النّوم والجماع إلى جهة القبلة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما حكم توجيه باطن القدم باتِّجاه القبلة في حالة النوم؟ وإذا كان جائزًا فهل هو مُخالفٌ لآداب الجماع؟

الجواب:

لم تثبت كراهة النوم على هذه الهيئة ولكن ورد رجحان ومحبوبية الاستقبال بالوجه حين النوم، فيكون النوم على الطرف الأيمن من الجسد، ويحسن أن يضع يمينه تحت خده متوسداً لها، فقد روى الحسن بن علي العلوي عن الإمام الرضا (ع) قال: "لنا أهل البيت (ع) عند نومنا عشر خصال: الطهارة، وتوسّد اليمين، وتسبيح الله ثلاثًا وثلاثين وتحميده ثلاثًا وثلاثين وتكبيره أربعًا وثلاثين، ونستقبل القبلة وجوهنا، ونقرأ فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، ونشهد أن لا إله إلا هو -إلى آخرها-، فمَن فعل ذلك أخذ حظَّه من ليلته"(1).

وروي أيضاً بسندٍ معتبرٍ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) اذا توسَّد الرجل يمينه فليقل: "بسم الله اللهم إنِّي أسلمتُ نفسي اليك، ووجهتُ وجهي اليك، وفوَّضت أمري اليك، وألجات ظهري اليك، وتوكَّلتُ عليك رهبةً منك، ورغبةً اليك، لا ملجا ولا منجا منك الا اليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولِك الذي أرسلت، ثم يُسبِّح تسبيح فاطمة الزهراء، ومَن أصابه فزعٌ عند منامه فليقرأ اذا آوي الي فراشه المعوذتين وآية الكرسي"(2).

وأمَّا الجماع إلى جهة القبلة فهو وإنْ كان جائزًا إلا أنَّه مرجوح، فقد ورد في الفقيه للصدوق بسنده إلى جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (ع) -في حديث المناهي- قال: "نهى رسولُ الله (ص) أنْ يُجامع الرجل أهلَه مستقبل القبلة، وعلى ظهر طريقٍ عامر، فمَن فعل ذلك فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس اجمعين"(3).

وورد عن أبي عبد الله (ع) "أنّه كره أن يُجامع الرجل مقابل القبلة"(4)، وفي نصٍّ آخر عنه (ع): "أنَّه كُره أنْ يُجامع الرجلُ ممَّا يلي القبلة"(5).

أقول: الظاهر رجوع قوله: "فمَن فعل ذلك فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس اجمعين" إلى خصوص مَن جامع على ظهر طريقٍ عامر، وذلك للمناسبة بين الفعل والجزاء، إذ أنَّ الجماع على ظهر طريقٍ عامر يكون مظنَّة الانكشاف للعورة أمام الناظر الأجنبي، وهو محرَّم ومستقبح، ومنافٍ لما أمر به القرآن المجيد من الحفظ للعورة من أن تكون في معرَض النظر كقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾(6) وقد ورد في الفقيه أنَّه سُئل الصادق (عليه السلام)" عن قول الله عز وجل: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ فقال: كلُّ ما كان في كتاب الله تعالى من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا إلا في هذا الموضع فإنَّه للحفظ من أنْ يُنظر إليه"(7).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 73 ص 210.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 6 ص 447.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 20 ص 138.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 20 ص 138.

5- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 20 ص 138.

6- سورة النور: 30.

7- من لا يحضره الفقيه - الصدوق- ج1/ 114.