اعتماد الكتب غير المعتبرة في الخطابة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد

إنّ من الأمور التي تدعو المسؤولية الدينيّة للتنبيه عليها هو اعتماد بعض الخطباء خصوصًا من النِّساء على بعض الكتب المتداولة في الأسواق دون التوثُّق من سلامة مضمونها. وتراهم يتناولونها في مجالس التعزية وكأنها من المسلَّمات.

إنّ ممّا يبعث على الأسف هو أنْ يتصدَّى للكتابة حولَ أحداثِ النهضة الحسينيَّة بعضُ من لا خبرةَ له بالتأريخِ ولا معرفةَ له بالمصادر المعتمدة ولا قدرة له على تمييز الغثِّ من السَّمين، وذلك لعدم إحاطته بالمعايير الشرعيَّة والعقلائيَّة التي يتمُّ التعرُّف بها على ما هو الصحيح ممَّا هو فاسد.

ولذلك نجد الكثيرَ من الكتب مليئةً بالأساطير التي قد لا يكونُ لها أصلٌ، وليس لها مستندٌ سوى نسجِ الخيال وإيحاءاته، أو يكون لها أصلٌ إلا أنَّ الكاتبَ أو من اعتمدَ عليه قد أضفى عليها من مخيِّلته ما يُناسب غرضَه.

والغرضُ قد لا يكون سيِّئًا، وقد تكون نيَّة الكاتبِ سليمةً، فهو قد يقصد مما يكتبُ أنْ يثيرَ شُجون قُرَّائه ويحرِّك عواطفهم، إلاَّ أنَّ هذا القصدَ لا يبرِّر الافتعال لأحداثٍ لم تكن قدْ وقعت وصياغتَها وكأنَّها قد وقعت.

إنَّ مأساةَ الحسين الشَّهيد (ع) منَ العظمةِ بمستوىً لا نحتاجُ معها إلى المزايدة، ولو أنَّنا وقفْنا على ما ذكرَه المؤرِّخون والمصادرُ المعتمدة، لوجدنا فيها الكثيرَ ممَّا يثيرُ الشَّجنَ ويدمي القلبَ فنحنُ في غِنًى عمَّا تنسِجُه أوهامُ من يكتبون لمجرَّد الكتابة.

أدعو الأخواتِ الكريماتِ والإخوةَ الخطباءَ أن يتفهَّموا خطورةَ موقعِهم والمسؤوليَّةَ الشرعيَّة المناطةَ بهم، وعليهِم أن يُدرِكوا أنَّ آثارًا وخيمةً قد تترتَّب على عدم تحرُّزِهم في مقامِ النَّقل لأحداثِ النهضةِ الحسينيَّة.

وإذا كانوا لا يميِّزون بين الكتبِ المعتمدةِ من غيرها، فاللاَّزِمُ عليهِم شرعًا أن يسألوا العلماءَ عن ذلك.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

7 / محرم / 1427هـ