الظاهر على الكعبة المشرَّفة، كما أنَّها لا تُتخذ من أموال الكعبة الشريفة.
ويُمكن تأييد ذلك كما أفاد السيد الخوئي رحمه الله تعالى بما ورد من جواز بيع كسوة الكعبة والتبرُّك بها. فممَّا ورد في ذلك ما رواه الكليني بسنده عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) عَمَّا يَصِلُ إِلَيْنَا مِنْ ثِيَابِ الْكَعْبَةِ هَلْ يَصْلُحُ لَنَا أَنْ نَلْبَسَ شَيْئاً مِنْهَا قَالَ: يَصْلُحُ لِلصِّبْيَانِ والْمَصَاحِفِ والْمِخَدَّةِ تَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ إِنْ شَاءَ اللَّه"(1)
أقول: الظاهر أنَّ منشأ المنع لبس المكلِّفين لها دون الصبيان هو أنَّها تُتخذ عادةً من الحرير
ومن ذلك ما رواه الشيخ الصدوق عن مسمع بن عبد الملك البصري عن أبي عبد الله الصادق (ع) أنه قال:" لا بَأسَ أن يَأخُذَ مِن ديباجِ الكَعبَةِ فَيَجعَلَهُ غِلافَ مُصحَف أو يَجعَلَهُ مُصَلًّى يُصَلّى عَلَيهِ"(2)
وكذلك ما رواه الكليني في الكافي بسنده عن مَرْوَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (ع) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ شَيْئاً فَقَضَى بِبَعْضِه حَاجَتَه وبَقِيَ بَعْضُه فِي يَدِه هَلْ يَصْلُحُ بَيْعُه؟ قَالَ: يَبِيعُ مَا أَرَادَ ويَهَبُ مَا لَمْ يُرِدْ، ويَسْتَنْفِعُ بِه ويَطْلُبُ بَرَكَتَه، قُلْتُ: أيُكَفَّنُ بِه الْمَيِّتُ؟ قَالَ: لَا"(3)
وقد حُمل النهي عن التكفين بكسوة الكعبة (4) على أنَّ ذلك يُنافي الاحترام نظراً لكون الكفن في معرض التنجس، وأفاد بعضُهم أنَّ منشأ المنع عن التكفين بكسوة الكعبة هو أنها تُتخذ عادة من الحرير ولا يصحُّ التكفين في الحرير.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
-------------
1- الكافي- الكليني- جج4/ 229. وسائل الشيعة - الحر العاملي- ج13/ 257.
2- من لا يحضره الفقيه - الصدوق-ج1/ 264، وسائل الشيعة- الحر العاملي- ج4/ 378.
3-الكافي- الكليني-ج3/ 148، وسائل الشيعة - الحر العاملي- ج3/ 44.
4- شرح العروة الوثقى - السيد الخوئي- ج9/ 101.