موقفُ الإمام عليٍّ (ع) من مقتل عثمان

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

في أيِّ إتجاهٍ يمكن أنْ نُصنِّف موقف أمير المؤمنين الإمام عليِّ بن أبي طالب (ع) من قتل عثمان بن عفان، هل كان مؤيِّداً أو معارضا؟

 

الجواب:

لم يكن الامام عليٌّ (ع) مؤيِّداً لقتل عثمان بل ولا راضياً بل كان قد بذل كلَّ جهدٍ متاحٍ من أجل أنْ تتجاوز الأمَّةُ الفتنة بغير قتل عثمان، فهو أكثر مَن بذل النُصح لعثمان والناقمين الثائرين عليه، فما أصغى عثمانُ لنُصحه فأصلح من سياستِه، وما استمع الناقمون على عثمان لنصيحة عليٍّ (ع) فتلطَّفوا في معارضته. 

 

وقد أوجزَ الإمام عليٌّ (ع) موقفه من الطرفين بقوله: "وأنا جامعٌ لكم أمره -عثمان- استأثرَ فأساءَ الأثَرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، ولله حكمٌ واقعٌ في المستأثِر والجازع(1).

 

وذكر الطبري في تاريخه أنَّ عليَّاً (ع) قال لسعد ابن أبي وقاص بعد أنْ طلب منه التدخُّل في شأن عثمان: "ما زلتُ أذبُّ عنه حتى إنَّي لأستحي ولكنَّ مروان ومعاوية وعبد الله بن عامر وسعيد بن العاص هم صنعوا به ما ترى، فإذا نصحتُه وأمرتُه أنْ يُنحِّيهم استغشَّني حتى جاء ما ترى .."(2).

 

فعليً (ع) بمقتضى هذا النصِّ ونصوصٍ أُخرى كثيرة ظلَّ ناصحاً لعثمان من أجل أنْ يتجاوز به أَثر هذه الفتنة ويسدَّ على الناقمين الذرائع التى تمسَّكوا بها بغيةَ عزله أو قتله إلا أنَّ عثمان لم يكن يُصغي لعليٍّ (ع) وكان قد اتَّخد لنفسه بطانةً من قومه وذوي قرابته مكَّنها من مقدَّرات المسلمين.

 

وهم المذكورون في هذا النصِّ وأشباههم، فرغم أنَّهم كانوا هم المنشأ فيما آلت اليه الأمور إلا أنَّ عثمان كان يُصرُّ على استوزارهم وبسْط أيديهم على مقدَّرات المسلمين.

 

ولم يكن الناقمون يقبلون بأقلَّ من عزلِهم أو اعتزال عثمان رغم ما بذله الإمام عليُّ (ع) لهم من نُصحٍ بالصبر والتلطُّف في الطلب، فوقع ما وقع على غير رضىً منه، وقد أعذر في الأمر فيما بينه وبين ربِّه جلَّ وعلا إلا أنَّه "لا رأيَ لمن لا يُطاع"(3).

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج31 / ص499.

2- تاريخ الطبري -الطبري- ج3 / ص410.

3- نهج البلاغة -خطب الإمام علي (ع)- ج1 / ص70.